الفريق الأهلي لدعم شفافية الموزانة العامة ينتقد سياسة الحكومة في إدارة المال العام
اقتصاد صدى - قال الفريق الأهلي لدعم شفافية الموزانة العامة، إن غياب الشفافية والتشاركية أصبحت السياسة المعتمدة من قبل الحكومة الفلسطينية في إدارة المال العام.
وأضاف الفريق أن العام 2022 والربع الأول من العام 2023 شهدا تحديات كبيرة واجهت الحكومة الفلسطينية، منها أزمة مالية خانقة لم تستطع الحكومة من خلالها الوفاء بالتزاماتها، ما أدى إلى أزمات مالية متتالية مع القطاعات المختلفة، الخاصة والعامة مثل حقوق الاتحادات والنقابات وأبرزها تجاه موظفي القطاع العام، حيث شهدت عدم اكتمال صرف الراتب منذ حوالي 18 شهراً، وعلى الرغم من ذلك استمرت الحكومة الفلسطينية باتباع سياسة إدارة الظهر لأحكام القانون الأساسي الفلسطيني وقانون تنظيم الموازنة العامة للعام 1998 من حيث احترام مواعيد الاعداد والتقديم، والتجاوز لأحكام القانون، واتباع النهج الانغلاقي وعدم التشاور، والاستفراد في اتخاذ القرارات المالية وتحديد أولويات الإنفاق دون نشرها وتوضيحها، وإنكار حق المواطنين دافعي الضرائب وممثليهم من المشاركة في بلورة أولويات الانفاق العام، حيث تم نشر (قرار بقانون) بشأن الموازنة العامة للسنة المالية 2023 بإدعاء إقرارها من قبل السيد الرئيس دون ما يشير إلى صحة ذلك في ما كانت تعلنه من قرارات مجلس الوزراء طيلة الأشهر التي سبقت ذلك.
وتابع: "لم تلتزم الحكومة بالأحكام القانونية والشروط الناظمة للموازنة العامة، الواردة في قانون رقم (7) لسنة 1998، بخصوص موعد اعداد الموازنة العامة ونشرها للمواطنين، حيث تضمن اعداد موازنة العام 2023، اشكاليات قانونية، تمثلت في إدعاء إقرارها في الفترة الاستثنائية المسموحة لإقرار الموازنة العامة للسنة المالية 2023 التي نشرت في الجريدة الرسمية بعد اكثر من شهر من إدعاء إقرارها من قبل السيد الرئيس، وبشكل مختصر، تحت حجة غير صحيحة أن الحكومة تعمل على إقرار ملحق للموازنة، إذ أشار قرار مجلس الوزراء في جلسته رقم (200) بتاريخ 3/4/2023، إلى ملاحق للموازنة العامة 2023، وموازنة طوارئ دون الاستناد إلى إعلان حالة الطوارئ وفقا للباب السابع من القانون الأساسي الفلسطيني (أحكام حالة الطوارئ) والتي يمكن أن يصدرها الرئيس في ظروف محددة وشروط مقيدة وهذا لم يحصل".
الحكومة تسمح لنفسها إدارة تنفيذ الموازنة بدون الالتزام بأحكام قانون الموازنة
وفي ذات السياق، قال الفريق: "منح القرار بقانون بشأن الموازنة للعام 2023 صلاحيات واسعة وسلطات تقديرية لوزير المالية ورئيس الوزراء، وذلك خلافا خلافا لاحكام المادة61 من القانون الاساسي، وقانون تنظيم الموازنة العامة لسنة 1998، والذي أكد على أن المجلس التشريعي/ المشرع صاحب اصدار القوانين هو المخول باتخاذ القرارات في القيام بالمناقلة بين أبواب الموازنة وفي مخصصات الانفاق. حيث جاء في المادة (6) من (القرار بقانون) بشأن الموازنة العامة للسنة المالية 2023، "جميع الأرقام والبيانات المتعلقة بعام 2023 الورارة في هذا القرار بقانون تأشيرية وقابلة للتعديل والتحديث على ضوء المستجدات المستقبلية خلال السنة المالية. يتم اعداد خطط إنفاق نقدية شهرية ترتكز على مبدأ التقنين النقدي وفقا للأولويات وتعرض على مجلس الوزراء"، تتيح المادة المذكورة صلاحيات واسعة لوزير المالية بالتعديل والتحديث على أرقام الموازنة، وبالشكل الذي يتعارض مع المادة (36) من قانون تنظيم الموازنة والتي تنص على "إذا لزم أي تعديل على بنود قانون الموازنة العامة أو إضافة بنود يترتب عليهما إضافة مخصصات جديدة يجب إعدادها كملحق موازنة وتقدم من مجلس الوزراء إلى المجلس التشريعي للمصادقة عليها وإصدار القانون بها".
