قصف النفق..هكذا سيكون رد سرايا القدس
الأخبار

قصف النفق..هكذا سيكون رد سرايا القدس

رام الله - صدى نيوز - تبعات تفجير نفق السرايا ظلّت حتى اللحظة غير واضحة، فالبعض يرى أن الجهاد الإسلامي سيرد في وقت ومكان مناسبين معللا ذلك بأسبابه المنطقية، البعض الآخر يرى أن المعركة الفعلية لإسرائيل هي في الشمال، آخرون يرون أن إسرائيل غامرت والبعض الآخر يرى أن إسرائيل ضربت في الوقت والمكان الصحيحين تماما محرجة الفصائل ومهددة المصالحة ومحملة الجهاد الإسلامي مسؤولية الحرب في حالة ردّه.

إسرائيل غير معنية بمعركة في الجنوب على الأرجح وذلك لأن المعركة في الشمال والتي لا تقتضي اشتباكات وقتلى بالعشرات على الأرض وإنما تغييرا في اللعبة، حيث غيّرت قواعد اللعب في سوريا وستغيّر في الأرجح قواعد اللعب مع حزب الله.

لماذا قُصِف النفق؟

عملية قصف نفق السرايا التي كانت وباعتراف وزير جيش الاحتلال "ليبرمان" ناجحة أكثر من المطلوب فلم تكن تتوقع إسرائيل وقوع هذا العدد من القتلى، ليست أكثر من فخٍّ لإحراج الفصائل الفلسطينية وبخاصّة الجهاد الإسلامي كما قال الخبير في الشأن الإسرائيلي أكرم عطا الله.

فعطا الله يرى أن الرد على قصف النفق في المستوى الفلسطيني  كان معروفا منذ البداية، وأنه لم يكن متوقعا أن يرد الجهاد الإسلامي بشكل مباشر ولحظي مهما كانت النتائج كبيرة، ذلك لأن جميع الفصائل ملتزمة بإنجاح المصالحة.

بالإضافة لذلك فإن نتنياهو يريد تقوية أوراقه السياسية على حساب الفصائل التي ضربها في الوقت المناسب تماما، خاصة في ظل تحقيقات قضايا الفساد المستمرة معه ومع زوجته.

بحسب ما سبق فإن هذه المرحلة من المصالحة هي فرصة إسرائيل الكبرى لتصفية حساباتها مع الفصائل الفلسطينية في غزة، فلا يمكن تجاهل تقرير مراقبة الدولة عندما تحدثت عن بند الأنفاق تحديدا محملةً حكومة نتنياهو مسؤولية عدم تعاملها بشكل صحيح مع الأنفاق في غزة.

ما يجب أن لا يُنسى كما أضاف عطا الله رغبة إسرائيل في معرفة ما إذا كانت المقاومة الفلسطينية قد طوّرت أنظمتها الهجومية وتكتيكاتها بعد حالة الحصار البحري والبري وإغراق الأنفاق وبناء الجدار العازل على حدود غزة.

ومن الواضح أن إسرائيل اختارت قصف المكان المناسب في الوقت المناسب، فقد قصفت منطقة داخل إسرائيل مما يعني أنها لم تُحرج نفسها أمام العالم لأنها قصفت منظمة يراها العالم أنها إرهابية نظرا لتحالفاتها الإقليمية مع إيران وحزب الله، وعلى أرض تتبع لها سياسيا.

أما الخبير في الشأن الإسرائيلي عبد الرحمن شهاب فقد قال  إن العملية هي ضمن سياسة جز العشب التي تنتهجها إسرائيل تجاه قوّة الفصائل في القطاع.

وهي سياسة تتبع إستراتيجية تقليص قوة التسلح لدى المقاومة كل فترة من خلال ضربة نوعية تؤذي تراكم السلاح لدى أذرع المقاومة الفلسطينية في غزة، حتى لا تكون المواجهة مع الفصائل صعبة ومعقدّة لو حصل تراكم للسلاح.

إسرائيل رغبت في رد من قبل عناصر المقاومة في غزة وذلك لأن إسرائيل والتي لا يختلف اثنان على محاولاتها الدائمة لإفشال المصالحة تسعى لخلق ذريعة لوضع العصى في الدولاب، ذلك أنها ستسعى للرد على الرد بحرب تكون ثمارها مصادرة سلاح المقاومة كما أوضح أكرم عطا الله.

أما بحسب عبد الرحمن  شهاب فهناك ثلاث جزئيات تراكمية متصلة مع بعضها من الأطراف تحكم تفاصيل المشهد العام الذي تمثل في نفق السرايا المقصوف.

فالجزء الأول وهو الاستعداد العام لقوات الاحتلال، كإعداد خطط لمواجهة محتملة مع المقاومة الفلسطينية بالإضافة للمناورات وجمع المعلومات من طائرات الاستطلاع، وهو أمر روتيني طبيعي كما قال شهاب.

