حماية موسم الزيتون حماية للوجود الفلسطيني
مقالات

حماية موسم الزيتون حماية للوجود الفلسطيني

كل شي في "الدولة "هو لخدمة المشروع الكولونيالي الاحتلالي من أجل نهب المزيد من الأرض لتكريس امر واقع فيها كل شي بمعنى كل شي منذ وطأت أقدامهم ارض فلسطين يسخر لخدمة ذات الأهداف، ومن أجلها يتم ممارسة كل هذه الممارسات فمن منظومة القضاء التي حكمت بالأمس بالإعدام على الأسير المضرب عن الطعام ماهر الأخرس بعد رفضها اطلاق سراحه، وهو يصارع الموت في اضراب مفتوح عن الطعام رفضا لاعتقاله الإداري وهو ما يكشف تورط ما يسمى منظومة القضاء في الجريمة رغم محاولة تسويق مسرحية لمدى الديمقراطية التي تحكم اسرائيل، ثم الوكالة اليهودية التي سهلت الهجرات منذ ما يزيد عن مائة عام لبدء المشروع الاستيطاني في فلسطين الى ما يجري اليوم من حرب ضروس على موسم الزيتون بهدف ترويع المزارعين، ومنعهم من الوصول لارضهم لجني ثمار زيتونهم الذي ينغرس فيهم أباً عن جد ومن سالف الزمان.

ما يجري من عمليات هنا وهناك ليس منفصلا، وهي ليست مجرد حوادث بل هو في اطار عملية منظمة تقودها منظومة (الدولة) بكل مكوناتها، وادواتها، وتوظف فيها كل الإمكانات من اجل خدمة مشروع واضح المعالم التطهير العرقي للقضاء على الوجود الفلسطيني في الأرض الفلسطينية من بورين الى برقة مرورا ببيت دجن، وعصيرة، وشوفة، والاغوار، وسلفيت، ونعلين، ومسافر يطا، وريف بيت لحم، وعشرات المواقع التي تتعرض لاعتداءات يومية من المستوطنين المدججين بكل الأسلحة منع الناس من الوصول لأراضيهم، إغلاق البوابات الحديدية، اعتداءات بالضرب المبرح، وبالعصي والحجارة، والأدوات الحادة، استخدام للمسامير من أجل اعطاب اطارات المركبات الفلسطينية، ومنعها من الوصول للأرض كل ذلك وغيره هي دلائل، وشواهد عما يجري في بلادنا من ممارسات تتم بغطاء رسمي تغطيها دولة كاملة ترعى هذه الاساليب رعاية كاملة، وتمد غلاة التطرف بكل المقومات المادية، والمعنوية، وتوفر لهم الغطاء السياسي، والقانوني لتنفيذ مخططات(مبيتة) وارهابية يجري إخراجها اليوم في إطار تنسيق المواقف بين منظومة الدولة، ومشروع الاستيطان بوصفه امتدادا لها، واحدى تعبيرات وتجليات المشروع التي قامت، وتقوم عليها بنية "الدولة " وبدون المشروع لا دولة فهي وليدة المشروع، وامه، وحاضنته حتى النهاية، وما جاء في احد التقارير الصحفية قبل ايام قليلة يثبت بالوجه القطعي عمليات السرقة، والنهب الوحشي للقرى والبلدات في  جرائم تقشعر لها الابدان على ما ورد في التقرير جرت ابان النكبة، وما رافق تلك المرحلة من ويلات على يد العصابات الصهيونية، وابادة عشرات القرى، والبلدات بكاملها، واجلاء اهلها الذين ما يزالوا حتى اليوم يحلمون بحق العودة لتلك القرى، والبلدات، ولم تغيب ذكريات الطفولة عنهم بعد ان غادروها بقوة المجازر الدموية التي مورست فيها.

اليوم تشهد عشرات القرى، والبلدات الفلسطينية في الضفة الغربية مشاهد مماثلة بطرق اخرى في محاولة لتحويل موسم الزيت الى موسم من الدم في سياقات قد تختلف الادوات، وطرق الاخراج لكن الهدف هو ذاته وإلا ماذا يعني اصابة عشرات المواطنين خلال أيام قليلة بالجراح !! وتعرضهم للضرب المبرح من قبل المستوطنين، وبمشاركة، وحراسة جنود الاحتلال الذي وفروا الحماية، وحرسوا تلك الاعتداءات من اجل تأمين إتمام جرائمهم بحق المواطنين العزل، والاحتلال يدرك ويعرف تمام المعرفة مدى الارتباط الوثيق بين الإنسان الفلسطيني، وشجرة الزيتون ليس فقط لدواعي اقتصادية على اهمية ذلك، وانما ايضا بما تمثل من عمق الرواية والتاريخ، وحفظ التراث الإنساني، والوطني للشعب الفلسطيني جيلا بعد جيل .