وأضاف: "كما استمرت الحكومة بسياسة التجاهل المطلق لمؤسسات المجتمع المدني والمواطنين دافعي الضرائب، واقرت الموازنة دون أي مشاورات مجتمعية، أو مشاركة في تحديد الاولويات وفقا لرؤية المجتمع المدني، واستمرت في اخفاء المعلومات، حيث اقتصر ما تم نشره في الوقائع الفلسطينية على صفحة واحدة من المعلومات العامة والمعطيات الرقمية بشكل أرقام إجمالية للإيرادات والنفقات المتوقعة، ولا يشير ما تم نشره إلى الأرقام الضرورية للتعرف على كيفية توزيع الانفاق على القطاعات، ومخصصات كافة مراكز المسؤولية، أو حتى المبلغ المخصص للاحتياطات المالية والتي أجاز قانون الموازنة للعام 2023 الصرف منها (إذا كانت النفقة ناتجة عن ظروف طارئة) بقرار من مجلس الوزراء بتوصية وزير المالية".
الحكومة تتعهد بتنفيذ سياسات إصلاحية لإدارة المال العام وتماطل في عكسها على عمليات إعداد وإنفاق الموازنة العامة
وقال الفريق: "لم تلتزم الحكومة الفلسطينية في تنفيذ سياسات الاصلاح المحددة في استراتيجية إدارة المال العام وأجندة الاصلاح، إذ لم تعكس البيانات المالية لأداء الموازنة للعام 2022 ، أي تقدم في إنجاز الاصلاحات المالية إضافة إلى الإصلاحات الإدارية، والإصلاحات الاقتصادية، والإصلاحات الاجتماعية، وإصلاحات الأمن والنظام العام، إذ لم يتم العمل على إصلاح وترشيد الهياكل الادارية لمنظومة السلطة وفي مقدمتها المنظومة الادارية الأمنية والمدنية، والتقاعد والحكم المحلي والنظام الصحي، وقانون الخدمة المدنية، ولا زال الانفاق العام مرتفعاً ويفوق الانفاق العام المقدر في الموازنة؛ خاصة في مجالات معالجة فاتورة الرواتب وبند صافي الاقراض والتحويلات الطبية".
وأضاف: "في هذه الموازنة تتعهد الحكومة مرة أخرى في رسالتها المقدمة للدول المانحة بإعادة نفس التعهدات لتبني سياسات إصلاحية بعد أن بررت أن البعض منها تم تنفيذه، حيث حددت الحكومة الفلسطينية رزمة من الاصلاحات الأساسية للعام 2023 شملت:
-العمل على مراجعة وتعديل الهياكل الإدارية لخفض الرواتب والأجور (من خلال اعتماد سياسة موظف جديد مقابل تفاعد موظفين).
-الاستمرار في إصلاح المنظومة الطبية والارتفاء في القطاع الصحي، وإعادة النظر في أسس التعاقد مع المستشفيات الخاصة وموردي الأدوية مع التركيز المكثف على بناء القدرات في المستشفيات الحكومية، ومراجعة منظومة التأمين الصحي الحكومي.
- خفض بند صافي الإقراض بالتعاون مع وزارة الحكم المحلي والشركاء الآخرين.
سياسة الحكومة في تخفيض فاتورة الرواتب، وأشباه الرواتب:
وقال الفريق إن الحكومة لم تنجح في تحقيق خطة الاصلاح عام 2022 إذ ارتفعت فاتورة الرواتب والأجور منذ العام 2018 للعام 2022 قرابة ال 2 مليار شيقل، كما تجاوزت فاتورة الرواتب على أساس الالتزام المبلغ المرصود في موازنة العام 2022 بنسبة 7%. وبالتالي لا توجد إجراءات وخطوات جوهرية على الأرض تجاه اصلاح فاتورة الرواتب، انفاذا لما ورد في خطة الإصلاح الحكومي 2022، والخطط الأخرى الوطنية والقطاعية. كما لم يتم إقرار قانون جديد للخدمة المدنية في فلسطين، يعالج التشوهات القائمة في القانون الحالي، بسبب التعديلات المتعددة، والاتفاقيات الموقعة مع النقابات المختلفة، رغم وجود مسودة شبه مكتملة له.
