الاقتصاد الأوروبي يُسجّل تقدّماً طفيفاً في الربع الأول ولكن العوامل المعاكسة مستمرّة
مال وأعمال

الاقتصاد الأوروبي يُسجّل تقدّماً طفيفاً في الربع الأول ولكن العوامل المعاكسة مستمرّة

صدى نيوز -(أ ف ب) -سّجل الاقتصاد الأوروبي تقدّماً طفيفاً في الربع الأول مدفوعاً بانخفاض أسعار الطاقة بشكل خاص، وفق أرقام مكتب الإحصاء الأوروبي "يوروستات"، غير أنّ التضخّم لا يزال مرتفعاً كما أنّ تشديد السياسات النقدية قد يؤثر على ما تبقّى من هذه السنة.
وارتفع الناتج المحلّي الإجمالي لمنطقة اليورو بنسبة بلغت 0,1 % في الربع الأول من العام 2023 مقارنة بالربع السابق، بعدما بقي ثابتاً في الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام 2022، وفقاً لـ"يوروستات".
بالنسبة إلى الاتحاد الأوروبي برمّته، انتعش نمو الناتج المحلي الإجمالي بزيادة بلغت نسبتها 0,3% بعد انخفاض بنسبة 0,1 % في الربع الأخير من العام 2022، وفق "يوروستات".
وقال المفوّض الأوروبي للاقتصاد باولو جنتيلوني "هذه الأخبار مشجّعة، تُظهر أنّ أوروبا لا تزال تُظهر صمودها في مواجهة بيئة دولية معقّدة".
وبينما عانت أوروبا وطأة ارتفاع أسعار الطاقة في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا، كان الشتاء أقلّ قسوة من المتوقّع، فيما سمح تراجع أسعار الطاقة للاقتصاد بالتقاط أنفاسه وتجنّب أيّ ركود شتوي.
كذلك، أدّت إعادة فتح الصين بعد ثلاث سنوات من الإقفال بسبب سياستها "صفر كوفيد"، إلى تحفيز التبادلات التجارية بينما تستمرّ السياسات العامّة لدعم النشاط والاستهلاك في جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي.
وقال الخبراء في مكتب "أكسفورد إيكونوميكس"، إنّ "الصادرات كانت المحرّك الرئيسي لنتائج الربع الأول الإيجابية بشكل طفيف". وأضافوا أنّ "تخفيف الانسدادات (في خطوط الإنتاج الصناعية)، وانخفاض أسعار الطاقة ومؤشرات الصمود الاقتصادي العالمي، كلّها عوّضت ضعف الاستهلاك الخاص".
ولكن رغم تباطؤ التضخّم، إلّا أنه يبقى عند سقف مرتفع جداً (6,9 في المئة على مستوى سنوي في آذار/مارس في منطقة اليورو)، الأمر الذي يضرّ بشدّة باستهلاك الأُسر التي تعدّ المحرّك الرئيسي للنشاط، على الرغم من زيادة الأجور.
وحذّر كارستن برزيسكي الاقتصادي في بنك "إي ان جي"، من أنّه "لا سبب للثقة المفرطة... لأنّ أداءات النمو ليست متجانسة".
وخلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام، سجّلت البرتغال أكبر زيادة في ناتجها المحلي الإجمالي (1,6 %) تليها إسبانيا وإيطاليا ولاتفيا (0,5% لكل منهما). فيما سجّل نمو الناتج المحلي الإجمالي في فرنسا ارتفاعاً طفيفاً (0,2%).
في المقابل، نجت ألمانيا بصعوبة من ركود شتوي بفضل القوة النسبية لصناعتها، بعد انخفاض بنسبة 0,5% في الربع الأخير من العام 2022. وعلى أساس سنوي، كانت ألمانيا البلد الوحيد في منطقة اليورو الذي يسجّل انكماشاً بلغت نسبته 0,1%.
من جهة ثانية، تراجع الناتج المحلّي الإجمالي في كلّ من النمسا (-0,3%) وفي إيرلندا (-2,7%).
واوضح برزيسكي أنّ هذه الفوارق "قد تنجم عن التأخير الزمني في تطبيق إجراءات التحفيز المالي على المستوى الوطني، وسقوف أسعار الطاقة".
واضاف "من الناحية الهيكلية، يمكن أن يمثّل ذلك بداية لإعادة توازن أكثر هيكلية في منطقة اليورو"، لافتا الى أنّ "النموذج الاقتصادي الألماني هو الأكثر تأثّراً بارتفاع أسعار الطاقة والتوترات التجارية العالمية".
من جهة أخرى، من المرجّح أن تؤدّي مثل هذه التناقضات إلى تعقيد مهمّة البنك المركزي الأوروبي، الذي رفع أسعاره عدة مرّات لمواجهة التضخّم المرتفع وينوي مواصلة هذا التضييق النقدي، الأمر الذي قد يؤثّر على النشاط.
وحذّر مكتب "أكسفورد إيكونوميكس" من أنّه "من غير المتوقّع حدوث انتعاش كبير في النمو الاقتصادي خلال العام 2023"، مضيفاً أنّه "من المرجّح أن تكون البداية القوية للصناعة لهذا العام قصيرة الأجل، وسيحدّ كلّ من التضخّم المرتفع والظروف المالية الأكثر صرامة من نمو النشاط".
في منتصف شباط/فبراير، أكدت المفوضية الأوروبية في توقعات محدّثة أنّها كانت تتوقّع انخفاضاً تدريجياً في التضخّم ونمواً أفضل ممّا كان متوقعاً، مراهنة على نمو بنسبة 0,9 في المئة من الناتج المحلّي الأجمالي في منطقة اليورو للعام 2023 ككل (+0,6 نقطة مقارنة بالتنبّؤ السابق).
ومع ذلك، قد يمثّل ذلك تباطؤاً حاداً مقارنة بمعدّل نمو بنسبة 3,5 في المئة سجّل العام الماضي.
وقال فالديس دومبروفسكي نائب المفوضية إنّ "الاقتصاد يصمد بشكل أفضل ممّا كنّا نتوقّع قبل بضعة أشهر. لكن من الواضح أننا لم نخرج من مرحلة الخطر ب