وأمام المخاطر الجدية التي قد تكون الارياف فيها مسرحا لحمام دم في حال استمر الوضع على ما هو عليه الذي يريدون ان يكتسي الزيت الاخضر والاحمر القاني وما تحضر، وتعد له عصابات المستوطنين، وهم ليسوا مجرد عصابات بل هم قوة الفعل المنظمة الحقيقية لدولة الاحتلال في الأرض الفلسطينية، والتي عليها تقع مسؤولية مهاجمة القرى، والبلدات في تقاسم للأدوار من اجل تنفيذ الاعتداءات بهدف اجبار سكانها على الرحيل، وبين ايديهم، وبحوزتهم عشرات الاف قطع السلاح بما فيها المدافع الرشاشة، والبنادق الالية، وهي تستخدم في لحظة ما ومرحلة ما لاحكام السيطرة بينما تخصص لهم الموازنات الضخمة بلا حدود، وتغدق عليهم الاموال، ويتم تقديم اعفاءات ضريبة، وتزويدهم بأنظمة الحماية والحراسة، والسهر على راحتهم وسلامتهم، وتوفير الغطاء القانوني للدفاع عنهم، وهم اضافة الى ذلك القوة الاولى المؤثرة في كنيست الاحتلال، وكذلك العمود الفقري لحكومة نتنياهو/غانتس بل هم احدى اهم مركبات (الدولة) التي لا تستطيع اي جهة القفز عنها او تجاوزها، وبالتالي امام هذه الصورة نحن بحاجة لاخذ الموضوع على محمل الجد بكل معنى الكلمة، وتحمل المسؤولية للجم هذه الاعتداءات، ووقفها بكل ثمن قبل اتساعها - اي ان نبادر لان نكون في دائرة الفعل لا ان نبقى نتلقى، وبشكل ملموس علينا تعزيز صمود الناس في ارضهم على مستوى الحكومة، والسلطة بكل مكوناتها اولا ترجمة لقرارات التحلل من العلاقة مع دولة الاحتلال، وان يتم احداث تغيير جوهري على وظيفة السلطة لتكون سلطة في خدمة شعبها ولشعبها، وليس اي شي اخر، وان يجري العمل على اطلاق المبادرات الجماعية لجني ثمار الزيتون خصوصا في المناطق المتاخمة لجدار الفصل العنصري، والمستوطنات، والطرق الالتفافية فهو ليس مجرد موسم، وان يتم مد يد العون، واطلاق حملات دعم المزارعين من المؤسسات الاهلية العاملة في قطاع الزراعة، والبيئة والمياه، اضافة لتخصيص ايام من مؤسسات القطاع الخاص، والشركات المتنفذة الكبرى والبنوك وغيرها من اجل دعم ومساندة المزارع، المطلوب (فزعة) تنتصر لصرخات المزارعين في الجبال، والحقول، ونظام (العونة) باوسع، وارقى نماذج الانتماء الوطني التي تمثل التحام الانسان بارضه، والى جانب ذلك مطلوب العمل على تفعيل المقاومة الشعبية، والتصدي لاي اعتداء لغربان الليل القتلة من ارباب مدارس الحقد، والعنصرية في ايتمار، ويتسهار، وكريات اربع، وشيلو وغيرها بشكل يردعهم، ويمنعهم من الاقدام على اي اعتداء، ويجعلهم يفكرون الف مرة قبل التحرك لتنفيذ او مهاجمة اي قرية او تجمع او حتى شجرة علينا اعلان الاستنفار بكل الجهود، والامكانات لمنع الاستفراد بالمزارع الذي اعتماده الأساس على شجرة الزيتون، وزراعة أرضه، ولا يجوز ان يترك وحيدا في مواجهة هؤلاء القتلة .

ما جرى في برقة قرب رام الله هو نموذج لحرب حقيقية تشن بإصرار لترحيل الشعب الفلسطيني، وصراع واضح عنوانه الأرض التي مثلث جوهر المشروع الصهيوني في بلادنا، وحمايتها هو امتحان الجميع، ونحن نتحدث ان لا نكبة جديدة لان مشروع الضم يتم بصمت وهدوء، وشارف على نهايته، وإحدى ركائزه الأساس اقتلاع الشعب الفلسطيني من أرضه ووطنه، واعتداءات المستوطنين المتصاعدة هي الانعكاس الفعلي، والتطبيق العملي لخطة الضم، وفي حال استمر الصمت عليها فانها مرشحة للاتساع وصولا الى وضع لا يمكن احتماله او تصوره او القبول به اي بات علينا أن نجند كل الطاقات الشبابية في الجامعات، والمعاهد لاحياء روح العمل التطوعي، المجالس البلدية، الحكم المحلي الكل مسؤول وله دور مباشر، والكل مستهدف مطلوب المباشرة بتشكيل لجان الحراسة، والحماية الشعبية، ومدها بالامكانات اللازمة، واستلهام تجربة الانتفاضة الأولى العام 87 واستخدام مكبرات الصوت في المساجد في القرى التي تتعرض للاعتداء، والقرى المجاورة لتهب لنجدتها إذ بالتعاون، والتكاتف يمكن وقف هذه الاعتداءات رغم شح الامكانات إضافة لتخصيص موازنات عاجلة للقرى والبلدات التي تعاني، وتوفير كل الخدمات الاساسية، والبنى التحتية لافشال مخطط الاحتلال هذه القضايا بالامكان العمل عليها وهي ضمن الامكانات، ونحن نملك الارادة  للعمل، والمباشرة باتخاذ وسائل وتدابير حماية شعبنا، ومطالبة العالم بتوفير هذه الحماية ايضا تمهيدا لانهاء الاحتلال عن ارضنا ما يجري في الايام الاخيرة يستحق التوقف امامه بمسؤولية، والعمل على وقفه دون تاخير قبل فوات الاوان .

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر وكالة صدى نيوز.