قنصلية أميركية في رام الله!
وجَّه باحثون وسياسيون إسرائيليون، نفتالي بينيت، إلى قضية عاجلة بين أميركا وإسرائيل يجب بحثها فورا، لأنها الأهم، وذلك قبل زيارته ولقائه الرئيس الأميركي جو بايدن، يوم 28-8-2021 هذه القضية لا تحظى باهتمام الكثيرين، للأسف، على الرغم مِن أنها قضية خطيرة من وجهة نظر الإسرائيليين، طالبوه بأن يرفع البطاقة الحمراء في وجه الرئيس الأميركي حول اعتزام الإدارة الأميركية الجديدة، افتتاح قنصلية أميركية في القدس لخدمة المواطنين الفلسطينيين! أمدوه بالمعلومات التالية:
فتح القنصلية نقضٌ صريح لقرار الكونغرس 1995 باعتبار (اورشليم) عاصمة إسرائيل، ونقض لقرار حكومة، دونالد ترامب، نقل السفارة الأميركية للقدس، كما أن فتح القنصلية يعني عودة ملف القدس إلى نقطة الصفر، أي (القدس عاصمة لدولتين) وبخاصة أن نفتالي بينيت ليس من أنصار، حل الدولتين! كما أنَّ افتتاح القنصلية تهديد وجودي لإسرائيل، قرارٌ خطير، يتناقض مع الأعراف الدبلوماسية الدولية، والعالمية، فهو قرارٌ شاذ، يمس بقوانين السفارات الأميركية في دول العالم، كما أن وجود قنصلية أميركية في القدس ينتهك القانون الأساسي لإسرائيل، ويتعارض مع الشرعية الدولية.
أعرب سفير الاستيطان السابق، ديفيد فريدمان عن معارضته لافتتاح قنصلية أميركية، لأنها سوف تخدم (الإرهابيين)! قال الباحث في المركز الأميركي للعدل والقانون، جف بالابون: «كيف تُفتح قنصلية للفلسطينيين، وهم لا يملكون مقراتٍ في القدس، ولا وجود للسلطة فيها؟»!
أما رئيس جمعية الحفاظ على القدس، وهو، حايم سلبرشتاين، هذه الجمعية المختصة بتكثير عدد اليهود في القدس، وإسكانهم فيها، فقد اقترح على نفتالي بينيت، أن يقول للرئيس الأميركي، جو بايدن: «إذا كنتم ترغبون في فتح قنصلية أميركية لخدمة الفلسطينيين، افتحوها في رام الله، وليس في القدس»!
كانت تلك من أبرز وصايا الباحثين الإسرائيليين لنفتالي بينيت، قبل الزيارة!
ما أكثر فقهاءنا من أقطاب التحليل السياسي، المختصين بقراءة أبراج السياسة، وقراءة كف السياسيين! وما أكثر مراكز دراساتنا الفلسطينية المختصة بتقديم وجبات الغداء الدسمة، وعقد الندوات المخملية لعدة أيام، لتثمر في النهاية عن ملفات ورقية مُكررة، تتطابق تماما مع ملفات السنوات الماضية! ما سبق يلخصه المثلُ العربي المشهور (تمخَّضَ الجبلُ فولد فأرا)! هؤلاء في الغالب، تنبؤوا بفشل المفاوضات، أو بنجاحها، الجزئي والكلي!
أكثر محللينا لا يُنتجون أفكارا خلاَّقة في مواجهة هذا اللوبي الإسرائيلي السياسي، والثقافي، بل إنَّ بعضهم أدمن وصف ثقوبنا الفلسطينية دون أن يضع حلولا، على الرغم من اقتناعي أن قِلَّة هم مَن يُنتجون أفكارا خلاَّقة، يتجاهلُها معظمُ سياسيينا بِنِيَّةٍ وقصدٍ!
أما الطبق الشعبي المشهور عند المحللين والفقهاء الفلسطينيين؛ فهو ما يرغب الإسرائيليون في التركيز عليه وتسويقه إعلاميا في إطار زيارة بينيت، وهو الطبق التحليلي المشهور: سيبحث الزعيمان السلاح النووي الإيراني، الدعم العسكري والمالي لإسرائيل، الحلف الشرق أوسطي الموازي الجديد ضد «حزب الله» وإيران، كذلك الملف اللبناني، والسوري والعراقي، وكذلك الملف الفلسطيني! إن الملفات الإعلامية السابقة تهدف للتغطية على ما يجري بحثه بالفعل مثل؛ العمليات الاستخبارية الخطيرة، الهجوم على المفاعلات النووية الإيرانية، كمبيوتريا وعسكريا، وتنفيذ عمليات تصفيات للمعارضين، هي جوهر الاجتماعات بين الرؤساء.
أخيرا، إنَّ التحليل السياسي، ليس محفوظاتٍ تُسرَد أمام الكاميرات لالتقاط الصور، بل رؤى مستقبلية، تُحذِّر، تقود، تُعبئ، تُغيِّر»!