نساء عمِلن للقدس بصمت بعيداً عن عدسات الكاميرا
اردنية المنشأ، يافاوية النضال ومقدسية الهوى.
أليس سحار قصة حياة مليئة بالعطاء، وهبتها للعمل الخيري وخاصة رعاية الايتام في فلسطين. هذه قصة سيدة فريدة من نوعها ، ضحت بحياتها للأطفال إنها قصة إيمان ومحبة وتفان. كانت دائما تردد: "بأية لغة يبكي الطفل"؟ كدلالة على أن الاطفال كلهم سواسية بغض النظر عن دينهم او لونهم او جنسهم، قام العديد من الكُتاب الاجانب بكتابة قصة حياتها واضعين عبارة "باية لغة يبكي الطفل؟" كعنوان للكتاب.
أليس سحار كانت طفلة صغيرة في أيام النكبة لم يتجاوز عمرها اثنى عشر عاماً، درست في مدرسة الشميدت في القدس واقامت بسكن داخلي. كانت يومها في يافا مع والدتها، شهدت التنكيل والتشريد الذي تعرض له أهل يافا، فلم تنسى هذه الصور التي أثرت فيها طوال حياتها. في منتصف الخمسينيات عملت في مدرسة دار الأولاد في القدس وتزوجت من مدير المدرسة باسل سحار عام 1959 في القدس.
بعد بضع سنوات جاءت هزيمة 1967 التي إستمرت لعدة أيام لتشكل موقف مفصليٍ آخر في حياتها، حيث لجأ الى مدرسة دار الأولاد العديد من العائلات أملاً في الحماية. كانت أليس تخرج في الحرب لتجد الطعام للمختبئين في المدرسة، كما ساهمت في طفاء النيران في المسجد الاقصى حين احرق في عام 1969.
قامت في بداية السبعينيات بتأسيس جمعية جيل الأمل الخيرية في بيت صغير في العيزريه قرب القدس لرعاية الاطفال المحتاجين والنساء والعائلات. كان لديها ثلاثة أبناء وثلاثة بنات إلا ان مئات الاطفال كانوا ينادوها "ماما". عملت مع زوجها للحصول على الدعم اللازم لاقامة الجمعية، فأجريا الاتصالات مع فاعلي الخير من المجتمع المحلي والمؤسسات الأجنبية الخيرية ، فاشتريا أرضا وأقاما بنائين كبيرين ، احدهما مكاتب للإدارة وصفوف دراسية والثاني مطابخ وغرف نوم، ومغسلة ،وعيادة طبية وحدائق وملاعب.
في حوار لها حول الارض التي قامت بشرائها في منطقة العيزرية لبناء مقر جديد للجمعية، تقول: "حين قمت بشراء الارض كان اسمها "الجاسوس" فكرت بالاسم وقلت لا بد ان يعني شيئا، ولكن لم يكن لدي وقت للبحث، بالصدفة إحتجَ جارنا على بناءنا جدار المدرسة فذهبنا الى مكتب تسجيل الاراضي لنثبت حقنا في بناء الجدار، ولحسن حظي وجدت ان المقصود بكلمة جاسوس هو Jesus اي المسيح، وهذا منطقي جداً فالأرض المجاورة هي تابعة للكنيسة وقبر اليعازر بجانب هذه الارض".
هذه السيدة العظيمة قامت بعمل لم تقم به حكومات، كانت تعمل خلف الكواليس وبصمت رهيب، لم تعمل لِتُشهد احد على عملها ولكن عملت ليكون لها تأثير في حياة الآخرين. تقول ابنتها، كان عزائها مليء بالناس الذين اخذوا يسردون القصص عنها، وفجأة بدء احدهم بالبكاء قائل الآن اصبحت انا يتيماً.
ويقول الكاتب جميل السلحوت: أليس ليست في بلاد العجائب، أليس هنا في العيزرية.
رحمها الله وجعلها عملها في ميزان حسناتها.