الجزء الثاني أولويات الجيش الإسرائيلي في الصراع  والتي يراها شهاب محصورة في الشمال حيث حزب الله وسوريا، وهو ما اتفق عليه الخبير في الإعلام الإسرائيلي عصمت منصور قائلا إن نظرة الإعلام العبري تتلخص في أنه لا أحد معني في الحرب على الحدود مع غزة إذ أن الجبهة الأهم والأعقد هي الشمال.

الجزء الثالث وهو قوّة الجهاد الإسلامي في غزة، والذي يرى شهاب أن أي ظرف استفزازي قد يؤدي إلى انفجاره بوجه إسرائيل لكنه أي الجهاد الإسلامي أثبت قدرته على الإنضباط على الأقل حتى اللحظة لعدة أسباب.

لما لم ترد السرايا حتى اليوم؟

"في العمل السياسي لا يمكن تحليل أي موقف بناء على موقف واحد بل بناء على فهم مجموعة من المتغيرات" وأهم هذه المتغيرات كما أوضح الخبير في الشأن الإسرائيلي اكرم عطا الله  أولا ضغط الفصائل على الجهاد الإسلامي من أجل تأجيل الرد، فلو تُرك الجهاد الإسلامي لوحده لردّ على العملية بعملية أخرى بشكل سريع كما وصف عطا الله.

بالإضافة لذلك فالجهاد الإسلامي لا يريد أن يتحمل مسؤوليتي إفشال المصالحة، أوعدوان جديد على غزة، وهذا ما اتفق عليه أكرم عطا الله وعبد الرحمن شهاب.

الجهاد الإسلامي سيرد بوقت أو بآخر على عملية النفق بحسب نظرتهما فالرد سيكون في الضفة الغربية أو في مناطق الـ48 غالبا وقد يكون الجهاد الإسلامي بحسب ما يرى شهاب بانتظار اختراق لآليات الاحتلال مثلا لقطاع غزة ومن ثم يرد بعملية تكتيكية تحرج إسرائيل ولا تستطيع الرد في المقابل عليها، لأنها هي المُذنبة في عين المجتمع الدولي.

أما عطا الله فإنه يرى أن رد الجهاد الإسلامي سيكون محدودا ولن يسمح لإسرائيل بالرد لكن في مناطق الضفة الغربية غالبا، ذلك أنه يريد أن يُثبت قوّته العسكرية خارج قطاع غزة فعملية من هذا النوع ستجعل إسرائيل خائفة أكثر لأنها ستتأكد من وجود خلايا نائمة أو مصادر قوّة بتعبير أدق للجهاد الإسلامي خارج نطاق قطاع غزة.

العنصر الأهم في تأخير الرد حتى الآن كما قال عطا الله هو التحالفات المحلية والإقليمية للجهاد الإسلامي، فتحالفها مع حماس من جهة وتحالفها مع إيران وسورية  حزب الله من جهة ثانية لم تسمح لها حتى اللحظة بالقيام بعملية رد على قصف نفق السرايا.

معركة الشمال

الإعلام العبري يتحدّث عن جبهة الشمال "سوريا وحزب الله" فقد أكد المختص في الشأن العبري عصمت منصور أن الإعلام الحكومي والإعلام اليميني المتطرف يتحدث عن سخونة الجبهة الشمالية.

إذ أن الإعلام العبري يرى أن عملية نفق السرايا هي عملية جيدة وفي إطار الحرب على الأنفاق، ولا يتم الحديث عن استفزاز إسرائيل للفلسطينيين أو عن حرب في غزة.

الحديث في الصحافة العبرية عن تبعات قصف النفق ذهب باتجاهين الأول هجوم على وزير جيش الاحتلال بعد تصريحه الذي قال فيه "إننا لم نكن على علم بأن عدد القتلى سيصل لهذا الحد، فالعملية نجحت أكثر من اللازم".

وهو ما اعتبره الإعلام العبري وتحديدا اليميني منه تبريرا أو اعتذارا مبطنا للجهاد الإسلامي إذ أصبح الإعلام في هذه المرحلة ملكيا أكثر حتى من الملك ذاته.

الاتجاه الثاني كما قال منصور هو باتجاه الحديث عن الجبهة الأكثر سخونة وضرورة الحيطة والحذر فيها، وهي جبهة لبنان والجولان السوري المحتل.

وهي التي قال عنها الخبير في الشأن الإسرائيلي لـ"الحدث" عبد الرحمن شهاب أنها الجبهة الفعلية أو التي تحسب لها إسرائيل الحسابات الفعلية.

بخاصة في جو الاصطفافات في المنطقة التي قد تغيّر قواعد اللعبة على الأرض، أي اللعبة التي سادت بين الإسرائيليين والسوريين وحزب الله بشكل عام.

ولا يعني ذلك وقوع حرب فعلية ولكن يعني بشكل قطعي كما قال شهاب لـ"الحدث" تغير قواعد اللعبة، مثل تردد الإسرائيليين في السنوات الماضية على قصف مواقع في سوريا، في حين أن الطرف السوري يتراجع عن الرد خوفا من المواجهة التي ليست في وقتها.

