الحكومة تُحمّل المواطنين المسؤولية.. وتهرب!
كتب رئيس التحرير: مر عام على الجائحة، ولا تزال أعداد المصابين في تزايد مضطرد، فيما يؤكد المختصون أن الوضع الصحي بات حرجاً للغاية، في ظل امتلاء المستشفيات ووصول نسبة الإشغال إلى أكثر من 100%، أي أن المستشفى الذي فيه 100 سرير يتواجد بداخله أكثر من 100 مريض!
في ظل هذا الوضع الخطير، الحكومة الفلسطينية ووزارة الصحة والناطق باسمها والمسؤولين فيها يُحملون المواطنين مسؤولية ما يجري، فهم أي المواطنين في نظر المسؤولين بلا وعي، مستهترون، غير ملتزمين! هم السبب الأول في انتشار الوباء! وتناسوا أن وعي المواطن هو من طالبهم بالكشف عن اللقاحات التي وزعت بغير وجه حق، تناسوا أن التزام المواطنين بالإجراءات الحكومية هو ما جعل تلك الإجراءات حقيقة على أرض الواقع وأن المواطنين "المستهترين" في نظر الحكومة يُصابون بالفيروس ولا يجدون أسرة لهم في المستشفيات! فمن المستهتر هنا؟ ومن هو غير الواعي بما يجري؟!
تبرر الحكومة والناطق باسمها الفشل الذي وصلنا إليه بالتباهي أن دولاً عظمى انهارت من الوباء! غير صحيح أبداً يا حكومة! أعطونا اسم دولة واحدة انهارت من وباء كورونا؟َ ما حدث أن الدول العظمى ارتبكت في البدايات، أمام نحن فسقطنا، وللأسف!
سنة كاملة لم تتخذ الحكومة فيها خطوة واحدة جريئة، تخيلوا معي لو قامت الحكومة بتحويل ميزانيات الوزارات والمؤسسات الأمنية أو جزء منها لوزارة الصحة، لتصبح ميزانية الصحة من مجمل الموازنة العامة 50% بدل 13% كما هو الأمر حاليا!، تخيلوا معي النهضة الصحية التي ستحدث! لكن الحكومة غير الواعية بما يجري لم تتخذ مثل هذا القرار أو أي قرار شبيه به!
لم تجد الحكومة سلاحاً لمواجهة الفيروس إلا بالإغلاقات التي أثبتت بما لا يدع مجالاً للشك فشلها، هذه الإغلاقات غير المنظمة وغير المخطط لها وغير المنطقية لن تحد من انتشار الفيروس، هو فقط سلاح استعراض تحمله الحكومة لتقول إنني هنا أعمل لصالح المواطن!
الحل يا حكومة ليس بالإغلاق، الحل باللقاح، أين اللقاحات؟ أين خططكم من سنة كاملة! الحل بدعم المواطنين الذين وصلوا إلى حافة الفقر أو وقعوا به وهم يرزحون تحت إغلاقات وهمية لم ينتج عنها سوى دمار اقتصادي سيقرأ عاقبته الشعب كله!
ما يُفاقم الأمر خطورة هو عجز الحكومة حتى الآن عن توفير اللقاح للشعب! ما يدلل على تقصير كبير في المتابعة مع الدول والشركات المصنعة بل والكارثة عدم وجود خطة لتوزيع اللقاح كما حصل في توزيع الدفعة التي وصلت لفلسطين 12 الف جرعة، تم توزيعها على أشخاص بالواسطة والمحسوبية حتى قبل تطعيم الطواقم الصحية، لماذا لم نحاسب؟!
لماذا لا نحدد معايير مسبقة لتوزيع اللقاح بشكل محدد ومنشور للإعلام بحيث يحقق الحماية والفعالية ضمن الأولويات؟ لماذا لم تُحمل الحكومة ووزارة الصحة بشكل واضح وجلي مسؤولية التطعيم لدولة الاحتلال؟ حتى الإغلاقات غير المجدية لم تستطع الحكومة ضبطها، فتارة تسلمها للمحافظين، وتارة للحكومة، لا تخطيط ولا دراسات تبين الفائدة من خطوات الحكومة!
