اخرجوا من دائرة التردد والارتجاف
صناعة القرار تحتاج إلى براعة ومهنية عالية ولا تقبل التردد وعدم الحزم في اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب، لا يُعقل أن نظل في فلسطين أسرى للإشاعات والتسريبات، وكأننا نعيش في بلاد الرفاه الاجتماعي والاقتصادي والمالي، وليس لدينا همّ ولا احتلال ولا انقسام ولا نعيش في دائرة المؤامرات، لن يستقيم أمرنا لأننا لا نحسن ولا نمتلك جرأة صناعة القرار في الزمان والمكان المناسبين.
شهداء، أسرى وأسيرات، إضراب عن الطعام حتى يتم الإفراج عن أسرى الإداري، تراجع الوضع الاقتصادي والمالي، تغوّل على المستهلك وحقوقه، تهريب لمنتجات المستوطنات وتبييضها، مئات السلع غير المعربة والتي تأتي بعشرات الطرق غير القانونية، وبات الاحتلال لا يتابع أي منتجات غير حساسة ويكفي تسجيلها إلكترونياً واستيرادها وترويجها، بطالة، فقر، عدم التزام بالحد الأدنى للأجور، ولا نريد أن نسرد عناوين أكبر حفظناها عن ظهر قلب.
جميع المعطيات الواردة أعلاه لا تحتمل تردداً أو تخبطاً في صناعة القرار وتحديد الأولويات التي انقلبت، ما يزيد الأمور تعقيداً وإرباكاً ونصبح لا نعرف من هو الذي يدير شؤون البلاد، فتارة يظن الناس أن القطاع الخاص الكبير هو من يؤثر ويصنع القرار، وتارة أن فئة اجتماعية هي من تقوم بهذا الدور، وتسعى محافظة للإيهام أنها مَن صنع القرار (انظروا لعدد الوزراء ووكلاء الوزارات من محافظتنا) ومن ثم تقع الواقعة في المحافظة ذاتها (أبو فلان اللي جابها، لا الشباب، ما جابها الا اللي كان امبارح عندهم)، فجأة تصبح البلديات مجالس تسيير أعمال، عفواً ألم تؤجلوا انتخابات هيئات الحكم المحلي ومن ثم لم تحددوا موعداً لها، ماذا تريدون؟ هل يجب أن يكون قطاع الحكم المحلي مرتجفاً في صناعة قراراته!!!.
الرأي العام لم يعد يحمل أي نوع من الإعجاب بالأداء بالمطلق، وبات يسأل السؤال الصعب (إلى أين؟) وعندما يهدأ النقاش قليلاً يعودون إلينا بقرار ونقيضه، ليعود النقاش الى البروز والظهور بإلحاح (هل المرأة هي المستهدفة؟) (هل المرغوب هو القطاع الصحي الاستثماري الخاص؟) (هل ترحيل وزير من وزارة الى أخرى لاستهداف وزير يعتقد أنه لا سند له؟).
ويلح السؤال بعناوين أكبر: هل صناعة القرار ذاهبة باتجاه تعزيز وإسناد المقاومة الشعبية وعوامل الصمود؟ أم لا شأن لكم بذلك؟ هل نحن ذاهبون ضمن السياسات العامة باتجاه الانفكاك الاقتصادي ودعم المنتجات الفلسطينية؟
نحن بحاجة لمراجعة شاملة على أسس موضوعية عنوانها (الخروج من دائرة التأجيل والانتظار المتردد) لأن تكرار التأجيل سيسبب ضغطاً وتأثيراً من جهات من داخل الحلقة ومن الرأي العام، لأن الأمر لم يعد بالإمكان احتماله لأننا نتردد في الشأن العام الذي يطالنا جميعاً دون استثناء.
المراجع يجب أن تذهب باتجاه الذهاب صوب الانتخابات وتحديد فترة زمنية تؤهل لترتيب هذا الملف المهم والحيوي والأساسي، وبترافق ذلك مع ترتيب البيت الداخلي فوراً وعدم اعتبار الانقسام والاختلاف هو القاعدة والوفاق هو الاستثناء.
مجمل المتغيرات في العالم تؤثر علينا شئنا أم أبينا، بالتالي لا يُعقل ان نظل في دائرة التردد وعدم الحسم، وكل مسألة كبيرة ام صغيرة ستظل في دائرة التردد، وحتى هذا النمط لا يصلح لإدارة جمعية، فما بالنا بإدارة شؤون العباد والبلاد.
(اطلعوا من بين الخبيزة) واسمعونا بماذا تفكروا ولا تبقوا مختبئين خلف هذا الحدث وذاك، ومن ثم تخطبون في مناسبات قادمة (لقد قلنا لهم!!) آسفين لم نسمعكم ولسنا على ثقة انكم قلتم لهم أو قلتم لأنفسكم، كفى تحريك الدمى (هذا حبيبي طالما إنه مرضي أحبابي) وكأن بقية الشعب ليسوا أحبابكم، وتحريك الدمى لن يطول لأنه لن ينطلي، فاليوم تكون منتصراً لهذا وغداً ضده لأنه لم يكمل الخطة كاملة.
قواعد الحركة الوطنية الذين ذهبوا لشؤونهم الخاصة لأن الأمر لا يليق بتاريخهم النضالي السابق، عليهم ان ينتبهوا ولا يكتفوا بإعجاب على صفحات التواصل الاجتماعي، أنتم ملح الأرض حتى لو ابتعدتم أنتم أو أُبعدتم، أو كلاهما، آن الأوان ان تنتصروا لتاريخكم ولنضالاتكم وأن تضعوا بصمتكم على الوضع الراهن.
استهداف المرأة بصورة فيها مس بها لأنها امرأة مسالمة لا يستقيم مع فلسطين وتقديرها للمرأة، ولا نقبل أن تستمر المرأة في مقعدها اذا كانت لا تصلح لأنها ليست فوق المساءلة والمحاسبة والتقييم، ولكن اعتمدوا نفس القاعدة مع الرجال أيضاً لنصبح أكثر عدلاً ومنطقية.
(اخرجوا من دائرة التردد والارتجاف) (قرارات الحكومات لا يُقبل أن تكون قابلة للاعتراض والتراجع عنها، لأنها تُصنع باحتراف ومهنية) (لا تختبئوا خلف الدمى. اخرجوا لنا وقولوا قولكم ولا ينفع القول بعد الخلل).