عن الشباب والانتخابات
بدأ النقاش مبكراً حول الشباب وموقعهم في الانتخابات القادمة، وأخذ هذا النقاش منحنيات عدة ومتنوعة، فمنهم مَن ذهب لاعتبار الشباب غير مؤهلين لخوض الانتخابات بقائمة مستقلة؛ لأنهم أصلاً لا يستطيعون أن ينجزوا نسبة تمثيل في النتائج، فرغم أن غالبية المصوتين شباب، لكنهم ليسوا على قلب رجل واحد، وذهبوا إلى الاستنتاج أن الشباب لن يحققوا نتائج مناسبة دون أن يكونوا ضمن القوائم السياسية، وتبقى هذه وجهة نظر قابلة للأخذ والرد والنقاش، واعتبروا أن الشباب عابرون للقطاعات، وبالتالي يستطيعون أن يكونوا مع قوائم سياسية.
عملياً هذا ليس نهاية النقاش، حتى داخل القوى السياسية هناك نقاش جدي حول أحقية الشباب بالتمثيل كالمرأة والعمال والمزارعين، وأحياناً تغلق القوى أذنيها عن هذا النقاش من بوابة المركزية الديمقراطية والالتزام بالقرار أياً كان شكله، ونعود لذات النقطة أن الشباب من القوى السياسية ليس مضموناً تمثيلهم رغم اجتهادهم بهذا الاتجاه.
ويسوق الشباب في النقاش الدائر أمثلة عدة تؤكد أن الشباب والمرأة والمستقلين لن يستطيعوا أن يكونوا روافع لبرنامج سياسي اجتماعي اقتصادي ورسم سياسات، مقابل أبناء التنظيمات الذين قد يكونون بنفس المستوى، ولكنهم يجدون روافع من التنظيمات السياسية تسندهم.
متأخر هذا النقاش رغم أن هناك عدداً من المؤسسات الشبابية والباحثين في قطاع الشباب ولديهم معطيات وإحصاءات، ولكنهم لم يخوضوا نقاشاً علنياً مبكراً، وحتى عندما بدؤوا عادوا إلى ذات المربع وذات النقطة، تمثيل الشباب شاء من شاء وأبى من أبى، لذلك هناك حديث عن قوائم شبابية ومستقلين، ولكن الروافع ما زالت بحاجة لتزييت.
بات الشباب يحققون نقلة نوعية في الحياة العملية والإبداعية والسياسية من خلال نماذج المشاريع الصغيرة والإبداعية وإثبات الذات، إلا أن الجميع ينظر إليهم أن هذا هو سقفكم، وحتى المسميات الشبابية التنظيمية السياسية لم تسعف الشباب أن يكونوا في موقع القرار، بل ظلوا في دور محدد وهو الدعم والحشد والتأييد دون أن يكون لهم تمثيل حقيقي.
المطلوب اليوم نقلة نوعية في دور الشباب ومشاركتهم السياسية. وهذا لن يتم دون وضعهم على رأس برامج الأحزاب والقوى ليظلوا مؤهلين للعب الدور المنشود. هناك من تبوأ موقعاً من الشباب، لكنه من دون البعد السياسي يبقى منشغلاً في المطبخ الخيري والطعام كعنوان للعمل الاجتماعي دون غيره، ولا يعقل أن نظل ندور في هذه الدائرة منذ سنوات دون إنجاز ملموس، المجتمع اليوم بحاجة لإسناد ومن له إلا المؤسسات التي يقودها الشباب، شريطة أن يخرجوا من الفهم التقليدي لدورهم.
اليوم الشباب ليسوا ديكوراً تجميلياً، وليسوا امتداداً للعائلات التاريخية، وإلا ستكون الانتخابات كارثية إذا أسندنا ظهرنا لهذه المفاهيم ونظن أننا أحسنّا صنعاً.
تفاهمات القاهرة ركزت على إجراء الانتخابات ودعت إلى تخفيض سن الترشح، وهذا مؤشر، ولكن الشباب يرون أن الأمور لا تقف هنا، بل تذهب إلى أبعد من ذلك باتجاه رؤيتهم هم، وكيف يرون أنفسهم، وكيف يرون مشاركتهم وموقعهم وفاعليته، لا كما يرى لهم، كما كان الأمر على مدار السنوات الماضية.