السيادة العربية المنتهكة.. والبروباغندا الاسرائيلية الممنهجة!
قاسمة للظهر العربي ...هكذا بدت السياسة الخارجية لبعض الدول العربية، وقد انقلبت على ثوابتها بشكل غير مسبوق وبحماس منقطع النظير، اضاعوا معها فرصة تاريخيه فاعله وناجزة على الارض، لتحرير الارض الفلسطينيه بعد ان باتت مواقفها تتذبذب اقتراباً وابتعداًعن القضيه المركزيه للامة العربية، فبين الحضور والنسيان يكاد الاحتضان العربي لها يندثر والاهتمام العالمي بها يتراجع في ظل تطبيع لمحور كامل ومتكامل مع اسرائيل، يسيرون على قدم وساق،يكدّون لتوسيع دائرته في انحراف سافر لبوصلة العرب عن عدوهم الوجودي، ليصب في اول الامر ومنتهاه في ذات القناة ألا وهي مصلحة اسرائيل،سائرون خلف سردية وأسطورة وهميه تبدو لهم حقيقية في غفلة التاريخ، لتوهمهم بأنهم قد اصبحوا دولاً عظمى في حضرة اسرائيل، لنصطدم بتطبيع من نوع جديد.. مستهدفاًالوعي الجمعي للمحيط العربي الذي فوجئ وفوجع بالقفزه الانتقاليه والحماقه الجيوسياسية التي احدثتها انظمته من محاربة التطبيع الى
الترويج له في عقر دارهم وعلى لسان الصهاينة انفسهم دون الحاجه الى مناقشتهم اوحتى تعليق منهم او تعقيب ....!
فبين سياده متنازل عنها طوعاً وبروباغندا ممنهجه تسعى اسرائيل لترسيخها في الرأي العام العربي حول أحقيتها على هذه الارض و بالوجود، وجدت اسرائيل ضالتها... فتحاً عظيماً عدّته، بعدمااصبح ظهور المتحدث الاسرائيلي على وسائل الاعلام العربيه فيه من التحدي الكثير وأمراً مألوفاً بل واعتيادياً..
وعلى هذا الأساس تمضي الامارات ومن يسير على شاكلتها قُدماً، دون الأخذ بالحسبان لردود الأفعال والتداعيات، فاتحه أبوابها مشرّعة لعدو يتأبط بندقيته يتحسسها متى رأى حاجةً لذلك،بينما هي لم تعد تنعته الا بالصديق الحليف وهي التي كان مبدؤها بالامس"حاشى والف كلا ان تمتد أيدينا وتصافح اسرائيل" ولكن على ما يبدو دوام الحال من المحال،لتغدق عليه اتفاقات امنيه واقتصاديه وكل ما تتعاون الدول بشأنه مستسلمه له طوعاً، مسلِّمه له وبرحابة صدر مفاتيح الإذعان والتبعية والولاء، لتصبح اسرائيل تبعاً لذلك جزءاً لا يتجزء من الوسط العربي المحيط به، يتأثر ويؤثر فيه، ليثير في ذهني سؤالاً لعل احداً من هؤلاء يجيب، اذا كان الاصدقاء على شاكلة اسرائيل فكيف هو الحال بالاعداء اذاً....؟
فلم يعد استخدامنا لتعبير اصحاب الشأن موفقاً للحكام العرب، بعدما اصبح صاحب الشأن الاول والاخير في المنطقه العربيه هي اسرائيل، باستحواذها على مركزية التفرُّد الاقتصادي والسياسي والاعلامي فيها خصوصاً حيال ما يجري اليوم من تسخير تلك الدول لكافة منصاتها الاعلاميه والفضائيات لتتفرد اسرائيل بمهمة المسيّر لشؤونه والناطقه باسمه،مما يعمّق الاسئله حيال مصير التوافق العربي الذي حكم المنطقه العربيه منذ عقود ضد عدو لم يكن يوما بصديق ...!؟
وكأسلوب خارجاً عن المألوف هو أكثر من كونها انتكاسة عابره قدتحتملها الشعوب، تستحضر اسرائيل سلاحاً ناعماً لتحصين ذاتها من كل الجهات،فيكفي ان تذكر اسم اسرائيل في فضائيه عربيه لتثير شكوكك بمحتواها وحيالها، لتنكشف لك خيوط مؤامره التي ما فتئت تخرج من باطنها شرراً يتطاير عبر إثارة الفتن، لتؤدي الغرض تماماً كما تريده اسرائيل،متمثلاًبالاعتداء والتحريض على دولاً وفصائل واحزاب عربية، وكيف لا وقد اجتمع في هذا التطبيع طرفان كانا قد التقيا في قتل وتجويع وحصار ابناء العرب من اليمن الى فلسطين....!
فكمحاوله من مجموعة محاولات وتبادل للادوار لجأت تلك الدول ومعها اسرائيل الى مخدرات اعلاميه تبيع الوهم للشعوب لتستقي منه عبر وسيلة الاعلام، سعيا منها لاستسهال الخيانة وتبريرها.. حامله رسائل واضحه لا تخطئها العين باستهدافها الوعي الفكري لدى الأجيال الجديدة بكل ما تعنيه لهم هذه المسأله من رمزية للّعب على الوعي والذاكره لتلك الاجيال التي يراد لها ان تنسى قضيتها وألا ترث مسؤولية مواجهة عدوها الوجودي، لتحوِّل اسرائيل الى دوله طبيعيه في المنطقه العربيه لها علَمها وخريطتها، ولها ايضاً من يتحدث باسمها ويعبر عن وجهة نظرها، في الوقت الذي لا تسمح بدقيقه واحده ليعبّر بها الفلسطينيين عن وجهة نظرهم، بل وتجلس حارسه على شفاههم تحصي عليهم انفاسهم يصبحون ويمسون على مزاج أولي الامر، لا سيما في حرية الرأي والتعبير.
