غابة الاطماع الاسرائيلية.. وسقوط افريقيا كأحجار الدومينو..!!
مقالات

غابة الاطماع الاسرائيلية.. وسقوط افريقيا كأحجار الدومينو..!!

شيئا فشيئا وبوتيرة توصف بالمتسارعه تتغير خارطة العالم العربي اليوم  بعدما تم تسليم مفاتيح البيت العربي بفعل التطبيع العربي -الاسرائيلي، التي باتت جزءاً لا يتجزء من تلك الامه، ورسمياً على ذمتها ،بخطوة كانت تعني الكثير لاسرائيل  بعدما رسخت قدمها  وتم حجز مقعداً  لها كعضو مراقب في الاتحاد الافريقي، لتصبح القارة السمراء وفق شعار" اسرائيل عادت الى افريقيا  "رقماً اضافياً صعباً أُضيف  لقائمة   لا يبدو  لها آخر....فوسط حالة عربية مترهلة، أخبارها لا تؤنس احداً،  تنذر باقتراب العصر العربي من نهايته، ووضع افريقي ليس بعافيته، بدا توّاق لاسكات بنادقه، بعد تورطه بحروب وصراعات مزمنة ، ترفض ان تغادر المكان، أفرغت البلاد من اهلها اغلبها على المياه والثروات ، جعلته لقمة سائغة في فم اعدائه، وكأن الحسم بات ممنوعاً عليها، في ظل الفائض من الخلافات، جاعلة لكل دولة فيها ألف قضية وقضية  داخلية على لائحة الانتظار، بات بسببها يعيش بين انياب الفقر وهم الخلاص منه، لعل  آخرها التوتر الذي تحول الى  قطيعة  بين المغرب والجزائر بمبررات عبثية  وزائفة،  ناهيك عن ازمة مياه النيل التي باتت تهدد حياة الملايين من دول المصب بالعطش والتهجير،  وكيف لا وهم اسود على بعضهم  و نمر من ورق  على اعدائهم ....! 

ففي خطوة نحو تعزيز المشروع الصهيوني التوسعي ونهب ما تبقى لهذه الدول من  سيادة وثروات، عملت اسرائيل على التغلغل والانقضاض على دولاً باتت توصف اليوم ببلاد الجوع والعطش ...فأطماع اسرائيل لم تكن لتتوقف عند احتلالها للاراضي الفلسطينية او نهبها للدول الخليجية  فحسب، فلطالما كانت هذه وتلك مجرد الشجرة التي تخفي خلفها غابة من الاطماع التي لا حدود لها او نهاية، فاسرائيل كدولة احتلال تدرك يقينا  لكونها جزيرة منعزلة وسط محيط عربي رافض لها  من احتمالية طردها  ذات يوم من الوجود، فلديها احساس بأن تهديداً وجودياً ينتظرها، مماجعلها تعيش حالة من  الخوف و القلق على مدار الساعه، فليس من قبيل الصدفة ربما وفي الوقت الذي نجحت فيه اسرائيل وبجداره باختراق جدار المقاطعة العربي الذي لم تكن حتى لتحلم به يوماً،  عبر اتفاقيات السلام كاتفاقيه كامب ديفيد مع مصر، و وادي عربة مع الاردن ومن ثم اتفاقية اوسلو مع السلطة الفلسطينية التي اطلق عليها زوراً وبهتاناً بسلام الشجعان، ووسط التنافس الاقليمي والعالمي على القارة السمراء ومع محاولة  الكثيرون مد اذرعه العسكرية والسياسية اليها، بنية فرط عقدها، تمهيداً لإحكام قبضتهم عليها ان استطاعوا الى ذلك سبيلاً... ان تقتنص اسرائيل الفرص و توجه أنظارها نحوها، لتبني  لها من جديد  جسوراً مع دولاً هي الأكثر عدداً من بين دول المنطقة العربية  حاملة معها مشروع التقسيم تماماً كالذي حملته في الشرق الاوسط، مراهنة على جانب الفقر والفتنة التي  ضربت  تلك الدول واصابتها في مقتل.

