مخاوف ركود في أوروبا رغم النمو المفاجئ في ألمانيا
مال وأعمال

مخاوف ركود في أوروبا رغم النمو المفاجئ في ألمانيا

صدى نيوز- سجّل الاقتصاد الألماني نموا غير متوقع في الفصل الثالث من العام، وفق ما أظهرت بيانات رسمية، اليوم الجمعة، لكن التباطؤ في فرنسا وإسبانيا فاقم المخاوف من إمكانية أن يتسبب ارتفاع معدلات التضخم وأزمة الطاقة بالمنطقة في حالة ركود.

ويستعد الأوروبيون لشتاء صعب في وقت قلّصت روسيا إمدادات الغاز غداة الحرب في أوكرانيا، ما يؤدي إلى ارتفاع فواتير التدفئة وتفاقم أزمة تكاليف المعيشة بالنسبة للملايين.

ورغم التوقعات القاتمة، فاجأت ألمانيا المحللين بالإعلان عن نمو فصلي بلغت نسبته 0,3 في المئة، مدفوعا بشكل أساسي بإنفاق المستهلكين.

في الأثناء، سجّلت كل من فرنسا وإسبانيا نموا نسبته 0,2 في المئة من تموز/يوليو حتى أيلول/سبتمبر، في تباطؤ شديد بعد النمو البالغ 0,5 و1,5 في المئة الذي سجله البلدان في الفصل السابق.

وذكرت وكالة "ديستاتيس" الفدرالية الألمانية للإحصاءات في إشارة إلى البيانات الأولية أن "الاقتصاد الألماني تمكّن من الثبات رغم.. وباء كوفيد-19 المتواصل واضطراب سلاسل الإمداد وارتفاع الأسعار والحرب في أوكرانيا".

وتمكّنت ألمانيا من تحقيق نمو نسبته 0,1 في المئة في الفصل الثاني من العام، بعد توقعات المحللين بأن ينكمش أكبر اقتصاد في أوروبا بنسبة 0,2 في المئة في الفصل الثالث، لكن خبراء اقتصاد حذّروا من أن بيانات الجمعة لا توفر إلا فترة راحة قصيرة وبأن الهبوط الاقتصادي قادم، في وقت تؤدي الحرب في أوكرانيا إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية والطاقة.

وأظهرت بيانات أولية نشرتها "ديستاتيس"، اليوم الجمعة، أيضا بأن معدل التضخم ارتفع في تشرين الأول/أكتوبر في ألمانيا مسجّلا 10,4 في المئة. لكن وتيرة ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية كانت أبطأ من الأشهر السابقة.

كما أظهرت البيانات بأن الارتفاع مدفوع بتكاليف المواد الغذائية والخدمات بينما كان ارتفاع أسعار الطاقة أقل شدة. وبلغ معدل التضخم في أيلول/سبتمبر 10,0 في المئة.

وغذّت الحرب التضخم في منطقة اليورو إذ سجّل معدلا قياسيا بلغ 9,9 في المئة في أيلول/سبتمبر، فحرم العائلات من المداخيل ورفع التكاليف بالنسبة للشركات.

وقال خبير الاقتصاد لدى "آي إن جي" كارستن برزيسكي إن "بيانات النمو الإيجابية الصادرة اليوم تشكّل مفاجأة مرحّبا بها. لكنها لا تعني بأن الاقتصاد الألماني سينجح في منع حدوث ركود"، مضيفاً أن "الركود تأخر فحسب، لكن لا يمكن القول إنه غير وارد".

وكانت ألمانيا التي تعد صناعاتها المستهلكة للطاقة مفتاح نجاحها كدولة مصدّرة، تعتمد بشدة على الغاز الروسي قبل الحرب وكانت أكثر تأثرا من دول الاتحاد الأوروبي الأخرى بتراجع إمدادات الغاز الروسية.

وتتوقع الحكومة الألمانية بأن ينكمش الاقتصاد بنسبة 0,4 في المئة عام 2023.

وفي فرنسا، ثاني أكبر قوة اقتصادية في الاتحاد الأوروبي، ساهمت الاستثمارات التجارية القوية في المحافظة على الزخم، لكن انتعاش قطاع الخدمات في أعقاب تدابير الإغلاق يتراجع، بحسب محللين.

وقال خبير الاقتصاد لدى "أليانز تريد" ماكسيم دارميه إن النمو الهزيل الذي حققته فرنسا في الربع الثالث قد يكون "آخر فرحة قبل الركود".

وأضاف أنه مع ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية في فرنسا إلى أعلى مستوياتها منذ العام 1985، ستشعر العائلات "بشدة بتراجع قدرتها الشرائية".

وتعهّد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في مقابلة تلفزيونية نادرة مؤخرا دعم العائلات في هذه الفترة الصعبة، بعدما شهدت البلاد أسابيع من الإضرابات احتجاجا على أجور العاملين في مصافي النفط ومستودعات الوقود.

وأما في إسبانيا، فأُرجع تباطؤ النمو بمعظمه إلى تراجع أداء قطاع العقارات حيث انكمش النشاط بنسبة 2,5 في المئة وانخفاض الصادرات والاستثمارات التجارية.

ولفت خبير الاقتصاد لدى "آي إن جي" ووتر تييري إلى أن الموسم السياحي القوي وازدياد الطلب المحلي جنّبا إسبانيا الانكماش، لكن في وقت تبدو العديد من المؤشرات سلبية، قال تييري "نتوقع ركودا معتدلا في الاقتصاد الإسباني خلال الفصلين المقبلين".

وأعلن البنك المركزي الأوروبي، الخميس، رفع معدلات الفائدة مجددا لمكافحة التضخم، لكنه أقر بأن ارتفاع تكاليف الاستدانة سيعمّق الصعوبات الاقتصادية.

وقالت رئيسة المصرف كريستين لاغارد إن إمكانية تسجيل ركود في منطقة اليورو "تلوح أكثر في الأفق".