14 عاما على رحيل الشاعر الكبير محمود درويش
صدى نيوز - تصادف اليوم التاسع من شهر آب/ أغسطس، الذكرى الـ14 لرحيل شاعر فلسطين الكبير محمود درويش.
ولد محمود سليم درويش في 13 آذار عام 1941، في قرية البروة المدمرة، والتي تقع قرب ساحل مدينة عكا، لتخرج أسرته إلى لبنان عام 1948، وتعود عام 1949 إلى قرية الجديّدة بأراضي الـ48.
اعتقل الراحل درويش على يد سلطات الاحتلال الاسرائيلي عام 1961 لتصريحاته المناهضة للاحتلال، ولنشاطه السياسي، وحكم عليه أكثر من مرة بالإقامة الجبرية أيضاً، إلى أن خرج عام 1972 للدراسة في الاتحاد السوفييتي، وانتقل من هناك إلى القاهرة، ليلتحق بمنظمة التحرير.
وشكلت عودة الشاعر درويش إلى الوطن بداية مرحلة جديدة بالنسبة له، ولو أنه في بعض الأحيان اختار الاغتراب الطوعي في فرنسا لفترات يبتعد خلالها عن مكامن غضبه من الناس أو غضب الناس منه ربما لعدم قدرتهم على تحمل الجمال فيما يقول.
وترك درويش بصمات مهمة في القصيدة العربية الحديثة، إذ عبّر بصدق وحساسية عن قضية العرب الأولى، كما كان لأشعاره الوطنية دورها المهم في توضيح أبعاد القضية الفلسطينية على مستوى العالم، من خلال تعبيره الإنساني الرفيع.
تفرّغ الشاعر درويش بعد إنهائه تعليمه الثانوي، لكتابة الشعر والمقالات في الصحف مثل 'الاتحاد' والمجلات مثل 'الجديد' التي أصبح فيما بعد مشرفا على تحريرها، وكلاهما تابعتان للحزب الشيوعي الذي كان عضوا فيه، كما اشترك في تحرير جريدة الفجر.
وحصل محمود درويش على عدد من الجوائز منها: جائزة لوتس عام 1969. جائزة البحر المتوسط عام 1980. درع الثورة الفلسطينية عام 1981. لوحة أوروبا للشعر عام 1981. جائزة ابن سينا في الاتحاد السوفيتي عام 1982. جائزة لينين في الاتحاد السوفييتي عام 1983.
تجاوزت مؤلفات درويش الذي كتب وثيقة إعلان الاستقلال الفلسطيني عام 1988، الأربعين مؤلفا كان أولها مجموعة 'عصافير بلا أجنحة' عام 1960، و'أوراق الزيتون' 1964، و'عاشق من فلسطين' 1966، و'آخر الليل' 1967، و'العصافير تموت في الجليل' 1970، و'حبيبتي تنهض من نومها' 1970، و'أحبك أو لا أحبك' 1972، و'محاولة رقم 7' 1973، و'يوميات الحزن العادي' 1973، و'وداعاً أيتها الحرب، وداعاً أيها السلام' 1974، و'تلك صورتها وهذا انتحار العاشق' 1975.
ومن مؤلفاته أيضا 'أعراس' 1977، و'مديح الظل العالي' 1983، و'حصار لمدائح البحر' 1984، و'هي أغنية، هي أغنية' 1986، و'ورد أقل' 1986 و'في وصف حالتنا' 1987، و'أرى ما أريد' 1990، و'عابرون في كلام عابر' 1991، و'أحد عشر كوكباً' 1992، و'لماذا تركت الحصان وحيدا' 1995، و'جدارية' 1999، و'سرير الغريبة' 2000، و'حالة حصار' 2002، و'لا تعتذر عما فعلت' 2003، و'كزهر اللوز أو أبعد' 2005، و'أثر الفراشة' 2008، وصدر بعد وفاته قصيدة بعنوان: "لا اريد لهذه القصيدة أن تنتهي".
الراحل درويش كان من الشعراء العرب القلائل الذين يكتبون نثرا لا يقل في صفائه وجماله عن الشعر ومن مؤلفاته النثرية: 'شيء عن الوطن'، و'يوميات الحزن العادي'، و'ذاكرة للنسيان'، و'في وصف حالتنا'، و'الرسائل' (بالاشتراك مع سميح القاسم)، و'الكتابة على ضوء البندقية'، و'في حضرة الغياب'، و'حيرة العائد'.
وترجمت أعمال الراحل درويش إلى أكثر من 40 لغة حية، وما زالت تترجم إلى عدد من اللغات الأخرى.
توفي درويش في الولايات المتحدة الأميركية بعد إجرائه لعملية القلب المفتوح في المركز الطبي في هيوستن، التي دخل بعدها في غيبوبة أدت إلى وفاته، ووري جثمانه الثرى بتاريخ 13 آب العام 2008 في مدينة رام الله.
وأصدر الاتحاد العام للكتّاب والأدباء الفلسطينيين بيانًا في الذكرى 14 لرحيل الشاعر الكوني محمود درويش، جاء فيه:
"يحضرنا اللوز مزهرًا كلما فتحت سيدة نوافذ الربوات السمراء، المطلة على ضريح سيد الكلمة في زمن الارتباك، وحنو الفاصلة على عكاز المثقلين بالجراح، من هناك بدأت الخيمة في سياحة الوجع، ولم تدم لمكر الغرباء، بل أصبحت حجرة نور، وحجيرة جمر في الحناجر، وكانت أول الثورة، لوطن تخضر قروحه كلما قلبها الوقت تحت نار المرجفة."
وتابع: "محمود درويش القادم من البروة عناق جبل يغسله بحر عكا يدرسَّ الآن أبجديةً مغايرة لأجيالٍ كلما اقتربت منه تعلمت مفاهيم الوطن المتورقة، وليس أقل من معاني الانتماء ليصبح الشعر سيد المقاومة".
وقال الاتحاد: "لم يكن محمود درويش شاعرًا ونحات لغة فحسب، بل كان الرسول الشكيم المرصوصة محابره كرؤوس الغزلان في غابات الاشتباك مع النقيض، كان ابن الحصار ورافضه، ابن المعركة وفارسها من محراب اللغة، كان ابن القضية وزيد بنيانها في محافل المدى الست، وسيد الفكرة العالية عندما أصبح الحجر حامل حلم شعبنا إلى دولة العشاق، ولم يكن سواه مع شعراء جيله غير فرسان الميمنة في مقدمة الركب وأنبياء المجاز في كتاب التضحية".
واختتم: "محمود درويش بعد أربعة عشر عاما من الغياب يبقى الحاضر والحضور، والنجم والسماء، والورد وعطره، والثورة والبارود، والزيتون الذي يمتد عناداً مقدساً عطاءً وفداء، يبقى الدفتر الأكبر في مكتبة الوجود، والدليل الأول في عشق فلسطين.