بايدن و”بينيت”: لقاء الروح الجديدة …
محفوفاً بمباركات كلّ من يكره نتنياهو ويرغب في استمرار حكومة التآلفات العجيبة في اسرائيل ، ذهب نفتالي “بينيت” الى الولايات المتحدة في زيارة بدأ التحضير لها منذ شهور للقاء زعيم الديمقراطيين سيد البيت الابيض الرئيس جوبايدن.. هو اللقاء الاول بين الرجلين ومن الاكيد أن كليهما درس الآخر جيداً قبل الاجتماع.. . لكن لحظة اللقاء المنتظرة أفسدتها تفجيرات مطار كابول فتأجّل ساعات كانت كفيلة بإنقاص وزنه الاعلامي وصداه الداخلي عليهما …
وعلى الرغم من أن “بينيت” سافر الى الولايات المتحدة رافعاً شعار: لا خلافات ظاهرة في الصور والنقاشات خلف الابواب المغلقة، إلا أن سليل المفدال ومدير مجلس المستوطنات السابق قدم رؤاه الخلافية وخطوطه الحمراء مسبقا في مقابلة مع النيويورك تايمز قبيل اللقاء بأيام : لا خطة سلام مع الفلسطينيين / لا وقف لبناء المستوطنات / ولا لإيران نووية.
عيون “بينيت” وداعميه كانت كالصقر على هدفين رئيسيين : الأول ، إنجاح الاجتماع بحد ذاته .. فقد أراد تعزيز صورته كنجم قادم وقادر في سماء السياسة الاسرائيلية في أولى زياراته الخارجية سواء لدى الامريكان أو لدى الداخل الاسرائيلي . بالنسبة للأمريكان ، هو يعلم أن 12 عاما متواصلة من سيطرة بنيامين نتنياهو بعنجهيته وأسلوبه على تشعبات العلاقات بين البلدين ، وتحديه للرئيس السابق أوباما وبرود علاقته بأركان إدارته الديمقراطية ومن بينها الرئيس الحالي بايدن، وعلاقاته الحميمة بسانتا كلوز اسرائيل دونالد ترامب كانت ذات ارتدادات مزعجة بالقدر الكافي وغير قابلة للنسيان بالنسبة للديمقراطيين.
وبالنسبة للداخل الاسرائيلي يريد أن يثبت عكس اتهامات نتنياهو له بأنه ضعيف وعديم الخبرة وغير قادر على خلق إنجازات في السياسة الخارجية أو مواجهة تحديات العلاقة مع البيت الابيض . ففي خطابه الاخير كرئيس وزراء، شكك نتنياهو بقدرات “بينيت” ولابيد معاً قائلاً : “يجب أن يعلم رئيس وزراء قوي لإسرائيل كيفية أن “يقول لا لرئيس الولايات المتحدة في قضايا تهدد أمننا” في اشارة الى الموقف من إيران .
“بينيت” ترجم لغة صديقة وودودة مع الرئيس المخضرم أو كما يقول أظهر اسرائيل الجديدة ، واستطاع تدشين أسس علاقة شخصية مع بايدن محاولا الابتعاد عن الخلافات البينية للطرفين وتحاشى أسلوب المواجهة في خضم أحداث افغانستان التي سيطرت على عقل الرئيس الامريكي اثناء اللقاء..
من جهته أراد بايدن /بالمثل/ أن يعزّز انتهاء حقبة نتنياهو التصادمية مع الحزب الديمقراطي، فأحضر شبح الرئيس باراك أوباما الى اللقاء لافتاً نظر “بينيت” /عن قصد/ بأن الفضل يرجع لأوباما في منح اسرائيل أكبر مساعدة ثابته على الاطلاق في تاريخ البلدين 38 مليار دولار خلال عشر سنوات ..
أما الهدف الثاني من اللقاء فهو ايران التي تزعم اسرائيل أنها المهدد الوجودي رقم 1 لها في العالم. وتعلم الحكومة الاسرائيلية الجديدة أن العودة لأسلوب رفض الاتفاق النووي بشكل معلن هو عودة لنهج نتنياهو الفج إزاء إدارة أوباما السابقة. لهذا اختارت هذه المرة الحديث بشكل مختلف عبر رئيس وزرائها لا يناقض رفضها المطلق للاتفاق، وإنما يستخدم لغة أكثر هدوءا وايجابية حيث حمل “بينيت” في جعبته خطة سميت خطة “لجم ايران” . والحقيقة أنه ما بين التحضير للزيارة وعقدها حدثت متغيرات هامة أبرزها توقف المباحثات بين ايران والولايات المتحدة فيما يتعلق بالعودة للاتفاق النووي، وتولي ابراهيم رئيسي المتشدد الحكومة في طهران فضلا عن الانسحاب الأمريكي الفوضوي من أفغانستان وسيطرة طالبان عليها. أمور سمحت لاسرائيل بتهويل العدو الايراني وبمساحة أكبر للضغط على الولايات المتحدة بخصوص ايران.
والعناوين التي تصدرت الصحف بعد لقاء بايدن/ بينيت سلطت الضوء على تصريحات الرئيس الأمريكي بأنه هناك بدائل اخرى اذا فشل الحل الدبلوماسي مع طهران، وأعتقد أنه تصريح متوقع ومكرر لكن ابرازه كنتيجة يعطي اللقاء زخما ونجاحاً واتفاقاً دون خلافات في الصورة ..
كلا الرجلان أرادا لقاء ناجحاً توافقيًّا يبشر بحقبة جديدة او بالأحرى يعود الى حقبة ما قبل نتنياهو حيث اسرائيل مسألة لا نقاش فيها في الولايات المتحدة .. ويعود بينت ومعه مليار دولار تطوير للقبة الحديدية وإعفاء أمريكي من التأشيرة للإسرائيليين.
بالمناسبة لم نذكر في اللقاء أقصد الفلسطينيين !