بيت إكسا
قصص الحصار الاحتلالي لقرانا وحاراتنا وأحيائنا تتجسد قي عدة مواقع في البلد سواء الشيخ جراح أو القدس واليوم، ننتقل لموقع آخر (بيت إكسا) إحدى بلدات شمال غربي القدس وهي قرية مشرفة على القدس ولا يفصلها شيء عنها، البلدة محاصرة حصارا صامتا دون أعلام ودون ورقة حقائق من أي من دوائر منظمة التحرير الفلسطينية ولا عن أي من مفوضيات حركة فتح ولا عن أي وسيلة إعلامية.
يحاصر (بيت إكسا) حاجز احتلالي شبيه بحواجز الاحتلال في عدة مناطق، ويمنع هذا الحاجز أيا كان من الوصول الى البلدة باستثناء حملة هويتها ومن يقطنونها ويجب إجراء تنسيق مسبق لدخول آخرين ضمن شروط ألا يبقى بعد الساعة العاشرة مساء، تحجز هويته على الحاجز لكي يسترجعها بعد خروجه منها، ومحدد عدد أسطوانات الغاز المنزلي المسموح دخولها في أيام محددة، الأحد والأربعاء، ويعيق الحاجز حرية حركة دخول المنتجات الى القرية، وحتى أن جلبت خرافا وعجولا الى مناسبة الأفراح يتم التأكد من مناسبة الكمية لعدد الحضور وعدم تجاوزه.
والحكاية في المدارس بالبلدة مختلفة تماما، فتجد الإرهاق باديا على وجوه المعلمين والمعلمات من خارج بيت إكسا الذين يدرسون في مدارسها وحجم المعاناة التي يلاقونها في الدخول الى البلدة والصعوبة اليومية، ورغم ذلك تشهد تطورا في أداء المدارس هناك من حيث نسبة النجاح في الثانوية العامة ومستوى الأداء الأكاديمي والنشاطات، وتعتمد على تبرعات المجتمع المحلي لإضافة غرف صفية أو طوابق أو قاعة مختبرات.
الشغل الشاغل للناس هناك الحاجز الاحتلالي والاستيطان والتوسع الاستيطاني في البلدة على حساب أراضيها، ولكن عبر نقاش هادئ مع بلدية بيت إكسا ومديرات وهيئات التدريس وفعاليات البلدة تصل الرسالة التنموية والاحتياجات التنموية والمشاريع، سواء سور للمدرسة أو أجهزة حاسوب وحديقة عامة، وتركيز أعلى على احتضان متفوقي بيت إكسا بالبعثات والمنح نظرا لخصوصية القرية، ويذهب الأمر الى مشروع الصرف الصحي للقرية.
وعند إطلالتك من مرتفعات البلدة على القدس ولفتا وباب الواد والقسطل ينتقل الدماغ إلى غرفة أخرى مختلفة، غرفة الصمود والثبات وقرانا التي باتت هدفا من شركات استيطانية مثل لفتا، ولكنك تظل بحالة الأمل اننا، اليوم، لن نعود الى أدب البكائيات ولكننا في مزاج اننا هنا صامدون ثابتون، لن نرحل، نموذجنا الشيخ جراح وباب العامود وبيتا وبيت دجن وبيت إكسا ونحن الصمود والثبات بكل ما أوتينا من قوة، بدءا من مقاطعة المنتجات الإسرائيلية ودعم المنتجات الفلسطينية مرورا بمواجهة الاستيطان وزعرنة الذين ظنوا أن اقتحام الأقصى لعبة، بجانب نماذج الصمود في مواجهة مواقع استيطانية.
هناك في بيت إكسا تتكرر الحكاية ولكنك يجب أن تكون وأنت على حاجز الاحتلال تشعرهم أنك صاحب حق ولست ضيفا مؤقتا وأن الوضع الطبيعي أن تأتي متى شئت وتغادر متى شئت، ومن حقنا أن نفرح في أفراح البلدة ونحتفي بطلبة الثانوية العامة فيها ونحتفي باليوم المفتوح في المدارس كما فعلنا واحتفينا معهم، يجب أن تشعر الحاجز أنك صاحب حق، يجب أن تكرر الذهاب هناك ومعك ممثلو الدول لدى فلسطين من كل الدنيا ليعيشوا معك الحالة ليس لأننا نتأمل بالمجتمع الدولي بل لأن واجبنا أن نضعهم في صورة واقعنا تحت الاحتلال وفي ذات اللحظة نعزز صمودنا وصمود بيت إكسا وأمثالها.
تجولنا في البلدة وزرنا بلديتها وسمعنا ورأينا تصورات مشاريع مطروحة على وزارات السلطة ورأينا مركزا صحيا ومدارس وناسا طيبين وحياة تجارية، ولكن الطموح أكبر والرؤية واضحة: معضلتنا الأساسية الاحتلال ليس إلا وما تبقى تفاصيل.