يا حكومة احكوا مسوغات قراركم
شهد الأسبوع الماضي نقاشا مجتمعيا حول الإجراءات الوقائية التي اتخذت للوقاية من «كوفيد ـــ 19» ومن الطبيعي ألا يعجب الناس بهذه الإجراءات على قاعدة «اشبعنا من 1948 لليوم منع تجوال وإغلاقات والحد من الحركة»، وهذه ردة فعل فطرية بريئة، المصيبة أن يركب عليها تشويه للفطرة واستغلال حزبي ضيق وعشائري ومناطقي لهذه الحالة التي تطرح تخوفات طبيعية.
ومن يريد استغلال هذا المناخ السائد يجد الوضع مثاليا «لماذا رام الله؟»، «اليوم اكتشفتوا ان المستشفيات لا تستوعب؟»، «الفيروس لا يصيب إلا هذا الأسبوع؟»، وطبعا لهؤلاء جميعا كورالهم الذي يردد معهم، وباتت رام الله تهمة، وبات الذي يقضي وقتا مثاليا في رام الله ثقافيا واجتماعيا وتنظيرا سياسيا على مدار ساعات يتبرأ منها انسياقا مع الموجة، ويقف الأطباء والعلماء عاجزين عن توضيح علمية الإجراءات انسجاما مع الموجة ويضعون الأمور في رقبة وزيرة الصحة وموظفيها!!!
وطالما أي قرار له مسوغاته ومسبباته ويقف خلفه أرقام وحقائق، مؤسف أننا نملك معززات للقرار ولا نحسن تسويقها وتوضيحها ونترك لأشخاص مساحة لمن لا ناقة له ولا جمل لكي ينعت القرار دون منهجية واضحة.
الوضع مثالي، اليوم، لمن يخططون منذ زمن بإعادتنا الى التفريق والتعصب للقرية والمدينة والمخيم وبالإمكان إثارة النعرات والتفريق وكأننا في رفاهية ولا نعاني من الاحتلال والاستيطان والانقسام والوباء وبتنا بحاجة الى تقسيمات جديدة تدمر مجتمعنا بالكامل، والمؤسف أن الجميع يقف مكتوف اليدين إذا لم يسكب البنزين على النار أكثر، تقف الأحزاب والقوى مكتوفة اليدين وكأن الأمر لا يعنيها ولا تنبس ببنت شفة وكأنها عنصر محايد أو مراقب، عشرات مؤسسات المجتمع المدني تقف محايدة ولو أن الأمر عكسيا لأصدرت عشرات أوراق المواقف ولكنها تقبل أن تكون شاهدا على انقسام وتفسخ جديد، وتدور الدائرة لنستغل هذا الوضع لتصعيد الهجوم على المرأة وكأنها من كوكب آخر.
عشنا ظروفا أصعب في الانتفاضة الأولى وفي سنوات الاحتلال إلا أن الميزة أن قلوبنا كانت على بعضنا البعض ونتكافل ونتضامن ولنا مرجعيات واضحة المعالم، كانت المؤسسات الأهلية غير الحكومية لها حضور ودور هناك حيث انطلقت وعملت لجان العمل التطوعي ولجان الشبيبة للعمل الاجتماعي ولجان المرأة والنقابات العمالية واتحادهم العام والنقابات المهنية والجامعات الفلسطينية والكليات الجامعية ولجان المعلمين، لم يكن الأمر مزاجيا ولم يستطع من كان أن يركب على موجتها، حتى روابط القرى فشلت ان تلقى تأييدا في القرى قبل المدينة، ركبوا لنا أرقام سيارات تميز بين القرية والمدينة وبين المدينة والمدينة، ولم تفلح الأمور لأن الرؤية كانت حاضرة ولها ارجل تمشي عليها، أقالوا البلديات وفجروا مركبات رؤساء البلديات وقطعت أياديهم وارجلهم ولم ينفض الناس.
ويلح السؤال: لماذا لا نقوم بالأدوار المناطة بنا؟.
لنعالج معا قصور الوزارات والهيئات غير الوزارية في تقديم دورها للجمهور وإنجازاتها دون تعال وبعيدا عن أخبار اجتماع هنا وهناك دون أن يشعر المواطن بأي انعكاس على الأرض فيصبح جاهزا للوقوف مع أصحاب المصالح الشخصية الضيقة ضد كل قرار وتصور واقتراح.
نعلن عن تنظيم قطاع الكهرباء، تنظيم قطاع المياه، تشغيل محطات رفع القدرات للكهرباء في أربعة مواقع، تطوير أنظمة لوائح المجالس الزراعية التخصصية، رخصنا شركات المحفظة المالية الإلكترونية، وعند أول محك نكتشف أن أحدا لا يعرف عما يتحدثون لأن الفاتورة لم تتغير وجدول توزيع المياه وقطع الكهرباء لم يتغير، ولم تتعزز ثقة المواطن بالمحفظة الإلكترونية، واصلا لا يعرفون المطلوب منهم.
ما يحدث على الأرض، اليوم، قائم على استخدام الوضع وتسييسه من قبل فئات أحسنت استخدام القضايا في الوقت الذي وقفنا فيه لا نفعل شيئا رغم أن قناعتنا غير ذلك، وبات هناك من يخاف من إبداء رأي إيجابي وانسحب الأمر على مؤسسات قائمة حتى أنها دخلت في مجاملة الفوضى بصورة توضح أننا مع ولكننا على مسافة واحدة من الفوضى وصناعة القرار.