تشابكات صفقة تبادل الأسرى!
هل هناك صلة ما، بين تعيين رئيس الحكومة الإسرائيلية بينيت لـ «إيال خولتا» مستشاراً للأمن القومي بديلاً عن مائير بن شبات بتقدّم على ملف صفقة تبادل الأسرى التي تجري بوساطةٍ مصرية نشطة.
جولات عديدة، بين القاهرة وتل أبيب وغزة لمسؤولي الأمن الكبار لدى الأطراف الثلاثة، مصر و»حماس» وإسرائيل، نشطت في الآونة الأخيرة لمُعالجة جملة من العناوين والملفات كان في طليعتها ملف صفقة تبادل الأسرى، وقيل بعد كل جولة أن المباحثات حول هذه الصفقة لا تزال استكشافية، وبالعودة إلى الوراء فإنّ ما يجري حول هذه الحوارات والجولات، يعيدنا إلى مثل هذا السيناريو الذي سبق عقد صفقة شاليت، الفرق هذه المرة أنّه تم ربط هذا الملف إسرائيليًا بملف الإعمار، وهو ما رفضته المقاومة باعتبار أن هذا الملف بطبيعته الأمنية والإنسانية منفصل تمامًا عن ملف إعادة الإعمار نظرًا لتحمّل إسرائيل مسؤوليتها إزاء إعمار ما دمرته آلتها العسكرية أثناء حربها الأخيرة على قطاع غزّة.
حسب تقرير سابق لقناة «كان 11» العبرية، فإنّ إسرائيل تراهن على مصلحة مصرية أكيدة في التوصّل إلى هذه الصفقة، لذلك فهي تضغط على الجانب المصري من أجل تشجيع القاهرة وحركة حماس للمضي قدمًا من أجل اتاحة المجال أمام عقدها، ولكي تبدي مرونة أكثر بموازاة مرونة إسرائيلية تم التعبير عنها مؤخرًا بما يُسمى تسهيلات على المعابر وفي البحر، إلّا أنّ التقرير يشير إلى ما هو أهم، ذلك أن ما يؤخّر التوصّل إلى عقد هذه الصفقة ليس بسبب الربط الإسرائيلي بينها وبين إعادة إعمار قطاع غزّة، بل أن هذا التأخير حسب التقرير يعود إلى رفض إسرائيل إطلاق سلاح معتقلين فلسطينيين من ذوي الأحكام العالية، خاصة هؤلاء الذين شاركوا في عمليات قُتل فيها إسرائيليون، وهو نفس موقف حكومة نتنياهو السابقة التي أضافت على هذا الموقف الامتناع عن إطلاق سراح من أعادت إسرائيل اعتقالهم بعد إطلاق سراحهم وفقًا لصفقة شاليت.
أمّا التساؤل حول إذا ما كان هناك رابط ما بين تعيين خولتا بديلاً عن بن شبات، فيعود إلى أن هذا الأخير المقرب من نتنياهو كان من المتشددين في وضع الشروط الإسرائيلية وعدم إبداء المرونة ووضع شروط يعرف مسبقًا أنّه لا يمكن لحركة حماس القبول بها، ويظن البعض أن باستبداله إثر استقالته بعد أن شغل منصبه لأربع سنوات من شأنه أن يوجد فرصة أمام خولتا لاتخاذ سيناريو مختلف، مستفيدًا من نتائج الحرب الرابعة على قطاع غزّة.
من المستبعد، إن لم يكن من المستحيل، أن تتراجع حكومة بينيت حول شروط هذه الصفقة، ذلك أنّها ستكون أكثر تشددًا ولكي تظهر أنّها أكثر تصلبًا وأقل مرونة على هذا الملف وسائر الملفات الأخرى، لن تقبل حكومة بينيت بما هو أقل من شروط حكومة نتنياهو، لكنها في المقابل ستظل معنية بأن يظل هذا الملف مفتوحًا لكي تظهر بأنّها معنية بإعادة المعتقلين لدى «حماس» إلى عائلاتهم، أما ما تسميه إسرائيل تسهيلات إضافية على معبر كرم أبو سالم وزيادة مساحة الصيد فهذا يأتي في سياق تثبيت وقف إطلاق النار والتهدئة أكثر من كونه مرتبطًا بصفقة تبادل للأسرى، وفي كل الأحوال فإنّ الإشارات الأخيرة حول إمكانية التوصل إلى صفقة محدودة بحيث يتم إطلاق سراح بعض المعتقلات الفلسطينيات مقابل معلومات حول الأسرى الإسرائيليين فإنّ هذه الصفقة ستظل جزئية، وعلى الأرجح أنّها ستكون خاتمة لهذا الملف على المستوى المنظور، أي لن تكون هناك مرحلة ثانية.