الموظفون محاربون من مسافة صفر
في جائحة كورونا ظهرت قضايا من المهم الانتباه لها وخاصة في فلسطين، أهمها أن الموظفون في القطاع العام في كل العالم ثبِتوا في مواقعهم في مواجهة فايروس كورونا، ورأس المال وقَف عاجزاً حتى في الدفاع عن نفسه، وتخاذل جزء كبير من الشركات و رجال الأعمال ولَم يلتزم حتى لعماله.
موظفوا القطاع العام 90٪ منهم قطاع صحي وأمني ومالي وزراعي جميعهم صمدوا في عملهم بل وعملوا ضعف ساعات العمل الطبيعية، ولَم يكونوا في بيوتهم كما قال البعض، وهنا أذكر فدائيوا القطاع الصحي من مختبرات وممرضين وأطباء، هؤلاء تعاملوا مع الفايروس من مسافة صفر ليحموا شعبهم، مُنعوا من العودة لمنازلهم وأطفالهم وهناك أطباء فلسطينيون إستشهدوا في دول العالم وهم يدافعوا عن حياة الانسان منهم "د. نبيل خير" من بيت ساحور الذي كان يعمل في مشافي إيطاليا ومع الجاليات الفلسطينية ومات بسبب فايروس كورونا وآخرين غيره رحمهم الله جميعاً.
الموظفون عند حجز أموال المقاصة في بداية العام الماضي إستمروا بلا رواتب يخدموا شعبهم وكانوا سيفا بيد شعبهم وليس سيفا على رقاب الوطن، الموظفين في كل نكبة أو هجرة تبرعوا من رواتبهم رغم عدم كفاية رواتبهم لآخر الشهر فقد تبرعوا لمخيم البارد والبداوي ومخيم اليرموك ومصابي مرض السرطان.
الموظفون قدموا الشهداء على الحواجز فارتقى الشهيد فايز سلامة من عنبتا أثناء عودته من العمل والشهيد المهندس ناصر جوابرة الذي كان يعمل مهندساً لمواجهة الاجتياح الاسرائيلي، ومنهم الاسرى حُكِموا بالمؤبدات مثل سائد كمال من دورا الفرعون، ناهيك عن أبطال الأجهزة الأمنية الذين ارتقوا شهداء في هبة النفق قادتهم في السجون لا زالوا مثل الشوبكي وسمور والقائمة طويلة.
الموظفون جيش الشعب وأبناءه الصادقين المرابطين الفدائين لا يجوز بأي حال من الأحوال مهاجمتهم أو التنمر عليهم.
عدد الموظفون الآن 153 ألف موظف منهم 77 ألف موظف في غزة، وهولاء نعلم ظروفهم ورغم ذلك هناك العاملون في الصحة والزراعة والأشغال والمواصلات يعملون حتى اثناء الحروب، بقي 86 ألف موظف في الضفة الغربية منهم 40 ألف موظف عسكري تقريبا هؤلاء لم يناموا وواصلوا الليل بالنهار حتى الآن وهم في حالة إستنفار يقفوا على الحواجز "حواجز المحبة" لحماية الشعب، فهم أول من يلتقي بالمصاب بالفايروس وينقلوه ويوصلوه للمشفى، هؤلاء من يحرسوا المحجورين ويتابعوا المختلطين ويحرسون المؤسسات ويحفظوا الامن، إنهم يحملون أرواحهم على أكفهم دوما، أليسوا هؤلاء من يذهبوا بالحروب للدفاع عن الوطن ونحن في بيوتنا؟؟ هل هؤلاء لا يستحقون رواتبهم؟.
المعلمون 20 ألف معلم في الضفة يُدرسون أبنائنا من بيوتهم عن بُعد ثم الآن سيذهبون لمراقبة طلاب التوجيهي الذين من الممكن أن يكونوا يحملوا الفايروس دون خوف أو تردد، المعلمون سيكملون تصحيح الامتحانات، هل هؤلاء جالسون في بيوتهم ولا يستحون رواتب؟؟
12 ألف موظف في القطاع الصحي، قلنا فيهم ما يقال فهم الفدائيون الذين يكونوا في مواجهة الفايروس من مسافة الصفر فهل هؤلاء لا يستحقون رواتبهم؟
هل هؤلاء جالسون في بيوتهم؟
باقي الوزارات 14 ألف موظف، هناك موظفي الزراعة استمروا في عملهم، موظفي المالية لم يتغيبوا وإستمروا في خدمة شعبهم، موظفو المواصلات عملوا ايّام وأيام أخرى لم يعملوا، موظفوا الأشغال، موظفوا الاتصالات، موظفوا الرئاسة، موظفوا الاقتصاد، موظفوا الشؤون الاجتماعية، هل جلسوا جميعهم في بيوتهم؟؟ ولا يستحقوا رواتبهم؟
لا وألف لا، هؤلاء هم رأس الحربة، فهل مقبول أن نقول ونطالب بدفع خسائر من تعطلوا وتم حجرهم في بيوتهم ونطلب وقف رواتب الموظف الذي ضاعف عمله في جائحة كورونا، وعمل في نسبة خطورة تصل للمخاطرة بحياتهم كما موظفي الصحة والأمن، هل هكذا ننصفهم؟.
نحن الموظفون مدنيون وعسكريون محاربون من مسافة صفر عن كل شعبنا ونفخر بذلك، وشعبنا يُقدر ذلك، وآن الاوان أن نخرج من صمتنا لنقول أن رأس المال ليس كله تخاذل ولم يقدم الكثير منهم مما ادخر ليقف مع من تضرروا في زمن الكارثة، هل تريدون أن نذكر الشركات ومحلات الصرافة و رجال الأعمال وتجار المواد الغذائية وتجار المواد الطبية والكازيات؟ ونقول لكم بالإسم أن هؤلاء لم يتبرعوا حتى بشيكل واحد ولدينا كشوف سننشرها إن تطلب الأمر، وبعضهم معفي من الجمارك ويتهرب من الضريبة، هل شاركت الكثير من مؤسسات المجتمع المدني كما شارك الموظفون، ومن شارك في مواجهة الوباء أكثر من موظفي القطاع العام؟.
أخيراً نقول لشعبنا وللحكومة هؤلاء الموظفون مطلوب تكريمهم وليس جلدهم، إتقوا الله بهم إنهم أبناءكم المخلصون المحاربون في معركة كورونا من مسافة صفر.