رحيل أحمد جبريل نهاية مرحلة
رحل أحمد جبريل، رفيق ياسر عرفات وجورج حبش، والعديد من قيادات الصف الأول، كل له مبادؤه وتنظيمه وفعله، ولكنهم معاً، ومن معهم، صنعوا ولادة الثورة الفلسطينية قبل احتلال ما تبقى من فلسطين عام 1967، وشاركوا في قيادة مسيرتها، متفقين ومختلفين.
كان مع ياسر عرفات: خليل الوزير وصلاح خلف والعشرات من المؤسسين لحركة فتح، وكان مع جورج حبش: وديع حداد، غسان كنفاني، ومصطفى الزبري والعشرات من القيادات الحزبية والكفاحية من حركة القوميين العرب، وكان مع أحمد جبريل: عبداللطيف شرورو، علي بشناق وأبو العباس، من القيادات المؤسسة لجبهة التحرير الفلسطينية، التي اندمجت مع الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين عام 1968، وعادت وخرجت من بين صفوفها باسم الجبهة الشعبية- القيادة العامة.
تميز أبو عمار بقدراته العملية والسياسية، وجورج حبش بسعة رؤاه القومية، سواء كانت ثورية أو واقعية، وتفوق أحمد جبريل بمبادراته العسكرية القتالية، فهو صاحب أول عملية استشهادية في الخالصة، وأول عملية طيران شراعي، والعديد من العناوين المماثلة.
جورج حبش كان أردنياً، بعد رحيل عائلته وطردها من اللد إلى عمان، بينما كان أبو عمار يصف نفسه على أنه «مصري الهوى» عاش في مصر، وخدم بالجيش المصري، بينما كان أحمد جبريل «سوري الهوى» لأن أسرته بعد أن تشردت من قرية يازور إلى سوريا، التحق بالجيش السوري ضابطاً، وخدم في سلاح الهندسة التي اكسبته الخبرة والتجربة العملية.
بدأ بجبهة التحرير الفلسطينية قبل عام 1967 بسنوات، وكان أحمد جبريل مصيبا في تقديراته العسكرية فقد أدرك أن الجيش العربي- القوات المسلحة الأردنية، نصبت فخاً لجيش المستعمرة الإسرائيلية إذا تجاوز وعبر نهر الأردن، وكان مصيباً في تقييمه لفعالية الجيش العربي- القوات المسلحة الأردنية العملية، وتكتيكاته الفنية، ونتيجتها أن قواتنا المسلحة وجهت ضربات موجعة لجيش المستعمرة الإسرائيلية وحقق نصرا كبيرا في معركة الكرامة.
مسيرة النضال الفلسطيني تقدمت وتعثرت، حققت إنجازات، وأخفقت في تحرير فلسطين، وعودة اللاجئين المشردين، وآخر إنجاز حققه أبو عمار وفريقه وجيله، نقل الموضوع الفلسطيني وفعالياته من المنفى إلى الوطن بفعل الانتفاضة الأولى عام 1987، وقد أدرك أبو عمار في مفاوضات كامب ديفيد 2000، أن فرص استعادة القدس وعودة اللاجئين مغلقة، ففجر الانتفاضة الثانية، التي أرغمت شارون على الرحيل من قطاع غزة، بعد إزالة المستوطنات وفكفكة قواعد جيش الاحتلال، وكان رد شارون إعادة احتلال المدن الفلسطينية في آذار 2002، التي سبق وانحسر عنها الاحتلال بفعل إتفاق أوسلو 1993.
تم اغتيال ياسر عرفات وأحمد ياسين ومصطفى الزبري وفتحي الشقاقي، ولكن هذه الحقبة من تاريخ شعب فلسطين مضت بدون أن تحقق ما هو مطلوب: تحرير فلسطين.
رحيل أحمد جبريل مع من سبقه من قيادات فلسطين نهاية مرحلة، لمرحلة لم تبدأ بعد.