فوفق ثقافتها وفي نظرها ان اقتناص الفرص هو لُب فنون الحرب وأحد اساساتها، فوسط الخراب والدمار فتَّش دائماً عن اسرائيل التي ما فتئت تستغل الواقع العربي والعالمي الملتهب والملتهي بالحرائق وبجائحة كورونا، وقد وجدت طريقاً سالكا امامها، لا سيما في الدول النامية لتتسلل منها واليها، عبر منافذ اقتصادية وامنية وتنموية استطاعت من خلالها  وبجدارة ان توطد علاقاتها مع العديد من الدول الافريقية، مستغلة حاجتها للتنمية والاستثمارات وكأنها سلسلة حيكت بسيناريو حبك بأحكام كان بينه وبين البراءة عداوه  لاستباحة تلك الدول ...فرياح الخطة التي رسمتها منذ عقود اتجاهها سرت تماماً  كما تشتهي سفنها .

فلطالما كانت تطمع اسرائيل في ترجيح كفة اصوات الاتحاد الافريقي لصالح مشروعها الاستيطاني التوسعي وذلك للحيلولة دون التصويت ضدها في المحافل الدولية،  خصوصاً  في ظل الجرائم  المتواصلة التي ترتكبها منذ عقود بحق الشعب الفلسطيني، فاسرائيل تدرك جيداً حجم ومكانة افريقيا الجيوسياسي وتدرك تماماً معنى ان يضعف القرن الافريقي وينحل، خصوصاً ان العالم ما كان ليسمع عن جرائمها وعنصريتها بحق الفلسطينيين لو لم يكن يتبناها الاتحاد الافريقي ويسلط الضوء عليها، فلطالما كان الاتحاد بل  وما يزال صوتاً يبعث  صدى  لا بأس به في الامم المتحده والمحافل الدولية  لصالح الفلسطينيين .

ولطالما كانت افريقيا العقده الأصعب التي عجز الكثيرون على حلها، خصوصاً في مسألة التطبيع مع اسرائيل بوقوف بعضاً من دولها حتى هذه اللحظة على الطرف الآخر من المحور الامريكي الاسرائيلي، معاديا لسياساتها، وبالذات رؤيتها حيال القضية الفلسطينية التي ما عادت  اليوم تلقى اجماعاً لدى العديد من  الدول العربية بعدما باتت هي واسرائيل نفساً وجسداً واحداً ضد الفلسطينيين،  فها هي  قضية الامة العربية ما زالت تراوح مكانها على الرغم من تساقط العديد من  تلك الدول كحنطة الشتاء واحجار الدومينو في احضان اسرائيل تحت ذريعة السلام المزعوم وحل  الدولتين.

 فاسرائيل وفي سعيها المتواصل للبحث عن الشرعيه الدولية وخصوصاً العربية منها كان عليها ان توجه سهامها الي كل من قارتي اسيا وافريقيا طولاً وعرضاً،  لغسل  يديها الملطختان بدماء الفلسطينيين، وفي محاولة بدت يائسة لتصدير الوجه الحسن الذي عبثاً تحاول اظهاره للعالم، فافريقيا وعلى ايقاع هذا الاتفاق  الموبوء بالمؤامرات والنوايا المبطنه والذي  شبهه البعض "كمن يأتي بالدب الى كرمه " قد بدا بمنطق السياسة،  وكأنه  تفريط واستسلام ، تعيد  من خلاله افريقيا رسم خارطة علاقاتها الودية مع اسرائيل  بعد قطيعة دامت لسنوات، غير آبهه بالخطر المحدق الذي يتربص بها وشفير الهاوية التي اوشكت على السقوط فيه وتنتظر الارتطام ....!  

