نحو إجراءات حقيقية
مقالات

نحو إجراءات حقيقية

علينا جميعا أن نخرج من دائرة التوتير التي لا توفر أحدا مطلقا، وأول الأمور تتعلق بإجراءات حقيقية على الأرض «استخلاص العبر»، ممنوع بالمطلق المس بقامات وطنية نعتز بها وان اختلفنا معها سياسيا وتنافسنا معها نقابيا، وإعادة الاعتبار للمؤسسات والهيئات ودورها.
إجراءات حقيقية وليست شكلية ينتظرها المجتمع الفلسطيني بكافة مكوناته وقواه. وهي تنتظر من صانع القرار مؤسسة الرئاسة أولا وأخيرا، إجراءات جوهرية يكون محتواها أن ما وقع لن يتكرر بالمطلق وتوضع ضمانات لهذا، ولا ينتظر أي كان تغييرات شكلية، فما الفائدة من تغير الحكومة أو تغيير شخوص في الخليل وغيرها دون ضمانات ومرجعيات تضمن إلا يتكرر ذلك، وما الفائدة من تغيير الحكومة دون تفاهمات مع حركة حماس تضمن استمرار عمل الحكومة ودورها في القطاع ليس لأن «حماس» تمتلك «فيتو» بل لأن هذا أمر منطقي.
يجب إعادة الاعتبار لجسم الأمناء العامين للفصائل بين رام الله وبيروت بحيث يكون هذا الإطار هو الذي يتابع القضايا الوطنية الحاسمة، دون المس بمكانة المجلسين المركزي والوطني واللجنة التنفيذية وضمان وجود الكل الفلسطيني ضمنها، ودعونا نعد للقاء الفصائل الأخير وكيف ترك أثرا رائعا على شعبنا عندما عقد في رام الله وبيروت.
لا يعقل أن يظل عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية والذي يحمل ملفا له علاقة على تماس بما يدور على الأرض أن يظل متفرجا ينتظر شيئا من مكان آخر كما ينتظر مواطن عادي شيئا من مكان آخر، فدور منظمة التحرير وعضو لجنتها التنفيذية أكبر من ذلك بكثير، فهي مرجعية السلطة الوطنية الفلسطينية، لعلي احفظ عن ظهر قلب أسماء اللجنة التنفيذية في العام 1976 وفي العام 1982 اليوم، لعلي لا أعرف جيدا.
لم يعد مجديا بكل المعايير تفصيل حركة فتح على مقاس محدد أو الحذر من حقول الألغام، لم يعد مقبولا بأي منطق تحويل المؤتمر الحركي العام الى منتدى مغلق على أشخاص بعينهم وتغيب الغالبية الفاعلة على الأرض؟ يجب أن يشكل المجلس الثوري حلقة تنظيمية قادرة على نقل نبض الفتحاويين أولا ومن ثم نبض الناس، وهذا ينسحب على الأقاليم وأطر الشبيبة والمرأة والطلبة والعمال والفلاحين والمغتربين واللاجئين.
لم يعد مجديا صم الآذان وإغلاق العيون عن واقع صعب نعيشه بكل تفاصيله فنخرج بخطاب حكومي لا يلامس واقعنا وشأننا، لماذا لا نقول، (مقتل نزار بنات حادث مؤسف ومدان وسنضمن عدم وقوعه مرة أخرى ضمن إجراءات ومراجعة جذرية)، ولن يسعف تكرار اقتباسات في وسائل إعلام بعينها عن القدس وبيتا والشيخ جراح ولا نأتي على ذكر جوهر الأزمة التي نحن فيها (بتزبطش).
هل أسأنا الاختيار؟ نعم، ويجب أن نقر ونعترف، حين توسطتم لمنصب وكيل وزارة وهو مضمون أنه لن يحسن صنعا، توسطتم لسفير وهو لا يحسن صنعا ونحن نعلم وعلى يقين من ذلك، تدخلتم لصالح مجموعة لتذهب بدورة تدريبية  ونحن نعلم أن هناك من هم أكثر أهلية منهم، ألم تدخلوا لشطب مخالفة سير، وضغطتم لإصدار قرار لمصلحة خاصة، ألم تعطلوا مبنى استثماريا وحابيتم مباني أخرى استثمارية.
أما تلك الفتيات وأولئك الشباب الذين خرجوا عن طور العقل والمنطق ولعنوا أخوات وأهل أجهزة الأمن فقد اخرجوا الأمور عن عقالها ولا مبرر ولا عذر لهم، وكما أنت تعود لعائلتك وعشيرتك ومن ثم تنظيمك الذي تواري فأبناء الأجهزة الأمنية لهم أهلهم وأخواتهم وعائلاتهم، فلا تظن أن من أسأت الأدب معه قاصر، وهذا لا يبرر بأي لحظة ضرب أي مواطن فلسطيني ولا يبرر المس بقامات وطنية ومهنية وأكاديمية معروفة للجميع.
ونسأل أولئك الذين عرفناهم منذ الثمانينيات يصفون انفسهم بالتقدميين وفجأة يصطفون مع جهات عليها ما عليها ولها ما لها فهذا مؤشر خطير، فهم يصطفون مع الرافضين (لاتفاقية مناهضة العنف ضد المرأة) ليكيدوا من يا ترى!!!، وتحفل مجموعات «الواتس آب» بتمجيد من لا يلتقون معهم إلا لأهداف انتهازية فقط.
الذين يريدون أن يخرجوا الأمور عن نطاقها بالهجوم على الأجهزة الأمنية وعلى شركاء النضال والكفاح عليهم أن يتذكروا عندما استهدف الاحتلال الأجهزة الأمنية ومقراتها وما نتج من فوضى وفلتان في المدن الفلسطينية وحضرت الخاوات والبلطجة.
ولن اخرج من هذا المساحة دون أن أكرر بضرورة الاعتذار لكل القامات الوطنية التي مست، ولا نفرق بين كائن من كان بحقه بالاعتذار وتصويب الأمر.

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر وكالة صدى نيوز.