الى حركة حماس
الحركة الوطنية الفلسطينية شهدت منذ بداية تنفيذ المخطط الاجرامي الصهيوني ضد وطننا وشعبنا، الكثير من حالات المد والجزر وتقلبات عديدة. وتعددت الفصائل والأيديولوجيات وطرق عملها ومدى شعبيتها. وفي كل المراحل وجد التعصب للفصيل وان بتفاوت بين فصيل واخر واختلفت قوته في مراحل مختلفة.
ولكن في المجمل حافظت الفصائل على فهمها ان كل منها يمثل قطاعا شعبيا وانهم جميعا يكملون بعضهم بعضا ويعبرون عن فسيفساء المجتمع، والاهم انهم كلهم في نفس الخندق ضد العدو المشترك الذي لا يفرق بين فلسطيني واخر.
واتسمت الساحة الفلسطينية، على الاقل بعد احتلال الضفة وغزة، بحرية الرأي والتعبير عنه وبالنقاشات العاصفة في السياسة والثقافة وكل المجالات ولذلك كنا نعتقد اننا مختلفون عن غيرنا. وكان دائما هناك المشترك الذي يجمعنا.
وكانت كلما احتدت الخلافات سرعان ما نعود للقواسم المشتركة فعندما خرجت جبهة الرفض من منظمة التحرير عادت بعد فترة قصيرة ودون وساطات غير فلسطينية او لنقل ان التدخلات غير الفلسطينية لم تحل دون عودة الوحدة. وكذلك الامر حين حدث الانقسام بعد اتفاق عمان ولم يدم طويلا.
بعد تأسيس حركة حماس شهدنا نهجا مختلفا عن باقي الفصائل وتعصبا مختلفا عن الذي عرفناه.
وانا بحكم انني انتقد اخطاء الجميع على مدى سنوات واحيانا بشكل صارخ ومباشر الاحظ الفرق بوضوح.
حين اكتب عن عقم فصائل اليسار وعجزها اجد الكثير من اعضاء ومناصري اليسار يناقشون ما اقول ويتفقون على الاقل ان الموضوع يجب ان يناقش. وقليلا جدا تجد من يتهجم ويسيء لانك كتبت ما كتبت ودون الخوض في نقاش مع افكارك.
اما حركة فتح فاي مراقب يجد مناصريها منفتحون اكثر على نقاش الانتقادات الموجهة الى قياداتها ورئيسها، ومن منهم يسيء الى الكاتب ويتهجم عليه هم عادة من المستفيدين من الفساد او الاغبياء الطامحين لوظيفة او ترقية. بل وتجد من قياداتهم ومناصريهم من يدافع عنك وعن انتقاداتك ضد الفاسدين والمدعين في الحركة.
اما حركة حماس (وانا من منتقدي اخطائها) فلا تجد سوى سيوف تشرع وتهجم واحيانا بغباء يسارع انصارها الى المقارنة مع اخطاء فتح وكأنها مبررا او كأننا في سباق مَن اخطاؤه اكثر. تعصب من نوع جديد على الساحة الفلسطينية.
ان يصرح احد قادة حماس بان حماس هي من ادخلت الاسلام الى فلسطين ولا تجد احدا من حماس ينتقد هذا القول شيء لا يصدق بل ويخيف الفلسطينيين من الحركة وما تقوم به.
وان يصرح قائد اخر سنقطع يد من تقف في وجه رجال الامن حتى لو كانت ام لمئة شهيد ايضا لا يصدق هل يعقل ان يصدر هكذا قول عن قائد فصيل وطني يريد تخليص شعبه من الاحتلال.
ان اية حركة فلسطينية لا يمكن لها ان تنجح الا اذا احترمت شعبها فهي اولا واخيرا وجدت لحماية هذا الشعب وتخليصه من اعدائه وليس فقط لحماية عناصرها ومناصريها. والغبي فقط من لا يرى خسائر حركة فتح جراء تعاملها الخاطيء الذي خسرها الانتخابات وكثيرا من شعبيتها. والغبي من لا يرى ان شعبية حماس الامس ليست مثلما هي اليوم.
الانتقاد والنقاش دائما مفيد وفقط مفيد ومن لا يفهم سوى لغة القوة مصيره سيكون بائس.
وحين نناقش ما يفعله الامن مع ابناء شعبنا يجب ان نناقش بعقل متفتح ونسمع ما يقوله الاخر فلا احد منزه عن الخطأ وحركة حماس مثل غيرها فيها فساد ولديها اخطاء واحيانا اخطاء جسيمة وعدم الحديث عنها وعدم معالجتها نتيجته اولا ضارة جدا بالحركة نفسها ثم بالشعب والقضية.
التعصب الاعمى يدمر صاحبه.
ومن يعتبر نفسه وصل الى درجة الكمال هو عمليا يعلن انه بدأ في الانحدار.