تحليل: "الإجراءات الإسرائيلية" لدعم السلطة.. تسجيل موقف ولن تُنهي الأزمة المالية!
تحليل اقتصاد صدى: صادقت تل أبيب قبل أيام على إجراءات اقتصادية وصفت بـ"الصغيرة" لتعزيز السلطة الفلسطينية اقتصادياً، بعد عامين على أزمة مالية قال عنها رئيس الوزراء محمد اشتية إنها "خانقة"، لكن هل ستخرج هذه الإجراءات السلطة من أزمتها أم أنها فقط لمنع انهيارها ماليا؟
الإجراءات الإسرائيلية التي دخلت حيز التنفيذ وفقاً للإعلام العبري تشمل خفض الرسوم التي تفرضها تل أبيب على السلطة لنقل الوقود، المعروفة بضريبة البلو، من 3 في المائة إلى 1.5 في المائة، حيث ستوفر هذا الخطوة حوالي 5 ملايين شيقل شهرياً، إضافة إلى رفع نسبة الإيرادات التي تحولها إسرائيل للسلطة من الرسوم التي تحصل عليها من المسافرين عند معبر الكرامة الحدودي بين الضفة الغربية والأردن، وتوسيع قائمة الواردات المعفاة من الضرائب التي تعالجها نيابة عن السلطة الفلسطينية.
ويبلغ متوسط الإيرادات الحكومية شهرياً من المحروقات حوالي 250 مليون شيكل، وسيرتفع هذا المبلغ.
وزير المالية شكري بشارة علق في تصريحات صحفية على هذه الخطوة قائلاً إن تخفيض ضريبة الوقود سيكون محدود الأثر "بحدود 4 - 5 مليون شيكل شهريا".
رسوم السفر على معبر الكرامة
ويتمحور الخلاف بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل بخصوص رسوم الخروج عبر معبر الكرامة في أن الاتفاق كان ينص على جباية 26 دولاراً أو ما يعادلها بالعملة المحلية من المسافر المغادر، تقسم مناصفة، إلا أن تل أبيب زادت هذا المبلغ مرات عديدة منذ عام 1994، وبقيت حصة السلطة الفلسطينية نفسها، ما راكم متأخرات للسلطة على إسرائيل بحوالي 800 مليون شيقل.
وفي حال تطبيق القرار الإسرائيلي حول رسوم الخروج فإن السلطة الفلسطينية ستتقاضى نصف المبلغ المدفوع من قبل المواطنين حالياً، أي 83.5 شيقلاً من أصل مجمل مبلغ الرسوم البالغ 167 شيقلاً.
ولم يتطرق القرار الإسرائيلي إلى المتأخرات التي تطالب بها السلطة.
تحديث قائمة الواردات المعفاة من الضرائب
تأتي الخطوة الثالثة حول تحديث قائمة الواردات المعفاة من الضرائب، والذي سيتم وفق القرار الإسرائيلي في الاجتماع المقبل لـ"اللجنة الاقتصادية الإسرائيلية - الفلسطينية المشتركة، والتي لم تجتمع منذ عام 2009.
وسيمكن هذا القرار حال تنفيذه السلطة الفلسطينية من استيراد سلع معينة دون ضرائب تفرض من قبل الجانب الإسرائيلي، ما يعني أن السلطة هي من سيحدد قيمة الضريبة عليها، وسيشكل هذا القرار مورداً مالياً للسلطة في حال قررت الاستمرار في فرض نفس الرسوم عليها، أما إذا قررت السلطة تخفيض هذه الرسوم فإن ذلك سيساعد في خفض الأسعار لبعض الأصناف في السوق الفلسطينية، ولا يعرف بعد توجه الحكومة الرسمي للتعامل مع هذه الجزئية، إلا أن المؤشرات تدلل على أن السلطة ستحاول زيادة إيراداتها، حسب تحليل اقتصاد صدى.
هل هذه الإجراءات كافية؟
رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية كان قد صرح سابقاً اقتطاعات الاحتلال غير الشرعية، وغير القانونية بلغت العام 2022 فقط 2,400 مليار شيكل بزيادة تصل إلى 300 مليون شيكل عن العام 2021، إلا أن اشتية صرح في جلستين متتاليتن للحكومة أنه من المتوقع ومن المأمول أن تنتهي الأزمة المالية للسلطة نهاية العام الجاري.
ويعزز هذا التوجه ما نشر عن الاتفاق مع حراك المعلمين والذي يقضي بصرف 10% لطبيعة العمل بداية العام المقبل أو مع انتهاء الأزمة المالية أيهما أقرب، ما يشير إلى أن لدى الحكومة خطة أو معلومات بانتهاء الأزمة المالية لها خلال النصف الثاني من العام الجاري.
وتعد الخطوات الإسرائيلية "الصغيرة" في الجانب الاقتصادي دعامة "هشة جداً" لموازنة الحكومة الفلسطينية، وفق تحليل اقتصاد صدى، حيث لن تخرجها من أزمتها المالية، إلا أنها ستحول دون تعمقها أكثر، وهي في الأساس خطوة لتجميل صورة إسرائيل عالمياً، وإظهار نفسها على أنها قدمت شيئاً للجانب الأمريكي.
وتظل أي خطوة اقتصادية إسرائيلية دون معنى إذا استثنت إلغاء الخصومات المفروضة شهرياً على المقاصة الفلسطينية وإعادة ما تم خصمه سابقاً، وتحويل المتأخرات التي تقدر بمليارات الدولارات للجانب الفلسطيني، هذا إذا كانت إسرائيل معنية بانتهاء الأزمة المالية للسلطة، وهو أمر يبدو أن إسرائيل غير معنية نهائياً بتحقيقه، لتظل السلطة الفلسطينية تعاني من أزمة مالية تقربها من حافة الهاوية، لكن دون الوقوع فيها.
وكانت بيانات مالية رسمية كشفت عن أن حجم الدين العام الفلسطيني بلغ حتى نهاية شهر شباط الماضي مستوى تاريخي غير مسبوق منذ تأسيس السلطة الفلسطينية.
وبلغ حجم الدين العام والمتأخرات على الحكومة الفلسطينية نحو 46 مليار شيقل، وهو رقم ضخم بالنسبة لموارد الحكومة المالية حالياً.
وكشفت الأرقام الصادرة عن وزارة المالية، والتي اطلع عليها اقتصاد صدى أن إجمالي الدين العام المستحق على الحكومة الفلسطينية حتى نهاية فبراير الماضي، بلغ 12.7 مليار دولار، فيما كان المستوى القياسي السابق عند 12.5 مليار دولار حتى نهاية 2021.
ودفع ارتفاع سعر صرف الدولار والفائدة إلى صعود الدين العام الفلسطيني.
في الوقت نفسه، بلغ إجمالي المتأخرات المالية على الحكومات الفلسطينية المتعاقبة 21.1 مليار شيكل حتى نهاية الربع الثالث من العام الماضي، وهي أرقام لا يتضمنها حجم الدين العام على الحكومة.
ويقصد بالمتأخرات الديون الصفرية المستحقة على الحكومات الفلسطينية المتعاقبة لصالح جهات محلية مثل الموظفين والقطاع الخاص وغيرها من الجهات.