اعتصام لأهالي طلاب مدارس أونروا في بيروت: مستقبلهم في خطر!
صدى نيوز - "مستقبل طلّابنا التّعليمي في خطر" هو أحد الشعارات التي رفعها أهالي طلاب مخيّمات اللاجئين الفلسطينيين في بيروت في الاعتصام الاحتجاجي أمام مدرسة الجليل الثانوية في بئر الحسن بالعاصمة اللبنانية.
صرخات ونداءات كثيرة أطلقها المحتجّون، ولو أنّ الأعداد قليلة مقارنةً مع الوجع والمعاناة، إلّا أنّ هذه الوقفة ضروريةٌ جدًا وفق الناشطة الحقوقية فاتن ازدحمد، التي أرجعت ضعفَ المشاركة إلى يأس الشعب الفلسطيني من استجداء اهتمام وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، بسبب ما وصفته ازدحمد بإهمال الوكالة وعدم مبالاتها بأوجاع اللاجئين الفلسطينيين، إضافةً إلى أنّ أجرة المواصلات الباهظة منعت الكثير من الحضور، وهو ما يسلّط الضوء أكثر على حجم الأزمة التي يمرّ بها الشعب الفلسطيني في لبنان عمومًا والطلّاب على وجه الخصوص.
وبدأ اليوم الاثنين 27 أيلول/ سبتمبر، أول أيّام العام الدراسي 2021/2022 في مدارس وكالة "أونروا" في لبنان، وفق اسلوب " التعليم المدمج بالتناوب"، الذي يجمع بين التعلّم الحضوري والتعلّم في المنزل، ما أثار استياء أولياء الأمور والمؤسسات الحقوقية الفلسطينية، لاعتبار أن هذا الأسلوب يشير إلى "حالة من التخبّط ومن غياب الرؤية والتخطيط السليم لدى الأونروا لإنجاح المسار التعليمي"
ودعت ازدحمد وكالة "أونروا" إلى "التوقّف عن ظلم لاجئي الشتات"، مشيرةً إلى أنّ التعليم حقّ من حقوق الطّفل الأساسية، ولا يُمكن لأحدٍ أو أيّ ظرفٍ كان حرمانه من هذا الحقّ .
واستهجنت تأخّر الوكالة في وضع خطّة علاجية لمشكلة الطلاب، موضحةً أنّ الأزمة الاقتصادية بلبنان ليست وليدة اللحظة وانعكاسها بشكل سلبيٍ وخطيرٍ على الشعب الفلسطيني ظهر منذ بدايتها، لكنّ الوكالة لم تحرّك ساكنًا ولم تقدّم أي خطّة تنقذ العام الدراسي وتحفظ للطلاب حقّهم في التعليم بطريقة سليمة، وعليه طالبت الوكالة عبر بوابة اللاجئين الفلسطينيين بتحمّل مسؤولياتها بتأمين المواصلات للطلاب في كافة أنحاء لبنان، وتوفير القرطاسية اللازمة وبشكل كامل وعاجل للطلاب، كما دعت دائرة التربية والتعليم إلى وضع خطّة تعليم للطلاب في الأسبوع المنزلي سواء عبر الاونلاين أو فكرة دراسية أخرى تضمن متابعة الطلاب، لأن ترك الطالب لمدّة أسبوع كامل بدون حصص دراسية سيؤثّر على مسيرته التعليمية خصوصًا أنّ الطلاب حرموا بسبب جائحة كورونا من متابعة التعليم بشكلٍ صحيح لمدّة عامين، واعتبرت ازدحمد أن إهمال "أونروا" لهذا الجانب سيدفع الأهل إلى البحث عن وسائل لتعويض أبنائهم عبر معلّم خصوصي وهو ما يضيف أعباءً اضافية على كاهلهم، مشيرة إلى أن الواقع صعبٌ جدًا وبات على الأسرة بأكملها العمل فقط لتوفير التعليم لأبنائهم بعيدًا عن المأكل والمشرب والطبابة ولوازم الحياةالأخرى.
وعليه طالبت ازدحمد المجتمع الدولي والمنظمات الانسانية ومنظمة التحرير والمؤسسات الفلسطينية الى توحيد الجهود والتكاتف لإنقاذ أطفال فلسطين من التسرّب المدرسي.
وعن التسرّب الدراسي، قال مسؤول منظمة الجيل الجديد محمد حسين لبوابة اللاجئين الفلسطينيين: إنه حسب دراسة قامت بها المنظمة والمتابعات اليومية لأوضاع الطلاب وأهاليهم تبيّن أنّه بالفعل هناك تسرّب دراسي، فمثلاً العائلة التي لديها ٤ طلاب اضطرت إلى جعل اثنين منهم يتركان الدراسة من اجل العمل ومساعدة أهلهم في المعيشة وتعليم إخوتهم، مشيرًا إلى أنّ هذا الحال أعاد الشعب الفلسطيني 40 سنة الى الوراء، ومواصلة "أونروا" لسياسة التخبّط و"التطنيش" سيضع مستقبل الطلاب الدراسي في خطر وعلى المحكّ.