بالرغم من أن الاصلاحات المالية تتضمن العمل على تخفيض فاتورة الرواتب، ومراجعة التشكيلات الادارية وإصلاح قانون الخدمة المدنية، إلا أن تقديرات الموازنة العامة لا تعكس التوجه المقترح، إذ قدرت الرواتب والأجور للعام 2023 بقيمة (9.5) مليار شيقل، أي حوالي 50% من إجمالي النفقات وصافي الإقراض (بدون النفقات التطويرية)، وبارتفاع عن المقدر للعام 2022 ب 15%.
سياسة خفض الديون والمتأخرات وتخفيض وترشيد النفقات
وقال: "بلغ صافي المتأخرات التراكمي (11.2) مليار شيقل نهاية العام 2022، كما بلغ الديّن العام نهاية العام 2022 (12.5) مليار شيقل، منها (7.9) مليار شيقل دين محلي، و(4.6) مليار شيقل دين خارجي. وبالرغم من صعوبة تقدير الالتزامات المالية المتراكمة على الحكومة، نظرا لوجود العديد من الالتزمات غير الظاهرة، مثل السندات المؤجلة الدفع، والمتأخرات لصالح الموظفين والناتجة عن تحويل 80% فقط من الرواتب، تقدر إجمالي الالتزامات المالية بحوالي 30 مليار شيقل تشمل 12.5 مليار شيقل دين عام، و8 مليار ديون لصالح صندوق التقاعد، 11 مليار شيقل متأخرات.
تمّ تقدير المتأخرات بـ (1.7) مليار شيقل للعام 2023، دون وجود خطة واضحة لسداد المتأخرات والالتزامات المالية، إذ تستمر الحكومة في اتباع سياسة ترحيل الأزمات، وتأجيل الدفع ومراكمة الالتزامات المالية، مما سيؤدي إلى تقليص الخدمات المقدمة للمواطن، وتحميل الموظفين العموميين والمواطنين دافعي الضريبة أثمان حالة العجز، سيما الفقراء منهم، والذين تم حرمانهم وللسنة الرابعة على التوالي من دفعتين من مخصصاتهم.
استمرار ارتفاع فاتورة التحويلات الطبية: مثال مستمر لعدم الالتزام بسياسة جادة لاصلاح النظام الصحي
شملت موازنة العام 2022 العمل على ربط مخصص التحويلات الطبية بالموازنة والعمل على اصلاح نظام التأمين الصحي، فعليا لم يتم استكمال ذلك، وارتفعت تكلفة التحويلات والمستلزمات الطبية، فقد بلغت فاتورة التحويلات الطبية 144 مليون دولار عام 2015، و260 مليون دولار عام 2019، وحوالي 345 مليون دولار في عام 2022. في المقابل عوائد الرسوم الصحية والتأمين حوالي 108 مليون دولار، أي بنسبة 17% من إجمالي نفقات وزارة الصحة والبالغة 640 مليون دولار.
كما تضمنت موازنة العام 2022 العمل على تطوير الخدمات الحكومية وتطوير بعض الأقسام المتخصصة مثل القسطرة وجراحة القلب والأورام وأمراض الدم وحاضنات الأطفال، إلّا أنّ المعطيات المالية لا تشير إلى تنفيذ تلك المشاريع التطويرية، وتشير إلى استمرار شراء الخدمة من خارج المستشفيات الحكومية، بما يثير التساؤل حول جدية العمل على خفض التحويلات الطبية، ناهيك عن عدم توفر ارادة في إعادة النظر في نظام التأمين الصحي الموجود وذلك لوجود مصالح لأطراف متنفذة في الاستثمار في المستشفيات الخارجية.
صافي الاقراض ( استمرار تأكيد الحكومة على نية تخفيض وفشلها في تحقيق ذلك)
تستمر الحكومة الفلسطينية بوضع هدف مخصص بتخفيض بند صافي الاقراض "وهي مجموع المبالغ المخصومة من إيرادات المقاصّة من إسرائيل؛ لتسوية ديون مستحقة للشركات الإسرائيلية المزودة للكهرباء، والمياه، وخدمات الصرف الصحي للبلديات ولشركات وجهات التوزيع الفلسطينية، وغيرها من البنود" وبالرغم من إنشاء وحدة مؤسسية متخصصة بمعالجة ومتابعة كافة القضايا المتعلقة بصافي الإقراض ولضمان استدامة عمل الهيئات المحلية وتقديم الخدمات للمواطنين، إلا أن الانفاق المتحقق على بند صافي الاقراض للعام 2022 بلغ الإقراض (1.2) مليار شيقل، بنسبة 128% من المقدر.
