عن د. مي الكيلة.. هل لأنها امرأة؟!
دعونا نتفق في البداية على أن هناك فرقاً بين التنمر والتشهير وقلة الأدبة، وبين الانتقاد والمساءلة والمحاسبة والاعتراض والمعارضة، ودعونا نتفق أيضاً على أن الانتقاد لا يُمكن تحت أي ظرف أن يصل إلى شخصنة الأمور، وإلى المساس بكرامة الناس وإنسانيتهم.
تواجه وزيرة الصحة د. مي الكيلة في الفترة الأخيرة مدّاً هائلاً من التنمر وقلة الأدب وصل حدّ المس بكرامتها وشخصها، ومن بين 1000 تعليق على وسائل التواصل الاجتماعي قد لا تجد تعليقات بعدد أصابع اليد الواحد تصنف تحت بند الانتقاد والمساءلة!
هذه السطور ليست لتقييم د. مي الكيلة، فتقييمها يحتاج لأصحاب اختصاص، وأنا لست منهم، بل هي كلمات لمحاولة فهم هذه الظاهرة التي لن تقتصر على د. الكيلة، بل ستصبح سُنة تُتبع مع الكثيرين والكثيرات.
ما هي منطلقات المتنمرين؟ وطنية؟ الوطنية لا تقول أن تجرّح الناس وتسبهم، دينية؟ الدين يحرم هذه الأفعال! .. أخلاقية؟ الأخلاق بعيدة كل البعد عما يقومون به! .. إذن ما هي منطلقاتهم؟! احكموا بأنفسكم.
الغريب في ظاهرة التنمر هذا الصمت المطبق من المثقفين في المجتمع وحتى المؤسسات المناصرة للمرأة والحريات! والغريب أيضاً أن يفتح بعض "المثقفين" الباب للمزيد من التنمر .. ربما يُبررون هذا الصمت كونَ د. الكيلة في منصب سياسي! هل يُعقل أن ينسلخ البعض عن أخلاقه عند معاملة السياسيين؟! هل هو كُفر وزندقة أن تتسلم امرأة ذاقت المطاردة والأسر والحصار منصباً سياسياً؟ طيب إذا كان التنمر لكونها سياسية، فلماذا يقتصر عليها؟! .. أم أن وراء الأكمة ما وراءها؟!
هل يُمكن للأخلاق أن تكون مجتزأة؟ هل يمكن أن أكون صاحب خلق مع البعض وبلا أخلاق مع بعضهم الآخر؟ الأخلاق لا تُجزأ، هي حزمة واحدة.
في النهاية، ستظل د. مي الكيلة الطبيبة التي فتحت بيتها للناس مجاناً أيام الحصار، ستظل الامرأة التي رعت الحوامل وانتقلت من بيت لبيت لتوليد الفلسطينيات يوم خنقت إسرائيل الشوارع بالدبابات وحظر التجوال، ولن يمحو تاريخها الوطني "كلام عابر".