رامي.. الحنين لِمَيس
يأتي هذا المقال استكمالاً لمقالي السابق بعنوان» نداء الضحية»، وهنا سأتحدث عن نموذج مُحدد لضحية أخرى من ضحايا الاحتلال الاستعماري الصهيوني عبر مسيرة النضال والصمود لشعبنا العظيم، هنا أتحدث عن عائلة فلسطينية مكونة من الزوج: رامي فضايل وزوجته: حنين نصار وطفلتهم ميس (13 عاما).
رامي أعرفه من الزمن الماضي خلال نشاطه الحيوي الوطني كونه ابن الحركة الطلابية في جامعة بيرزيت، أمضى حياته في سجون الاحتلال بين دخول وخروج، وهو في هذه اللحظة معتقل إداريا منذ عدة أشهر بسجون الاحتلال، زوجته حنين نصار بنت المناضلة المرحومة مها نصار التي تنتمي الى مدرسة الفكر والممارسة والإندماج العملي اليومي مع الشارع.
قبل أيام اعتقلت قوات الاحتلال، حنين ( 35 عاما)، من منزلها في حي الطيرة بمدينة رام الله، وقد بقيت طفلتها ميس وحيدة في المنزل، هذا المشهد الذي عاشته الطفلة هو ذات المشهد الذي عاشته والدتها عام 1988 عندما تم اعتقال مها نصار، وقد ظلت حنين في حينها وحيدة بالمنزل برفقة إخوتها وأخواتها الأطفال.
رامي.. حنين.. ميس.. عندما يكون النضال عبارة عن الإرث الذي يتم تناقله عبر الأجيال تصبح القضية الفلسطينية بأيدي من يستطيع حملها من خلال الخبرة والحكمة، ومع كل هذه المسيرة النضالية لهذه العائلة يبقى السؤال هو هل استطعنا_ نحن_ القيام بما يجب ان يقوم به كل فرد منّا تجاه هذه العائلة؟!
للأسف الشديد نحن نتعامل مع «الضحية» مجرد رقم و/أو خبر لا أكثر ولا أقل، حتى الخبر أصبح يمُر مرور الكرام دون أن نمتلك رؤية إعلامية في كيفية الحديث عن الضحية حتى بوسائل الإعلام المحلية، حاولت البحث عن أي عمل صحافي حول الطفلة ميس فلم أجد؟! أين نحن أولاً وأخيراً من أنفسنا حتى يكون الآخرون معنا!! أين نحن من رواية الضحية اليومية وتوثيقها ونقلها الى العالم حتى يشاهد أفظع الانتهاكات والممارسات للإنسانية في العصر الحديث.
أدواتنا يجب أن تكون أكثر لياقة في نقل هذا الظلم اليومي من خلال إستراتيجيات إعلامية عالمية، كم فلسطينيا يعلم ماذا حدث مع ميس؟ وكم عربيا؟ وكم أوروبيا وأميركيا؟ بالتأكيد أرقام لا تذكر، لكن ماذا لو كانت الضحية إسرائيليا؟! سنجد وبكل تأكيد بان العالم كله سيقف على قدم وساق من أجل انقاذها وتقديم كل ما هو مطلوب لإظهار الإنسانية وأنهم غير معادين للساميةّ!!
أدعو هنا كل جهات الاختصاص وعلى رأسهم المؤسسات الإعلامية الحكومية بوضع رؤية استراتيجية في إعادة صياغة الضحية ليس كما نحن فقط نراها؛ وإنما كيف على الآخرين أينما كانوا في العالم أن يشاهدوا الضحية اليومية التي تتجدد بأشكال مختلفة، وأيضاً تشبيك جميع أدواتنا وقوتنا المنتشرة في كافة أماكن تواجدنا وخصوصاً من خلال وسائل التواصل الاجتماعي بإعادة إحياء الضحية على الساحة العالمية.
ميس ليست مجرد طفلة غاب والداها بسبب اعتقالهما من قبل قوات الاحتلال، وإنما هي الطفلة التي يجب أن نكشف من خلالها الاحتلال الذي يتقن إخفاء أنيابه التي ينهشنا بها.