رويدا رويدا بدأ التواجد الفعلي للطيران الإسرائيلي في الأجواء السورية بل وعلى الأرض، دون أن تتم مواجهتها من قبل أي من الأطراف، فأصبح من قواعد اللعبة أن إسرائيل تقصف أي مكان حتى بدون أن يعترض الروس على ذلك.

إسرائيل لا تريد تقليم أظافر حزب الله أو إنهائه، بل تريد تغير قواعد اللعبة في لبنان كما غيرتها في سورية، فيمكن أن نشهد قصفا إسرائيليا داخل الأراضي اللبنانية أو على الحدود.

الأولوية لإسرائيل هي في الشمال بحسب ما أوضح شهاب لكن ليس من الضروري أن تكون جبهة حرب مفتوحة ولن تتعدى تغييرا لقواعد اللعبة في الأجواء اللبنانية.

الرد بالصواريخ

شئنا أم أبينا الصواريخ موضوع مختلف عليه فلسطينيا هذا ما قاله أكرم عطا الله   لذلك لا يُتوقع أن يتم الرد من قبل الجهاد الإسلامي على استهداف نفق السرايا بطريقة  تقليدي كإطلاق الصواريخ كما أكّد عطا الله.

لأنه لا يثبت شيء ولا يمكن اعتباره اكثر من إعلان حرب، بخاصة في هذا الأسبوع الذي يتم فيه تسليم المعابر نظرا للضغط الموجه على عناصر المقاومة في غزة.

فالجهاد الإسلامي يحسم موقفه السياسي بناء على تحالفاته وموازين قواه ومصلحته الأسمى وفقا للطريقة التي يراها الأمثل مع الاستبعاد المطلق في تقدير عطا الله لاستخدام سلاح الصواريخ.

الفخ الأكبر الذي يراه أكرم عطا الله هو في طريقة التلاعب في تعاملها مع المصالحة الفلسطينية ، فهي من جهة تخبر الأوروبيين والأمريكيين أنها سهّلت تنقل الوفود الفلسطينية الساعية لإتمام المصالحة.

بالإضافة لذلك فهي تخبر أبو مازن انها لا تستطيع إكمال المفاوضات معه في ظل حالة الإنقسام الذي يعيشه الفلسطينيين، وعندما يتقدم طرفي الإنقسام للمصالحة فإن إسرائيل تضع شروطها.

لتدور الدائرة وتستفز إسرائيل الفصائل الفلسطينية، وذلك لرغبة إسرائيل في تقويض كل السلاح الموجود في غزة وتسعى لذلك بكل ما أوتيت من قوّة معتبرة السلاح هو العقبة الأساسية في وجهها.

الفلسطينييون باتجاهين في الحقيقة منهم من يرى مستقبلا "سلاح واحد" ومنهم من يرى أن الحديث عن سلاح المقاومة لا زال مبكرا، لكن في الحالتين إسرائيل لن تكون راضية وستتجهز بناء على ذلك.

يرى الخبير في الشأن الإسرائيلي عبد الرحمن شهاب أنه ورغم الوساطات المصرية إلا أن الجهاد الإسلامي متعطش للرد ولا يمكنه "هضم" قصف النفق دون أن يكون الرد.

لكن شهاب رجّح أن الجهاد الإسلامي يقتنص فرصة معينة، وطبيعة رد الجهاد الإسلامي هو الذي يحدد رد الإسرائيليين مرة أخرى، وبالتالي اندلاع أو عدم اندلاع أي مواجهة.

وبطبيعة الحال كما قال شهاب فإن الجهاد الإسلامي لا يريد الوصول لمواجهة مفتوحة للأسباب الآنفة ذكرا لذلك هو بانتظار الفرصة المواتية للرد دون الإضطرار للدخول في مواجهة.

التهديد والوعيد ونقل العتاد

يرى الخبير في الشأن الإسرائيلي عبد الرحمن شهاب أن التهديد ونقل العتاد من قبل إسرائيل إلى الجنوب لا يعني أكثر من تبريد الجبهات.

فعلى مدار السنوات السابقة عندما تهدد إسرائيل بلسان سليط أن هناك ردا عنيفا لا يكون معناه إلا أنها تريد تهدئة الجبهة وتبريدها، لا تسخين الموقف ودس الخشب في النار تحت موقد الزيت.

فعندما يهاجم كلا من نتنياهو ووزير الجيش ليبرمان لشخص الأمين العام للجهاد الإسلامي ونائبه فإن إسرائيل تقول بطريقة أو بأخرى إننا لا نريد الحرب ولكن عليكم ضبط عناصركم.

فكل الدلائل والمعطيات التي يراها الخبراء في الشأن الإسرائيلي تؤكّد أن رد الجهاد الإسلامي سيكون من خارج قطاع غزة غالبا وسيحشر إسرائيل في الزاوية بحيث لن يكون ردا يسمح لها في الدخول لحرب لا تريدها فعليا، لكن الجبهة الدسمة التي تحاول إسرائيل السيطرة عليها او تغيير قواعد اللعب فيها هي الجبهة الشمالية، فماذا سيكون الرد على الرد وما هي خطة إسرائيل لإفشال المصالحة؟


الحدث