أزمة سير خانقة.. تساهل شرطة أم نقص عدد؟
كتب رئيس التحرير: يُقال إن الشارع مرآة مهمة تعكس تقدم الأمم، أو تراجعها وتخلفها، فالدول التي يحترم فيها قواعد السير تُحترم فيها قواعد أخرى مهمة، أما التي لا تراعى فيها قوانين الطريق فستجدها حتماً متنكرة لقواعد أخرى مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بحياة الأفراد.
حدثني أحد الأصدقاء المهاجرين إلى المانيا أنه شاهد ثلاثة مواطنين ألمان يسيرون على الرصيف وفي حالة سُكر شديد يتمايلون شمالاً ويميناً، وعندما أرادوا قطع الشارع ذهبوا لخط المشاة، وجدوا الإشارة حمراء، وقفوا ولم يتحركوا رغم عدم وجود سيارات ليلاً، حتى أضاءت الإشارة خضراء، عندها سأل صديقي مواطنا ألمانياً عن ذلك فقال: إن الالتزام بالقانون أصبح في مرحلة الوعي واللاوعي لكل مواطن في المانيا!
أما في شوارعنا –رغم تحفظنا على إطلاق اسم شارع على بعض الطرق لرداءتها- فإن عجائب الدنيا فيها، كل شيء مسموح، التجاوزات الخطرة، قطع الإشارات الحمراء، التعدي على الطرقات من الباعة والإسكانات، باختصار: شوارعنا مُغتصبة! .. لكن أين الشرطة التي من المفترض أن تكون الناظم لهذا الإيقاع اليومي في الطرقات؟!
كل فلسطيني يرى بأم عينه يومياً عشرات بل مئات المخالفات التي ترتكب في الشوارع، خصوصاً التي تسبب الاكتظاظ والأزمة، كالركن في أماكن ممنوعة أو الدخول بعكس الاتجاه، في مشهد يبدو ربما يفهم أنه سبب لتراخي شرطة المرور في إنفاذ القانون.
هل باتت المخالفات والتجاوزات في الشوارع قاعدة والانضباط استثناء؟
سيارات غير قانونية وأخرى عمومية تقف لتحميل راكب أو إنزاله في أماكن غير مخصصة للوقوف دون مبالاة أو اكتراث ما يخلق أزمة كبيرة واحياناً تتسبب بحوادث بسبب الوقوف المفاجئ وغير المتوقع! شبان تحت السن القانوني تجدهم يتجولون في شوارع المدن ويقوم بما يصطلح عليه " تفحيط" وقد سببت حوادث وحالات وفاة آخرها في مدينة رام الله منذ أيام! منهم من يستخدم سيارات بنمر اسرائيلية واخرى سيارات مشطوبة غير قانونية كما حدث باستهداف أحد أفراد الشرطة في بلدة اليامون بمحافظة جنين.
دخول شاحنات اثناء النهار وفي وقت الذروة لتنزيل أو تحميل البضاعة للمحلات دون تدخل الشرطة أو عمل قانون أو تنظيم لذلك مثل تخصيص أوقات ليلية لذلك، أو أن يمنع دخول الشاحنات ونقل البضاعة بطرق اخرى يدوياً وهذا يحتاج لمتابعة ودراسة واتخاذ قرارات بشأنه.
إغلاق المدن أيام الجمعة والسبت تجعل حركة السير أيام الخميس والأحد تشهد ازدحامات خانقة، حيث تُغلق مدن كاملة وتغرق في الأزمة كرام الله مثلاً، بعكس محافظات أخرى لا تغلق المحلات التجارية أبوابها في ايام السبت وتبقى الحركة التجارية تعمل وهنا يتسائل المواطن، هل الاغلاق يسري في محافظة دون غيرها وهل القانون والتعليمات الصحية لمنع انتشار كورونا تطبق في محافظات معينة فقط، حيث رصد المواطنون العاملون في رام الله والبيرة أو أهل المحافظة نفسها طوابير السيارات والاختناقات المرورية كل خميس وأحد، داخل المحافظة وعلى مداخلها وهذا سببه الاغلاق الشامل الذي يطبق يومي الجمعه والسبت، فهل السبب ضيق الشوارع أم ضيق "أخلاق الناس" أم تهاون الشرطة؟ أم أنه مزيج من كل ما سبق؟
مشهد السيارات غير القانونية في محيط مراكز الشرطة شيء مؤذٍ للعين، والطبيعة وللمشهد الحضاري، فلماذا لا يخصص مكان بعيد عن الأنظار لركنها والتصرف بها وفق القانون؟
الشرطة في آخر خمس سنوات بذلت جهدا يُقدر لكنه في بعض الأحيان يكون موسمياً، ولا يستمر طويلا سواء في تطبيق القانون وتحرير المخالفات ومصادرة السيارات المشطوبة وغير القانونية، ومن المحزن ان نرى تحرير مخالفة لمن لا يلبس كمامة ونترك تطبيق المخالفات على كل ما ذكرناه في هذا المقال، ونحن المواطنون دافعو الضرائب نتساءل: هل لدينا نقص في عدد أفراد الشرطة أم أن هناك تهاون في تطبيق القانون؟
في النهاية فإن كل السلبيات التي ذكرناها لا يقتصر تأثيرها على المواطنين دون الشرطة، فالشرطي نفسه، ابنه وزوجته وأخوه وعائلته تتأثر بكل سلبية وخروج عن القانون في الشارع!