يضيف حسين: أنّه بات معروفاً لدى الجميع أن أعداداً كبيرة من الطلبة الفلسطينيين لم يتمكنوا من الالتحاق بمقاعدهم الدراسية في اليوم الدراسي الأول للعام الجديد في مدارس وكالة الغوث (الأونروا) بسبب عدم قدرتهم على تأمين تكاليف المواصلات خاصة الطلاب البعيدين عن مدارسهم ولا سيما في مناطق صور وصيدا وجبل لبنان وبيروت والبقاع الأوسط، كما أقفلت بعض المدارس أبوابه ابشكل كامل نتيجة غياب جميع الطلبة كما هو حال مدرستي بيت جالا وبيرزيت.
واتهم حسين "أونروا" بسوء الادارة والتخطيط وهدر الوقت ما أدخل الطلاب والأهالي والطاقم التعليمي في حالة من الارباك الذي كان بالإمكان تلافيه لو كان هناك رؤية واضحة ومبكرة ومدروسة من قبل دائرة التربية والتعليم.
وبحسب حسين فإن السياسات التربوية القائمة في وكالة "أونروا" تشير إلى حالة من التخبط سواء من حيث الآلية المطروحة للدوام المدرسي، أو التأخر في إجراء المناقلات والتلاعب في توزيع المعلمين وعدم سد الشواغر الوظيفية وفقاً لحاجة المدارس، وغياب التشكيلات الصفية وسوء التنسيق مع الإدارات المدرسية والمجتمع المحلي، وغيرها من المشكلات الإدارية التي تؤثر سلباً على مسار العملية التعليمية.
ويطالب الناشط الفلسطيني بالاسراع في إيجاد الحلول لأزمة المواصلات من خلال توفير الباصات المجانية التي تمكن الطلاب من الوصول الى مدارسهم، وافتتاح صفوف جديدة في المدارس التي تعاني من مشكلة الاكتظاظ، إلى جانب ضرورة عدم التأخر في توزيع الكتب والقرطاسية على الطلبة كما يحصل في كل عام، وعدم إرهاق الطلبة وإلزامهم بأية مشتريات مكتبية وألبسة مدرسية وقرطاسية أو كتب اثرائية ترهق كاهل العائلات والطلاب.
ودعا هيئةَ العمل الفلسطيني المشترك واللجان الشعبية بالتحرك وتحمل المسؤولية لإنقاذ المستقبل الدراسي للطلبة الفلسطينيين من الكارثة التي تهدده اذا ما استمرت ادارة الوكالة بهذه السياسة المتخبطة، بحسب وصفه.
كذلك تطالب الناشطة الفلسطينية من مخيم مار الياس غادة عثمان وكالة "أونروا" بوضع خطة طوارئ اقتصادية وصحية وإغاثية عاجلة وشاملة ومستدامة وأن تسعى كافة المرجعيات المعنية بالشعب الفلسطيني لممارسة دورها.
واستغربت عثمان في لقائها مع بوابة اللاجئين الفلسطينيين أنه مع افتتاح العام الدراسي الجديد هناك غياب كامل لأي خطة تربوية في هذا الوضع المعقد، وترك الطلاب والأهالي في حالة خوف شديد على مستقبلهم التعليمي.
وترى عثمان أن هناك غياباً لإدارة الأنروا في حل كافة المشاكل لا سيما مشكلة المواصلات المزمنة والمضاعفة في الآونة الأخيرة والتي باتت بحاجة إلى حل جذري، خاصة في ظل عدم وجود مدارس إعدادية او ثانوية في داخل مخيمات بيروت كافة وغلاء الأسعار الفاحش والمتزايد في أسعار المحروقات، وأيضاً مشكلة القرطاسية والتحضيرات الكاملة للعام الدراسي التي تتطلب دعماً عاجلاً للاجئين الفلسطينيين في لبنان وحلاً جذرياً لهذه المشاكل المتراكمة.
أزماتٌ متلاحقة قد تدفع اللاجئة فاتن الخطيب وهي أمٌّ لأربعة أبناء إلى إيقاف اولادها عن المدرسة، بحرقةٍ ودموع انهمرت قالت الخطيب إن بناتها الثلاث اللواتي أصبحن في مدرسة الجليل الثانوية هنّ من المتفوّقات، وحلمهن هو الوصول إلى الجامعة، لكنّ هذا الحلم ربما يُكسر في أيّ لحظة، فقد أخبرتهن بالأمس أنها لن ترسلهن الى المدرسة في حال لم تؤمّن الأونروا مواصلات لهنّ من مخيم مار الياس إلى مدرستهنّ في بئر الحسن، وبحسب الخطيب فإن صاحب باص المواصلات طلب مليون ليرة لبنانية على كلّ طالب وعليه فهي ستكون ملزمة بدفع ثلاثة ملايين ليرة شهريًا مقابل النقل فقط فيما يعمل زوجها بمبلغ مليون ونصف ليرة شهريًّا.
وخلال حديثنا مع الخطيب مرّت أمامنا الطالبة سالي حمزة التي كانت تستعد للصعود خلف أبيها على الدراجة النارية للعودة إلى بيتها في مخيّم شاتيلا، وقالت حمزة إنها لليوم الثاني على التوالي يحضرها والدها الى المدرسة على الدراجة النارية، لكنّ هذا الوضع متعب للوالد ولها فهو مضطر لإيقاف عمله لإيصالها، كما أنه في فصل الشتاء لا يمكنها الجلوس على الدراجة النارية، لذلك طالبت بتأمين مواصلات لها ولزملائها كي يتمكنوا من الحضور الى المدرسة