فمن جهه تراها تلعب على ثنائية "السلام والازدهار" بتصويرها اسرائيل بالدوله الحليفه وصمّام الامان والازدهار في المنطقه العربية، بمشاريعها الفتّانه، بل المهدي المنتظر الذي يجري الخير والعدل من بين يديه، و"التطبيع مقابل وقف الضم " وهي ذاتها من ضاق ذرعاً و لم يستطع صبراً على تحمُّل عبءالقضية الفلسطينية، ليتّضح لنا ان ما تريد تلك الدول حجبه لن يحجب حقيقتها عندما تجرأت على طرح سؤال، ماذا افادتنا الخصومة مع اسرائيل ....!؟وهل ينجح من عجز عن تخفيف ظلم السجّان بحق اسرى عزل في اقناعه بايقاف التوسع والتهويد....؟ فسعيها هذاوربما عن جهل بحجم المخاطر التي قد تنجم عن هذه العمليه التي لا تقل في خطورتها عن الاحتلال ذاته، هو للإيحاء بأن ما يقرره الحاكم تريده الشعوب بل وتباركه، وهل غير انفسهم من يصدق هذا الدجل السياسي..!
.ومن جهه اخرى والاخطر من ذلك انها تحاول توظيف التطبيع على انه انتصارعظيم وكبير، حيث تجلى ذلك عندما تم شطب اسم السودان من قائمة الارهاب وبعد ان بات في حكم اليقين منح السياده المغربيه كهديه من ترامب على الصحراء المغربيه مقابل التطبيع،موظفه ذات المصطلحات التي تم طرحها في اتفاقات سابقة بأن ما يجري هو في حد ذاته سلام الشجعان.....!
فلربما لا يختلف عاقلان حيال ما يجري اليوم وكأنه سباق بين العواصم العربيه في محاولة منها لتفكيك الحصار عن العدو الاسرائيلي، وتوفير الغطاء له، والذي من المفترض ان يبقيه كياناًاستعمارياً منعزلاً عن المحيط المعادي له، لعلها تنجح في تغيير الموقف الشعبي العربي الرافض له، بعد ان فشلت في ذلك مع الفلسطينيين، فمن منطلق ان" الاعلام يدعم السياسه "سعت ابو ظبي بتطبيع اعلامي مع الاحتلال تمثلت بمذكرة تفاهم بين قنوات اماراتيه وهي شركة "ابو ظبي للاعلام" مع" قناة 24الاسرائيليه "مما يشكل خرقاً فاضحاً من حيث المخاطر، خصوصاً اننا امام مشهد بات فيه الاعلام الخليجي تحت تصرف الكيان الاسرائيلي في مجال التحرير والاخبار وانتاج المحتوى وتبادل المعلومات بين المراسلين العرب والاسرائيليين، وصوت اسرائيلي ناطق بالعربية لطالما كان منصرف نحو قتال شعبنا واستعباده، وهنا تكمن الخطوره الاكبر التي تتمثل بوصول الاعلام الاسرائيلي الموجه بالدرجه الاولى الى المتلقي العربي دون ان يكون ذلك عبر وسائل الاعلام الاسرائيليه يسوّقون من خلاله افكارهم ومشاريعهم تماما كما يريدون لها ان تكون.
فأنت عزيزي القارئ من حيث تدري ولا تدري وتحت شعار" اعرف عدوك "قد تبتلع الطعم و يتم تجنيدك لخدمة المشروع الاستيطاني والترويج للروايه الصهيونيه وآخرها ما بات يتردد على مسامعنا على لسان محللين عرب واسرائيليين و التي تصور الاحتلال بالدوله الرحيمه مقارنة بالجرائم والتهجير التي تمارسها الانظمه العربيه ضد شعوبها،والذي يتم ذلك بشكل طبيعي من خلال لقاء تلفزيوني او عبر ترجمة مقالات اسرائيليه او مقالات مشتركه بين صحف عبريه وخليجيه موسومه في نهايتها باسم رئيسي التحرير لكلا الطرفان مستعينين بأكادميين ذو مهاره فائقه لتحليلها بهدف تشكيكك بمضمون ومحتوى موقفك بل وتسخيفه والتي قد تنتهي في نهاية المطاف بمراجعتكلحساباتك.
فأنا لست هنا بصدد ان أنكر عليك الحق في التعرف الىعدوك وطريقة تفكيره التي قد يراها البعض موقف ووجهة نظر ولكن تحت شعار الرأي والرأي الآخر قد يتم سحب البساط من تحت قدميكفاسرائيل تسعى لنيل شرعيتها في الحضور بكل وسيله ممكنه حتى وان كان الطرف الاخر معاديا وهذا في حد ذاته معركة تخوضها ضدك عبر الرسائل المسمومه التي لا مفر من تمريرها على إثر هذا التطبيع.
فلك ان تتخيل حجم المفارقه بين من يمد طوق النجاة لاسرائيل الغارقه في ازماتها و يسعى للتخفيف عنها باتفاقات اقتصاديه وامنيه عبئ ما تعانيه من تصدّع في جبهتها الداخليه، بعد وقوعها بقبضه أزمه سياسيه واقتصاديه غير مسبوقه،وبينموقفالبرلمان الجزائري الوطني والاخلاقي عنما اقرّ بتقديم مشروع قانون يجرّم التطبيع ومن يروِّج له بالسجن من ثلاث الى عشر سنواتليثبتوا من جديد ان الشعوب هي الجدار الصلب الذي يصعب اختراقه والرقم الصعب في المعادله الذي يستحال ان تحدث اسرائيل ومن يسير بركبها فيه انتصارا ....!!