وفي العام 2023 قدرت الحكومة الفلسطينية بند صافي الإقراض بـمبلغ (1.26) مليار شيقل، وهو المبلغ التقديري الأعلى لصافي الإقراض على مدار الموازنات العامة، وبزيادة قدرها (32%) عن الموازنة المقدرة للعام 2022.
وقال الفريق الأهلي إنه بناء ما تقدم من ملاحظات جوهرية على سياسة الحكومة في إدارة المال العام فإن يطالب باحترام سيادة القانون، والكف عن التجاوز لأحكام القانون، والعمل وبشكل سريع على إجراء الانتخابات العامة، لمواجهة التحديات التي تعصف بالسلطة الفلسطينية، إذ بدون مجلس تشريعي يقر الموازنة ويسائل الحكومة على الالتزام بأحكامها ستستمر الحكومة بالتصرف بالموازنة دون مشاركة دافعي الضرائب وبدون مراقبة ومساءلة.
وأكد الفريق الأهلي على ضرورة الالتزام الحكومة ووزارة المالية بالشفافية ونشر قانون الموازنة كاملا بما يشمل تفاصيل مخصصات مراكز المسؤولية، ونشر التقارير الدورية المنصوص عليها في القانون الفلسطيني وبخاصة قانون تنظيم الموازنة والشؤون المالية لعام 1998 بمواعيدها، ويشدد على الالتزام بالشفافية في تنفيذ الموازنة وبخاصة؛ فيما يتعلق بالنفقات التطويرية ومصادر تمويلها من جهة، والانفاق على قطاع الحماية الاجتماعية بما يتضمنه من حماية للفقراء والالتزام بتحويل كامل الدفعات لهم.
كما أكد على ضرورة انفتاح الحكومة ووزارة المالية على ممثلي المواطنين ومنظمات المجتمع المدني وبإشراكها في تحديد الأولويات العامة للموازنة بما يشمل أولويات الإنفاق وسياسات الجباية المالية تحديدا، وتوضيح أولويات الإنفاق، انطلاقا من التوازن الحكيم بين الانفاق والإمكانيات المتاحية، آخذا بعين الاعتبار الترشيد الأمثل في الانفاق، وانفاذ العدالة الاجتماعية، خاصة في اليات صرف رواتب موظفي القطاع العام والشفافية في الإنفاق التطويري ومصادر التمويل
وأكد علر ضرورة عرض خطة الاصلاح التي أطلقتها في العام 2022، مع كافة تفاصيلها، ومدى انفاذها على مدار عام من الزمن، ونتائجها على ترشيد النفقات وتعزيز الإصلاح الإداري والمالي في العام 2023، خاصة مع المؤشرات المالية السلبية للنتائج المتوقعة من انفاذ الخطة.
وقال الفريق الأهلي إن استمرار حالة حل المجلس التشريعي، وتجاهل إجراء الانتخابات العامة، والتجاوز المستمر لأحكام قانون تنظيم الموازنة العامة والشؤون المالية لسنة 1998 دون وجود جسم تمثيلي للمواطنين يراقب ويساءل ويحاسب الحكومة على تنفيذ أحكامها يؤدي إلى استمرار حالة الفشل في إدارة المال العام وخطط اصلاحه، كما إنّ التذرع المستمر بالأزمة المالية والتحديات المالية، وقرصنة الاحتلال لأموال المقاصة، لا يسوغ التجاوز لأحكام القانون في اعداد ونشر الموازنة العامة، كما ان استمرار نهج الحكومة في ترحيل الازمات للأمام، وخاصة الاتفاقيات مع النقابات والاتحادات المختلفة، سيخلق قنابل موقوتة، ستنفجر على شكل إضرابات ونزاعات عمل طويلة، ستؤدي الى تعطيل العمل العام على حساب حق المواطن في الحصول على الخدمات العامة الأساسية ، وفي مقدمتها الخدمات التعليمية والصحية، والتي سيكون لها تكلفة اجتماعية طائلة.