القيادة الفلسطينية ونظرية الفراشة والبجعة السوداء!!
أبدأ بمقولة لونستون تشرشل رئيس وزراء بريطانيا أن السياسي المحنك هو الذي يملك القدرة على التنبؤ، والقدرة ذاتها على تبرير عدم تحقق النبؤة. في هذا السياق يتأتى نظريتي الفراشة والبجعة السوداء.
دون الدخول في تفاصيل النظريتين،فنظرية البجعة السوداء مصطلح اطلقه الفيلسوف الأمريكي اللبناني ألأصل نسيم نقولا طالب أستاذ علم اللايقين والتي من خلالها هل يمكن التنبؤ بأحداث غير متوقعه ذات أثر واسع النطاق، وفي التنبؤ بأشياء مستحيل حدوثها، على إعتبار ان جميع البجع يتميز لونها باللون ألأسود، ومستحيل إيجاد او الحصول على بجعة بيضاء. اما نظرية الفراشه فالمقصود بها أن رفرفة جناح فراشة في الصين يسبب فيضانات وأعاصير في أوروبا وأفريقيا وأمريكا وأسيا، وأن رفرفة جناح الفراشه في البرازيل قد ينتج عاصفة في الصين..وكما يقال معظم النار من مستصغر الشرر، هذا وأمثلة كثيره على نظرية الفراشه.أسوق بعضا منها قبل الدخول في الحالة الفلسطينية. يقال أثناء الحرب العالمية ألأولى وفي 28-9-1918 عثر جندي بريطاني على جندي الماني جريح اشفق عليه لم يقتله، ولو كان الجريح هتلر، ماذا لو قتل لم تقم الحرب العالميه الثانيه.ما قام به حركة فراشه أدت إلى عاصفة كونيه.وماذا لو لم يحرق بو عزيزي نفسه في تونس ما قامت ثورات وتحولات الربيع العربي. وكيف يستفاد من هذه النظرية. أن يستثمر القائد حدثا ولو صغيرا ليصنع منه عاصفة كبيره.يشخص أحداثا مع شخص آخر في مكان وزمان معين ليصنع منه عاصفه كبيره.مثال إعتقال السيده باركي كانت سببا في ثورة مارتن لوثر. يشجع أحداثا صغيره تتحول مع الزمن لعاصفة كبيرة وهنا نموذج غاندي الذي كان في جنوب أفريقيا ليعود لبلاده ويقود ثورة سلمية أنتصر فيها على الإمبراطورية البريطانية وليحرر الهند.ولا تقتصر نظرية الفراشه على القاده بل يمتد تأثيرها على الشعوب، وهذا ما حدث عندما سئل ممثل الحكومة الشيوعية في 9-11-1989 عن السماح للناس بالسفر إلى برلين الغربية قال حالا فاندفع الناس إلى الجدار ليحطموه.وهذه النظرية ليست سهله فهناك من يضع العراقيل لإحتواء تأثير الفراشه بتبني إستراتيجية الضغط المميت، وبإبعاد الناس عن دوافعهم.وإلهاء الناس بمساعدات ينتظرونها بسبب فقامة الحياة فتنسيهم الواقع المؤلم الذي يعيشونه, والعلاقة وثيقه ين النظريتين ، وذلك عندما كشف الهولندي ويليام جونسون بجعة بيضاء، وهو ما يعني ان المستحيل ممكن التغلب عليه.والخلاصة إستثمار حركة الفراشه لخلق بجعة بيضاء. والسؤال ما علاقة النظريتين بالسياسة الفلسطينية وبالقيادات الفلسطينية ؟ وهل كان بمقدور القياده الفلسطينية ان تتنبأ بان تقيم الدول العربية سلاما مع إسرائيل؟كان هذا من ضرب المستحيل، وإما عدم قدرة على التنبؤ ، وإما يحمل معنى الفشل في تقدير الحسابات السياسية ومن ثم إستباقها بالخطوات والسياسات المطلوبة ، لا الإنتظار حتى تحدث ويكون رد الفعل فجائيا وغير واقعي وغير عقلاني مما يحمل ثمنا عاليا، والأمر لا يقتصر على السلام العربي بل يتعلق أيضا بما تقوم به إسرائيل من سياسات ، بل العودة للحركة الصهيونية ومؤتمراتها وإعلانها أن هدفها قيام الدولة في فلسطين هل كان يمكن التنبؤ بكل مراحل وتطور الحركة الصهيونية في فلسطين ، ولا يبدو هذا كان قائما فجاءت السياسات الفلسطينية بالغضب والرفض السريع غير المحسوب. وحتى مع توقيع إتفاقات أوسلو ركنت القيادة الفلسطينية ان السلام بات قريبا وان الدولة الفلسطينية قادمه ، وما حدث جاء غير ذلك بل إنقلابا على كل التوقعات لأن لا أحد كان يتصور ات تصل إسرائيل إلى هذه الدرجة من الإستيطان والضم ، هذه النظرية ما زالت قائمه، والسؤال نفسه هل يمكن ان نتصور ونتنبأ ان كل الدول العربية يمكن انة تقيم علاقات مع إسرائيل.أهمية التنبؤ وهو ليس عملية عشوائيه بل عملية حسابيه دقيقه وتقوم بها الكثير من مراكز البحث والتفكر وهي كثيره فلسطينيا وتقدم تصوراتها وتوصياتها للقيادة الفلسطينية ، وأيضا قدرة القيادة على البصيرة السياسية ، والهدف هنا رشادة القرار السياسي الفلسطيني ووضه السياسات العقلانية التي تقرب من تحقيق الاهداف الفلسطينية وإنهاء الاحتلال وقيام الدولة الفلسطينية . حتى على المستوى الفلسطيني الداخلي هل كان يمكن التنبؤ مع الانتخابات الثانية أن تقوم حركة حماس بسيطرتها وإنقلابها على السلطة وتحول الإنقسام لبنية سياسية منفصله. والسؤال يتكرر اليوم مع الانتخابات الثالثه هل يمكن التوقع بنتائجا مسبقا؟القضية الفلسطينية قضية مركبة ولها أبعادها الإقليمية والدولية ، بل يمكن القول ان المكونات الإقليمية والدولية هي من تتحكم في نتائج القضية الفلسطينية ونهاياتها, وهذه المتغيرات من التعقيد يصعب معها التنبؤ بما يمكن أن يحدث . ومثال ذلك ما عرف بتحولات الربيع الربيع وما أنتهت إليه، وهذه لها علاقة مباشرة بالقضية الفلسطينية والحالة السياسية الفلسطينية الداخلية ، فما زال القرار السياسي تحكمه الحسابات والتصورات الشخصية والحسابات الغيبية والرهانات على أحداث قد لا تقع أبدا. من هنا أهمية تحرير القرار السياسي الفلسطيني من هذه الغيبيات والشخصانيات ، والعمل على إعادة تقييم القرار السياسي بحسابات دقيقه علمية موضوعية نتيجتها تعظيم الإيجابيات وتقليص السلبيات وهو ما يقربنا كثيرا، توفرت لدينا أحداثا كثيره حتى لو كانت صغيره لكنها لو وظفت جيدا لأحدثت نتائج كبيره منها إغتيال الأطفال ، وتدمير منازل وقصص معاناة اسرى كلها يمكن أن تحدث إنقلابا في الرأي العام العالمي الداعم للقضية الفلسطينية. في هذا السياق تبرز أهمية هاتين النظريتين في هذا الوقت فالصراع ليس صراعا بالسلاح والقوة بل بقوة العقل والخطاب السياسي والإعلامي.