أداء الحكومة.. هل تدفع فتح الفاتورة في صناديق الاقتراع؟
كتب رئيس التحرير: منذ الحكومة الثانية عشر أي بعد الانقسام وحركة فتح تحاول أن تبتعد قليلاً عن ترؤس مجلس الوزراء، واستعاضت عن ذلك بمشاركة في حقائب أو اختيار شخصيات تميل لفتح، لا قيادات وازنة في الحركة، لِعلم فتح أن الحُكم معناه خسارة الشعبية في الشارع، فمن يحكم هو من يحتك بالناس وهو من يطلب منه توفير احتياجات المجتمع والمواطنين، بعكس المعارضة التي تجمع مكاسبها من خلال أخطاء من في الحكم.
سارت فتح تقريباً على هذا النهج، ووقعت مرة واحدة من أعلى السلم، عندما اختارت أن تترأس الحكومة الأخيرة، وليس هذا فحسب بل أن تترأس الحكومة بعضو لجنة مركزية للحركة! هنا وقعت فتح في "فخ الحكم"، وبدأت فاتورتها ترتفع، وصار كل خطأ كبير أم صغير يُنسب للحركة بدل أن ينسب للحكومة، كما الحكومات السابقة، لكن بثمن مضاعف!
منذ تولي حكومة اشتية أمور البلاد، والأزمات تطحنها، ولنكون منصفين فهي لم تمر في أي ظرف طبيعي لتُحاكم محاكمة عادلة أمام الشعب، لكن هذا الأمر لا يعني أن لا تعرض للمساءلة، خصوصاً في ملفات مثل أزمة كورونا وتوفير اللقاحات والاستعدادات الصحية لمواجهة الوباء وطريقة إدارة الأزمة والإغلاقات التي دمرت الاقتصاد خصوصاً المشاريع الصغيرة، حيث وقفت الحكومة متفرجة على معاناة الناس في أغلب الأحيان.
دفعت فتح ثمن أزمة كورونا وعادت كل الانتقادات إلى حضن الحركة بدل الحكومة، مع أنها تضم أحزاباً عديدة، لكن كل الأصابع توجه إلى من يرأس الحكومة، لا إلى شخصه، بل إلى الحركة التي ينتمي لها، وسيجد الغاضبون من قرارات الحكومة متنفساً في صندوق الاقتراع ليعبروا عن غضبهم!
ملف اللقاحات، أو بين قوسين "فضيحة اللقاحات" التي تفجرت في البلاد نتيجة التوزيع غير العادل لها، وتطعيم من هم خارج الفئات المحددة، والغضب الشعبي على سوء إدارة هذا الملف، ستدفع ثمنه أيضاً حركة فتح، لأنها هي من تقود الحكومة! ولأنها وللأسف لم تقم بما يشفي غليل الناس، لم تُقل رؤوساً كبيرة لتنفيس الغضب وكسب الشارع، لم تحاكم من أساء إدارة الملف، لم تحقق ولم تسائل!
حتى مساوئ الحكومات السابقة وضعت على كتف فتح، فقمع النقابات وحلها واعتقال المعلمين وأزمة قانون الضمان الاجتماعي، كلها بثمن، ولم يدفع حتى الآن، وزادت عليه قضية القرارات بقوانين وتعاطي السلطة مع نقابة المحامين وحتى نقابة الأطباء والتمريض وما إلى ذلك، كل هذه الأزمات ظل حسابها مفتوحاً، والفاتورة ترتفع!
ملفات كثيرة متراكمة منها التقاعد المالي والقسري ضد موظفي قطاع غزة وموظفي 2005 ونسبة صرف رواتب موظفي القطاع والمعالجة البطيئة والجزئية لهذه الملفات وكلها لها ثمن كبير في صندوق الانتخابات، ملف الأسرى ورواتبهم رغم موقف الحكومة والقيادة الثابت والواضح بالمحافظة على حقوقهم إلا أن الحكومة لم تضع خطة سريعة لمواجهة القرارات الاسرائيلية في حظر حساباتهم في البنوك الفلسطينية وتركت البنوك تواجه غضب الأسرى والأهالي والتي لا يوجد لديها حيلة في تجاوز القرارات الاسرائيلية حيث أنها في حال عدم التزامها سيتم اقتحامها واعتقال موظفيها والمس في مدخرات أبناء الشعب الفلسطيني.
كل ما عرضناه سابقاً له ثمن، وحتى الآن لم تقم حركة فتح بدفعه أو إجبار من تسببوا بهذه الأزمات على دفعه، وربما تجد نفسها مجبرة على دفع الفاتورة كاملة في صندوق الاقتراع، وستجد حركات وتيارات المعارضة نفسها الكاسب الوحيد من أخطاء فتح.
وفوق كل هذه الأزمات التي تقف في طريق الحركة، لم تستطع فتح أن تحافظ على جميع أبنائها لخوض الانتخابات بقائمة موحدة "كما أعلن العديدون من أعضاء المركزية"، ماذا يعني قائمة موحدة وقبل أيام فصل أحد أعضاء المركزية؟ ماذا يعني قائمة موحدة والشروخ تتوالى داخل فتح؟
أمام حركة فتح أيام عصيبة جداً، تحتاج إلى قرارات جريئة جداً للتخفيف منها، ولمحاولة التصالح مع جزء كبير من الشارع الفلسطيني الذي فقد ثقته بالحكومات المتعاقبة، وسيتجه لمعاقبتها من خلال اختيار "البدائل المتاحة" من القوائم الانتخابية.