 ففي المضمون هي حرب خفية محور صراعها الثروات لكون افريقيا دولة تشع بالمعادن النفيسة من ذهب والماس تستحق لاجلها اعادة ترميم ما تهدم من علاقات، وكيف لا والمرء يمكنه ان يحلم بالثروه في بلد اكتشفت فيه اكبر الماسه على الاطلاق .....وليس هذا فحسب بل انها ووفق هذا الاتفاق  تقفز الى الخلف لسنوات، فلربما من باب السهو وسوء التقدير او الخطأ في الحسبان، ان تعيد افريقيا عصر العبودية والعنصرية التي بالكاد تخلصت منها وكسرت سلاسلها، فحبراً كثيرا قد سال حول ما عانته تلك  القارة على مدى عقدين من الزمان، ودماً غزيراً سكبته على طريق تحريرها، فحررت  نفسها منه " وهي التي   لمثلها تليق الحريه" .

 الا ان ما يثير الصدمة و يدعو على الاستغراب، ان الابارتهايد الاسرائيلي والعنصرية ما يزالان  ماثلان  امامها  ومن اوضح الواضحات كمثالاً حياً يرزق  في فلسطين ...! ومع  كل هذا وذاك كان هناك من يكافؤها ويعبد لها الطريق بل ويسلمها المفاتيح لتصبح دولة عظمى وقوة امبريالية،  وعرابا رسميا للدول العظمى الطامعه فيه لتعبث به وبثرواته  بحيث تستطيع ان توجه ضرباتها  حيثما  وكيفما وفي الوقت الذي  تشاء، بمساندة انظمه تتحرك من خلف الستار كانت كافية وعلى قدر من المسؤولية لتحقيق احلام الصهيونيه هي في الحقيقه ادوات ترفع جهرا شعارها ..."ارضك يا اسرائيل من الفرات الى النيل" بتمكينها من الشرق الاوسط برمته .

فقد لا يختلف اثنان على ان دور اسرائيل في المنطقة العربية كان اساساً رغم محاولاتها التستر على ذلك والتكتم عليه هو تحطيم الرابط  القومي العربي، تمهيداً  لقيام االمشروع والدولة الامبريالية الجديدة في المنطقة العربية، فاسرائيل لم تكن يوماً مفصولة عن المنظومة الامريكية الغربية  الاستعمارية  بأوجهها المختلفة، فالقوى العظمى لا تستطيع ان تمارس عملياتها الهدّامه جهاراً، وكيف لا  وهي التي لطالما لمع نجمها في مجال الديمقراطية وحقوق الانسان، وكانت رمزاً من رموز العدالة والكرامة الانسانية والحريات ...! فكان لا بد لها  من ان توكل مهمتها لاسرائيل وهذا تماماً ما  جاء على لسان رئيس الولايات المتحده الامريكية جو بايدن  حرفيا " بأنه كان علينا ان نخترع اسرائيل لكي نحمي مصالحنا في الشرق الاوسط الجديد....!

ولهذا  السبب فإن الاستراتيجية الامريكية  تضع استمرار اسرائيل وليس فقط بقاؤها  ضمن اطار مشروعها  وضمن صميم سياستها وما ترمي اليه، فتراها في  صراع  مستمر مع دول عظمى منافسه لها كالصين وروسيا من اجل البقاء، لانها تدرك جيداً بأن البقاء للاقوى، وخصوصاً تلك التي تسيطر على مصادر الطاقه، فالدول وفق رؤيتها تقوى وتضعف بمقدار سيطرتها على تلك الموارد خصوصاً ان  الحلم الامريكي بأن امريكا لا غنى للعالم عنها قد اصبح محل تشكيك  لدى الكثيرين وفي سبيل ذلك  كان لا بد من زراعة كيان دخيل يحافظ على  الحرب الابدية على الشرق الاوسط ليضمن لها  النفط و الثروات... فامام كل هذا وذاك الا يتطلب من مفوضية الاتحاد الافريقي ان تتدارك التبعات المأساوية لهذا الاتفاق وتبتعد عن مصالحها الذاتيه والموائمات السياسيه و التفكير مرات ومرات قبل الدخول الى وكر الدبابير هذا ، فلربما لم يسبقها الوقت لاستدراك الاخطاء وتصحيحها ، فكلما تعمقنا في الوحل كان طريق عودتنا اصعب ...!

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر وكالة صدى نيوز.