حول الأنباء عن وجود أدوية ومستحضرات غير صالحة!
تطالعنا الأنباء بين الفينة والأخرى عن ضبط أو مصادرة، أو عن وجود أدوية ومستحضرات صيدلانية أو طبية غير صالحة، أو منتهية الصلاحية، أو غير مرخصة، أو مجهولة المصدر في الأسواق الفلسطينية، حيث تكمن الخطورة أن هذه المستحضرات وربما كذلك بسبب رخص ثمنها، من الممكن أن تجد طريقها وبسهولة الى أيادي المستهلك وبالتالي الى داخل الجسم، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، وما لذلك من آثار ومن تداعيات، قد تكون فورية على شكل تسمم أو أعراض مرضية، أو أثار بعيدة المدى على شكل أمراض خطيرة تظهر بعد فترة، بدون أن يكون من الصعوبة تفسيرها أو يكون الوقت قد مر للتعامل معها.
وهذا الوضع يتطلب خطة متكاملة لمكافحة الأدوية والمستحضرات غير الصالحة او غير الفعالة او الفاسدة او المهربة، في السوق الفلسطيني، حيث أن محاولة ايصال أدوية او مستحضرات كيميائية مختلفة غير صالحة الى السوق ومن ثم الى المريض الفلسطيني تعتبر محاولات خطيرة، لأن تأثيرها سوف يكون على المريض الذي يتناولها على امل الشفاء او للتخفيف من حدة المرض او للعلاج، وبالتالي في حال عدم سلامة الأدوية او مستحضرات التجميل او العلاج، فمضاعفاتها قد تكون مميتة.
وهذا يتطلب بأن يكون هناك دور اساسي للمستهلك الفلسطيني في الحد من هذه الظاهرة، وذلك من خلال الانتباه لأمور تتعلق بسلامة او فعالية الدواء الذي يتناوله، واذا ما كان هناك اي مضاعفات غير طبيعية، يجب الابلاغ عنها الى الجهات المسؤولة فوراً، او حتى من خلال ملاحظة شكل الدواء او اللون، ومدى صلابة حبة الدواء، والطعم، وبالطبع النظر وقبل اخذ الدواء الى تاريخ الصلاحية وشروط التخزين، وحتى ملاحظة سعر الدواء خاصة اذا كان أرخص مما اعتاد عليه، او ملاحظة اذا كانت عينة الدواء مكتوباً عليها «ليس للبيع» او «للتبرع»، او اي ملاحظات خاصة اخرى يمكن ان تلفت الانتباه، وانه في حال حدوث اي مضاعفات صحية بعد استهلاك الدواء، يجب التوقف عن استهلاكها وابلاغ الجهات الرسمية فوراً.
حيث نعرف أنه حسب القوانين المطبقة في اي بلد، فان الدواء يجب ان يحمل تاريخ انتهاء صلاحيته، وكذلك الظروف البيئية لتخزين الدواء، وتاريخ انتهاء الصلاحية يعتمد على عدة عوامل، منها نوعية الدواء، وشكل الدواء اذا ما كان سائلاً، او صلباً، والطريقة التي يعطى بها للمريض، وطبيعة المواد الكيميائية المتواجدة في الدواء، وبالاخص المادة الكيميائية الفعالة، من حيث فترة ثباتها في شكلها الاصلي وعدم تحللها الى مواد كيميائية اخرى خلال فترة زمنية محددة، وكذلك الظروف المتوقع تواجد الدواء فيها من درجة الحرارة والرطوبة والضوء، وبالتالي فإن وجود أدوية في السوق منتهية الصلاحية يجب التعامل معها فوراً على انها غير صالحة للاستعمال، وخاصة اذا كانت هذه الأدوية تعطى لامراض حساسة.
وفي نفس الوقت نعرف ان شركات الأدوية تقوم بتسويق الدواء، بالاعتماد على عاملين أساسيين، هما السلامة والفعالية، وبالتالي فإن افتقاد الدواء لأي من هاتين الصفتين سوف يؤدي الى عدم صلاحيته، وقبل طرح الدواء الجديد في السوق، تقوم شركات الأدوية العالمية بإجراء اختبارات السلامة ولسنوات طويلة على المادة الفعالة والمواد غير الفعالة الاخرى التي تدخل في تركيبة الدواء، وقبل ان يتم فحص او اختبار الدواء الجديد على المرضى قبل ان يتم طرحة في السوق، يتم إجراء دراسات السلامة على حيوانات في المختبر او متطوعين أصحاء من البشر، وبالتالي فإن تلوث الدواء ومن ثم عدم التأكد من ثبات المواد الكيميائية فيه مؤشر على عدم سلامته، ويمكن ان تظهر اعراض عدم سلامة الدواء على المريض بشكل فوري، او بعد فترة طويلة، وفي حال حدثت يعجز المريض او الطبيب عن ايجاد تفسير لها.
وعند تعاطي الأدوية فانها تذوب وتبدأ بالدوران مع الدم لكي تصل الى الموقع المسؤول عن المرض، وهي تحوي على مواد كيميائية فعالة، اي تلك المادة التي تعمل على مسبب المرض من أجل العلاج، وكمية هذه المادة قليلة جداً مقارنة مع وزن حبة او محلول الدواء، وكذلك تحوي مواد غير فعالة، يتم اضافتها الى تركيبة الدواء لتثبيت الحبة او لاعطاء لون او طعم محدد، او للمساعدة على ذائبية المادة الفعالة، او لإطالة عمر المادة الفعالة، وكل هذه المواد حتى لو انها غير فعالة بيولوجياً، قد يكون لها آثار جانبية او تفاعلات غير متوقعة، اذا ما تم إساءة استعمالها، سواء من حيث الكمية او النوعية او الخليط، ولذا فإنه حين التحدث عن فساد او عدم صلاحية الدواء، يجب أخذ محتوى الدواء من المواد غير الفعالة بعين الاعتبار.
ومن أجل مكافحة هذه الظاهرة وبفعالية، وبالإضافة الى الدور الهام الذي من المفترض أن تقوم به الجهات الرسمية ممثلةً بوزارة الصحة وغيرها من الدوائر، من المفترض إجراء الفحوصات الدورية التي يتم تطبيقها على الأدوية قبل تسجيلها او قبل تسويقها، وكذلك يجب إعادة إجراء الفحوصات المخبرية في حال الشك بفعالية او بسلامة الدواء، واذا كان هنك خلل بناء على نتيجة الفحوصات، يجب اتخاذ الإجراءات المطلوبة ومنها الإجراءات القضائية، ويجب تطبيق القوانين الفلسطينية وبحزم وخاصة على الجهات التي تسوق الأدوية والمستحضرات الفاسدة أو غير الصالحة، وكذلك المستحضرات الكيميائية الاخرى من مواد تجميل ومنظفات وما الى ذلك.