كيف تواجه منطقة الشرق الأوسط التحديات الاقتصادية بالمساعدات الدولية؟
مال وأعمال

كيف تواجه منطقة الشرق الأوسط التحديات الاقتصادية بالمساعدات الدولية؟

صدى نيوز - تعقد المشهد الاقتصادي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا خلال عام 2024 في ظل ما تواجهه المنطقة من تحديات مستمرة. ونتيجة لذلك، عدّل صندوق النقد الدولي توقعاته للنمو لعام 2024 لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في أبريل/ نيسان 2024 حيث عدّلها إلى 2.7%، بانخفاض قدره 0.7 نقطة مئوية عن التقديرات السابقة في أكتوبر/ تشرين الأول 2023. ويأتي ذلك بعد نموها بنسبة 2% في عام 2023.

يتوقع صندوق النقد الدولي أن تتراجع التحديات في عام 2025 وأن ينتعش النمو بحيث يصل إلى 4.2%.

في حين ينتظر دول مجلس التعاون الخليجي نمواً مدفوعاً بالأنشطة غير النفطية، مما يعكس جهود التنويع الاقتصادي المستمرة.

وفي المقابل، تواجه الأسواق الناشئة والبلدان متوسطة الدخل في المنطقة ضغوطًا مالية متزايدة، حيث تعيق الأقساط ذات الفائدة المرتفعة جهود ضبط الأوضاع المالية.

مصر: التوازن بين الاستقرار والنمو

في عام 2016، شرعت مصر في تنفيذ برنامج إصلاح اقتصادي طموح يدعمه برنامج تسهيل الصندوق الممدد الذي يقدمه صندوق النقد الدولي بقيمة 12 مليار دولار على مدى ثلاث سنوات. وتضمنت الإصلاحات الرئيسية خفض قيمة الجنيه المصري بنسبة 32.5%، وتعويم سعر الصرف، وإدخال ضريبة القيمة المضافة، وخفض دعم الطاقة.

كان البرنامج يهدف إلى خفض العجز المالي الإجمالي البالغ قدره 12.1% من الناتج المحلي الإجمالي في الفترة بين عامي 2015 و2016 إلى 4.7% بحلول نهاية البرنامج.

فضلًا عن خفض الدين الحكومي البالغ قدره 95% من الناتج المحلي الإجمالي إلى 86% في الفترة من 2018/2019 ثم إلى 78% خلال 2020/21.

الأردن: القدرة على الصمود وسط الاضطرابات الإقليمية

لقد أظهر الاقتصاد الأردني مرونة ملحوظة على الرغم من التحديات الإقليمية. وفي مايو/ أيار 2024، أكمل صندوق النقد الدولي المراجعة الأولى في إطار تسهيل الصندوق المُمدَّد مع الأردن لمدة أربع سنوات بقيمة 1.2 مليار دولار، وتمت الموافقة عليه في يناير/ كانون الثاني.

شملت الإنجازات الرئيسية تحقيق نمو اقتصادي بنسبة 2.6% في عام 2023، وتقليص عجز الحساب الجاري إلى أقل من 4% من الناتج المحلي الإجمالي، وزيادة إجمالي الاحتياطيات الدولية القابلة للاستخدام إلى أكثر من 17 مليار دولار، وانخفاض التضخم إلى 1.6% بحلول ديسمبر/ كانون الأول 2023، وخفض العجز الأولي للحكومة المركزية ليصبح قدره 2.7% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2023 من 3.6% في عام 2022.

بهذا، تظهر مدى فاعلية سياسات الاقتصاد الكلي والإصلاحات الهيكلية في الأردن في تعزيز المرونة الاقتصادية للبلاد.

المغرب: معالجة الأمن المائي

بدعم من البنك الدولي، يعالج المغرب أحد التحديات الملحة المتمثلة في الأمن المائي. وفي يوليو/ تموز 2023، وافق البنك الدولي على برنامج تمويل بقيمة 350 مليون دولار لدعم البرنامج الوطني المغربي لتوفير المياه الصالحة للشرب والري.

يهدف هذا البرنامج إلى تعزيز حوكمة قطاع المياه، وحماية موارد المياه الجوفية، وتحسين نظم المعلومات المتعلقة بالمياه، وتشجيع تحلية المياه وإعادة استخدام مياه الصرف الصحي.

كذلك، تهدف المبادرة إلى توفير 25 مليون متر مكعب من المياه الصالحة للشرب وإتاحة 52 مليون متر مكعب من مياه الصرف الصحي المعالجة لإعادة استخدامها من نحو 100 مليون متر مكعب يستهدفها البرنامج الوطني بحلول عام 2030، ما يعالج قضية حاسمة بالنسبة للاستدامة الاقتصادية طويلة المدى للمغرب.

الوجه الآخر للمساعدات

لا يمكن إغفال الاستقرار الاقتصادي والإصلاحات التي حدثت في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وأسهمت في تحقيقها تدخلات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، لكن بعض الاقتصاديين يرون أن تدابير التقشف التي ارتبطت بقروض صندوق النقد الدولي أدت إلى تفاقم عدم المساواة الاجتماعية وإبطاء النمو الاقتصادي على المدى القصير.

فكثيرًا ما تتوقف فاعلية هذه التدخلات على عوامل تتجاوز السياسة الاقتصادية، مثل الاستقرار الإقليمي، والظروف الاقتصادية العالمية، والإرادة السياسية المحلية لتنفيذ الإصلاحات.

تحديات مستقبلية

تواجه المنطقة العديد من التحديات الرئيسية، بما في ذلك التحول العالمي إلى استخدام الطاقة المتجددة، ومعالجة معدلات البطالة المرتفعة بين الشباب، وتعزيز التنويع الاقتصادي، وتحسين الحكم والحد من الفساد، والتكيف مع تغير المناخ، وخصوصًا في المناطق التي تعاني ندرة المياه.

لمواجهة هذه التحديات، ستحتاج بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إلى مواصلة الإصلاحات الهيكلية لتحسين بيئة الأعمال وجذب الاستثمار الأجنبي.

لا تخفى أهمية الاستثمار في التعليم وتنمية المهارات لإعداد القوى العاملة لتلبية الاحتياجات الاقتصادية المستقبلية، وكذا، ضرورة تعزيز التعاون الإقليمي لمواجهة التحديات المشتركة وتطوير حلول مستدامة لإدارة الموارد، ولا سيما المياه والطاقة.

بهذا، لن تقلل أهمية الدور الذي تلعبه المؤسسات المالية الدولية مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، ولكن قد تحتاج الأساليب إلى التطور حتى تتمكن المنطقة من التصدي بشكل أفضل للتحديات الفريدة.

على سبيل المثال، يمكن أن تكون شروط الإقراض أكثر مرونة، ويزيد التركيز على بناء القدرات واستراتيجيات النمو الشامل.

في النهاية قد تؤدي التدخلات والإصلاحات المستهدفة التي تدعمها المؤسسات المالية الدولية إلى تحسينات كبيرة في الاستقرار الاقتصادي والقدرة على الصمود، إلا أن التقدم الدائم يتطلب التزامًا مستمرًا، وقدرة على التكيف في مواجهة التحولات الاقتصادية العالمية، وحلولًا مبتكرة للتحديات الإقليمية طويلة الأمد.

المصدر: فوربس ميديل إيست