أنا مع الانتخابات
مهلا علينا قليلا، قلتم خمسة عشر عاما من منع الشعب الفلسطيني من ممارسة حقه بالانتخابات، فتكلس النظام السياسي، وسدت قنوات التأثير عليه، وباتت لدينا قوانين بمراسيم كثيرة، وفراغ، واتهمتم كل الأطراف بما شئتم من التهم، ألم تقولوا تهكما أن دولة الاحتلال أجرت ثلاثة انتخابات في فترة قصيرة جدا ونحن لم نجر انتخاباتنا منذ خمسة عشر عاما، وعقدت عشرات الحلقات الدراسية والأيام الدراسية والورش، واليوم، فجأة بتم بحاجة الى التريث لأن الانتخابات لم تأت على مقاسكم!!!
ما شأني أنا كناخب بالشأن الداخلي في حركة فتح أو في حركة حماس أو الجبهة الشعبية، أنا مهتم بأن اذهب لصندوق الانتخابات وأختار من أشاء بحرية مطلقة، ولن أكون جزءا من ورقة بيضاء ولا مقاطعة ولا غيره، لأن حالنا بعد الانتخابات سيكون حتما أفضل مما نحن فيه، اليوم، على الأقل سيصبح هناك ممثل لي كي يُسأل (لماذا تأخر اللقاح؟) ويسأل (لماذا تحصل المستشفيات الخاصة والأهلية هذه المبالغ من مرضى «كورونا»؟) ويسأل (عن مستحقات المستفيدين من مخصصات التنمية الاجتماعية؟).
حتما، سيفوز نواب تلتقطهم الكاميرا نائمين أثناء الجلسة، حتما، ستركز التعليقات عليهم اكثر من غيرهم، ولكن سنذهب صوب المجلس التشريعي لحضور جلسة، سنتابع جلسات الاستجواب التي افتقدناها وبتنا نشاهدها عبر التلفاز في نشرات الأخبار ولا نسمع عنها عندنا، وعندما يأتي ضيوف الى بلادنا سنأخذهم صوب المجلس التشريعي كما يأخذوننا هم صوب برلمانهم.
نشتاق للحملات الانتخابية ولسماع البرامج الانتخابية ومناكفة المرشحين بحيث نظهر لهم أننا مطلعون على برامجهم ولكن أين كنتم قبل الانتخابات خصوصا من يمجدون المقاومة الشعبية وهم عنها غافلون، سنحول اللقاءات الانتخابية رغم البروتوكولات الصحية الى محاسبة ولن نجعلها مريحة حتى لمرشحينا المفضلين لأننا لن نجامل هذه المرة.
رجاء، لا تحرمونا هذه الفرصة المتاحة أمامنا، نريد أن ننتصر لحقوق المستهلك ولدعم المنتجات الفلسطينية وللعدالة الاجتماعية ولحقوق الفقراء والمزارعين والعمال عبر المجلس التشريعي ومن يمثلنا، هكذا كنا نفعل في العام 1996 وطالع، كنا نذهب صوب النواب ونطرح معهم القضايا ويبلورونها الى تصور ويقترحونها في المجلس التشريعي أو إحدى لجانه وتصبح ناجزة، فالنواب لا يعملون من رأسهم بل هم ممثلون للناس بالإمكان التواصل معهم.
دعونا من الأسطوانة المشروخة أن الانتخابات لا تفرز الأفضل، فقد أنفقت في فلسطين ملايين الدولارات واليوروهات على تعزيز الديمقراطية واهمها الانتخابات، وخُصص يوم للديمقراطية، وتحولت المدارس الى مساحة للاحتفاء بيوم الديمقراطية، بالتالي، لا تضللونا، اليوم، بهذه الأسطوانة المشروخة، ولتكن خيارات القوائم غير موفقة ولا علاقة لهم بالتشريعي، ولكن نحن نريد الانتخابات، نريد تغيير الحال الى أحسن منه.
من يريد أن يعترض على القائمة المشتركة المحتملة ليعترض، ولكن بعيدا عن تعطيل الانتخابات ولديه خيارات كثيرة ليختار غيرها ويحجب عنها، ليختار من شاء من القوائم ليرفع صوته عاليا عبر الانتخابات ودون الانتخابات لن يكون صوته مسموعا وقد يحجب هذا الصوت، ومن له اعتراض على مسؤول رفيع سابق مرشح ضمن قائمته فهذه فرصة لمناقشته بما فعل ان كان ذلك حقيقة، ومن هو غاضب من حزبه وتنظيمه فليحاسب عبر ورقة الاقتراع بعيدا عن تأجيل الانتخابات.
للذين يستعدون للعزف على «نوتة» تأجيل الانتخابات، ببساطة أدوات البحث عبر الشبكة العنكبوتية توثق كل كلماتكم وأوراق موقفكم وقياس الرأي التي تقود لإجراء الانتخابات والطلب من الرئيس بإصدار مرسوم الانتخابات ووضعتم هاتشتاغ (أين المرسوم)، وكنتم كل ما دق «الكوز في الجرة» تقولون الانتخابات (لن ينهي الانقسام إلا الانتخابات) (لن يرفع الحصار عن غزة إلا الانتخابات) (معركة القدس لن نحسمها إلا بالانتخابات) عند إضراب الكرامة لأسرى الحرية قلتم (الانتخابات ستعيد للأسرى حريتهم)، وعندما قلنا مقاطعة المنتجات الإسرائيلية قلتم (لو أجريت الانتخابات لنجحت المقاطعة بصورة أفضل).
لا يوجد مبرر وجيه لتكرار الحديث عن الانتخابات وكأنها أمر اكرهنا عليه ولا نطيقه، بل بالعكس هي حاجة فلسطينية ومصلحة وطنية حقيقية ودعوا الانتخابات الفلسطينية تسير بعد أن أقلعت ومن الصعب أن تؤجل أو غيره.