الحكومة وإضراب الأطباء.. معركة طحن عظم الشعب!
كتب رئيس التحرير: لا يزال إضراب الأطباء مستمراً، والتجاهل الحكومي أيضاً، لا حلَّ في الأفق، ليظل الشعب وحده هو الخاسر الوحيد في معركة تكسير العظم بين النقابة والحكومة!
النقابة تتمسك بشروطها في رفع علاوة طبيعة العمل للأطباء العامين، والحكومة تغلق أذنيها بطين وعجين، ولم يظهر على الساحة من يحمل سُلَّما لإنزال الطرفين عن الشجرة.
قصص كثيرة نشرت على مواقع التواصل لمرضى لم يستطيعوا الحصول على أدويتهم بسبب الإضرابات، وهنا بدأت النقابة تسجل نقاطاَ ضدها، عندما وضعت المرضى رهائن وورقة رابحة لتحقيق مطالبها، كذلك فقد بدأ عداد النقاط السيئة يُسجل على الحكومة التي تعمل وكأنها خارج البلد وخارج السرب وخارج الكوكب كله.
مصادر كثيرة تتحدث "همساً" وتحت الطاولة على أن الحكومة لا تريد تحقيق إنجاز لنقيب الأطباء الحالي شوقي صبحة، بل إن محاولات كثيرة تمت لتشويه الرجل ولضرب الإضراب من خلاله، إلا أن النقابة فطنت على ما يبدو لهذا التكتيك، وأظهرت للجمهور أنها متماسكة، حتى أنها ولأول مرة صارت تنشر بياناتها وتذكر فيها وببدايتها اسم النقيب.
نقابة الأطباء في الطرف الآخر وضعت ظهرها ورجليها "في الحيط"، واستخدمت ورقة المرضى كرهان رابح، ما أدى إلى تزايد السخط الشعبي على الأطباء، في ظل سخط سابق ومستمر على القطاع الصحي الفلسطيني بشكل عام، ما يعني أن الأطباء حالياً يخسرون ما تبقى لهم من قاعدة شعبية، ولن يظل لهم إلا أنفسهم إن استمروا على هذا المنوال في الإضراب الذي لم يؤت ثماراً حتى الآن.
تراهن الحكومة على ماكينة الإعلام والشارع الفلسطيني ليقف معها ضد الأطباء، في وقت لم تحقق فيه هذه الحكومة مطالب الأطباء التي وقعت عليها، أي أن الحكومة تراجعت عن وعوداتها للأطباء، فإذا كان رئيس الوزراء لا يستسيغ علاوة طبيعة العمل بقيمة 200% فلماذا وقع بالأصل على هذا الاتفاق مع الأطباء؟ علماً أن رقم 200% غير دقيق ومضلل بعض الشيء، فما سيضاف لراتب الطبيب العام لا يتعدى 1000 شيقل شهرياً، وليس كما تروج الحكومة!
إضراب الأطباء وتعامل الحكومة "البارد" معه يستلزم وقفة جادة، لنتعلم من هذا الدرس، فاستراتيجيات وتكتيكات الإضراب يجب أن تُغيّر، وأن لا يظل المريض هو من يُعاني، على نقابة الأطباء التفكير بحلول جديدة واستقطاب القاعدة الجماهيرية إلى صفها، وليس كما يحدث حالياً، وعلى الحكومة في نفس الوقت التفكير ألف مرة عند مناطحتها النقابات، فعلى طول التاريخ الفلسطيني منذ قدوم السلطة إلى هذا اليوم لم تنتصر حكومة على نقابة "باستثناء ما جرى مع نقابة الموظفين".
كذلك فقط أظهر إضراب الأطباء أن الحكومة تطبق القانون الفلسطيني على هواها، فما هو معنى أن تلوح الحكومة بفرض التفرغ على الأطباء مقابل إعطائهم علاوة 200%؟ أوليس قانون الخدمة المدنية يفرض على الموظف الحكومي أن لا يعمل بوظيفة أخرى؟ لماذا تستخدم الحكومة ورقة القانون في مواجهة النقابات؟ أليس هذا إظهار لعجزها في تطبيق القانون وروحه؟
هذه رسالة مفتوحة إلى أصحاب القرار، إلى كل غيور على مصلحة البلد، أن يُجنب الناس ويلات الإضرابات وعناد الحكومة والنقابات، لا تجعلوا المرضى كبش فداء أو ورقة رهان، فمن يُعادي الشعب سيخسر، كائناً من كان.