الاغلاقات غير مُجدية، كأن تغلق رام الله في حين أن كفر عقب ومخيم الأمعري لا يلتزم بذلك! فلماذا لم يتم تشكيل لجان أمنية مدنية بواسطة التنظيمات والفعاليات الشعبية لجعل أي إغلاق شامل وكامل على كل المناطق؟ ولماذا لم نجعل العالم يتدخل لتتحمل إسرائيل مسؤولية حركة العمال أثناء الإغلاقات بين المناطق المحتلة عام 48 والمحتلة عام 67.
بشكل صريح في حالة الوباء واجب أن يكون هناك تنسيق فلسطيني اسرائيلي شامل وكامل سواء بالإغلاقات الشاملة المشتركة لمدة محددة او قضية دخول العمال او الحركة بين المدن والقرى ومناطق C وحتى المستوطنين وحركتهم.
لا مبالغة إن قلنا إن خطراً داهماً يهدد القطاع الصحي في ظل جائحة كورونا، وهو ما يعني أن حياة مرضى كورونا وبالأخص الذين يحتاجون إلى عناية مكثفة وأجهزة تنفس اصطناعي في خطر داهمٍ أيضاً، في الوقت الذي لا يجد فيه العديد من المرضى أسرة لهم في المستشفيات، فيعودون إلى منازلهم معرضين حياتهم للخطر!
بعد عام على الجائحة لا يوجد في فلسطين حتى الآن أي مستشفى ميداني! ولا توجد أسرة بالعدد الكافي للمرضى المتوقع أن يحتاجوا للعلاج في المستشفيات!
عام كامل مر ولا تزال الخطط متخبطة، والقرارات ارتجالية، ليصل الحال بمرضى من محافظة رام الله والبيرة مثلاً ليتم تحويلهم إلى محافظات أخرى للعلاج! فأين التخطيط؟
عدد من الاصابات في مدينة رام الله تم تحويلها الى مشافي الخليل وبعضها الى جنين وهكذا جميع المشافي في الوطن اصبحت عاجزة عن استقبال المرضى ويستغرق البحث عن سرير للمصاب ايام مما يشكل خطرا على حياتهم.
ألم نستفد من تجربة الصين ببناء مستشفيات ميدانية خاصة بمصابي فايروس كورونا؟ الأدهى من ذلك أن مستشفيات جاهزة كما في قرية عتيل شمال محافظة طولكرم تحتاج فقط لتوفير طواقم لها ورعاية وزارة الصحة دون تكلفة مالية كبيرة، لكن الوزارة والحكومة حتى الآن لم تقرر افتتاح المستشفى (المُهمل رسميا)!
لماذا لا تطبق فكرة بلدية رام الله المتأخرة ببناء مشفى ميداني في كل مدينة أو محافظة؟ مع العلم أن أطباء متطوعين كُثر استعدوا للخدمة في ظل الوباء دون مقابل!
في دولة الاحتلال حُولت ملاعب رياضية لمشافي رغم قوة جهازهم الصحي وقدرتهم الكبيرة في توفير اللقاح بل وتوزيعه على دول أخرى لاهداف سياسية، اين نحن من ذلك؟!.
الواضح أن خطة وزارة الصحة هي ردات فعل وحتى عدم قدرة على التقليد للدول المجاورة والعالم، رغم أن فلسطين حالة خاصة وفريدة من نوعها بأنها تحت احتلال ولا تسيطر على حدودها ولا على مدنها وقراها ومخيماتها، بالتالي تحتاج لفكر خلاق ومختلف.
الغريب أن الحكومة ووزارة الصحة يحملون المواطن المسؤولية شبه الكاملة عن انتشار الوباء وتفشيه، متهمين إياه بقلة الوعي، في حين أن وزراء ومحافظين خرقوا قرارات الحكومة وإجراءات السلامة والوقاية، وأقاموا المآتم أو الأفراح أو مناسبات ترتبط بانتخابات تنظيم معين!
بعد عام على الجائحة تؤكد وزارة الصحة أن النظام الصحي لم يتعرض للانهيار، لكن إذا استمر الوضع على ما هو عليه فإننا نتوقع أن ينهار نظام الصحة والتعليم والاقتصاد وكل شيء في البلد، والسبب غياب خطة شاملة وبعيدة المدى للحكومة تشمل الجوانب والاستعدادات الصحية والاقتصادية والتعليمية والاجتماعية!
أفيقوا يا وزارة الصحة .. أفيقي يا حكومة.. أفِق يا شعب فالوضع جداً خطير.