ضربتين على الراس بوجعوا
الأسبوع الماضي انضربنا على رأسنا ضربتين سببتا وجعاً وألماً، ألماً نابعاً من حقيقة الهدف من وراء هذه الأعمال التي تضر بنا؛ الأول، البيان التوضيحي الصادر عن وزارة الصحة بخصوص اللقاحات (وهذا لا يقلل من تقديرنا لجهود الوزارة) ولعل ألف باء البيان الصحافي باتت معروفة للغالبية العظمى وإمكانية الاستشارة متاحة، ولكن للأسف وكأننا نريد ان نطلق على اقدامنا النار، ونود الرد على تساؤلات المجتمع المدني بأي شكل من الأشكال، انا شخصياً كمسؤول في جمعيات حماية المستهلك الفلسطيني لم أعد قادراً على فهم مغزى الرسالة من وراء هذا البيان التوضيحي الا الإيضاح للجمهور «اننا لا نعرف في وزارة الصحة كيف تم توزيع اللقاحات».
مصيبة أن يكون التعاطي مع اللقاح بدون ضوابط، وكنا نظن أن الأمر يسير كما يرام، مصيبة أن نترك كبار السن وذوي الأمراض المزمنة وهم أولوية في كل العالم لصالح فئات ليست أولوية.
لسان حالنا كان حاداً مدعوماً بالحق أمام كل المسؤولين في البلد الذين تمكنّا من الوصول لهم، وقلنا لهم هذا أمر مستحيل أن يمر مر الكرام، يجب أن يقف الجميع أمام مسؤولياته، لأن صحة الناس ليست حقلاً للتجارب، وها نحن نرى آثار غياب اللقاح على المنحنى الوبائي.
لذلك نريد مجلساً تشريعياً قادراً على القيام بمهامه التشريعية والمساءلة والبحث عن الحقائق ومساءلة المسؤولين ليكون الأمر أكثر عدلاً من حيث اللقاحات ومن حيث كل القضايا التي يواجهها المواطن، لذلك لا يجوز أن يتم التعامل مع «التشريعي» وكأننا نتحدث عن انتخابات ناد شبابي أو انتخابات بلدية، مع تقديرنا لكل المؤسسات، فهذه الانتخابات تتطلب كفاءات قادرة على التعاطي مع التشريعات واصدار قوانين ومراجعة قوانين.
والضربة الثانية كانت القرار بقانون رقم(7) لسنة 2021، بتعديل قانون رقم (1) لسنة 2000، بشأن الجمعيات الخيرية والهيئات الأهلية وتعديلاته، والذي جاء بإيحاء أن العمل الأهلي والجمعيات الخيرية خارجة من عقالها وتعمل ما يحلو لها وتتصرف بميزانياتها كما شاءت دون رقيب أو حسيب وهذا أمر مرفوض، بالعكس فإن القانون الذي جرى تعديله كان يتيح للجهات الحكومية الرقابة على المؤسسات وطلب أي تقرير، وتم حل عديد الجمعيات وتم تحويل ملفات الى النيابة ومكافحة الفساد بناء على القانون السابق قبل التعديل.
اذاً هذا القرار لا يحمل صفة الضرورة القصوى وبالإمكان تأجيله ليبحثه المجلس التشريعي القادم، وفي الوقت الذي صدر فيه المرسوم بخصوص الحريات تكون أول تجلياته الانقضاض على المؤسسات الأهلية والجمعيات الخيرية، أي منطق الذي يقودنا في البلد؟.
كل عشرة أعوام ننام ونستفيق على توجه لتقويض العمل الأهلي في فلسطين، مرة تحت مبرر هذه المؤسسة لديها ميزانيات عالية ورواتبها مرتفعة، ومرة تلك المؤسسة تخرج عن اختصاصها، ووقف المجتمع الأهلي مراراً وتكراراً وقال: حاسبوا من شئتم ولا تترددوا ولكن لا تعمموا على كل المؤسسات والجمعيات، انتم اليوم امام 45 الف موظف وموظفة في مؤسسات المجتمع الأهلي والجمعيات الخيرية، ماذا تريدون منهم؟ ان تقطعوا أرزاقهم وانتم غير قادرين على توفير الحد الأدنى للرواتب؟ لم تتقنوا ان تنفقوا 700 شيكل للعاطلين والمتضررين من «كورونا»، بينما كان العمل الاهلي في الميدان في الريف والمخيم ومضارب البدو والمدينة يقدمون المعقمات والفيتامين والحقائب المدرسية والمواد التموينية وبكفاءة عالية وبشهادة الناس، حتى لجان أحياء في المدن استطاعت توزيع مساعدات بكفاءة عالية.
إلى من يصيغون البيانات الصحافية للرد ومن يصيغون تعديل القوانين: ارحمونا بالله عليكم، لا تكثروا الضربات على رؤوسنا وامضوا الوقت الأطول بتوفير اللقاح وصياغة أولويات توزع اللقاح، استخدموا خطاباً مقنعاً وصريحاً وواضحاً للناس لكي يستوعبوه، ولا تصيغوا ردوداً تورط ولا تسعف.
خاتمة القول نحن في طريق الانتخابات كخطوة على طريق الوحدة، دعونا نحث الخطى بثقة في هذا الطريق لنصنع مستقبلاً مختلفاً ونفسح المجال لجيل كامل من 18 الى 33 عاماً لم ينتخبوا وتلك تجربتهم الاولى، دعونا من تفسيرات أكل عليها الدهر وشرب، ودعونا من تعديلات على القوانين وكأن المقصود بها إحراج بعضكم البعض، وخنقنا نحن الشعب الغلبان.