ماذا وراء التقارب الجديد بين إسرائيل وتركيا؟
صدى نيوز - بدأت تركيا وإسرائيل فتح صفحة جديدة بينهما بإضفاء طابع رسمي على العلاقات الدبلوماسية، بعد 12 عاما من تجميدها.
بالنسبة لإسرائيل، التي تنتظر هذه اللحظة بصبر، فإن إعادة العلاقات الدبلوماسية مع تركيا تشكل "رصيداً للاستقرار الإقليمي،
وذكرت صحيفة "الفيغارو" أن الأزمة بين البلدين تعود إلى هجوم القوات الإسرائيلية المميت على سفينة تركية في نهاية مايو (أيار) 2010. في ذلك اليوم، أطلق الكوماندوز الإسرائيلي الذي هبط بطائرة هليكوبتر، النار على سفينة "مافي مرمرة"، التي كانت ضمن أسطول يحاول كسر الحصار المفروض على غزة بغية جلب الطعام لسكان القطاع.
وقتل تسعة أشخاص وأصيب 28 آخرون على الأقل خلال هذا الهجوم الذي أدى إلى استدعاء سفيري البلدين.
وبناء على إصرار الرئيس الأمريكي باراك أوباما عام 2013، اعتذر رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك بنيامين نتانياهو لرجب طيب أردوغان، وهي لفتة أولى أدت إلى إعادة السفرين إلى منصبيهما في 2016.
وتدهورت العلاقات مرة أخرى بين الجانبين بعد ذلك بعامين، عندما قررت أنقرة طرد المبعوث الإسرائيلي، احتجاجاً على قتل المتظاهرين الفلسطينيين في قطاع غزة. وردّت إسرائيل بطرد القنصل العام التركي.
وقبل ذلك بفترة وجيزة، دان الرئيس التركي بشدة نقل سفارة الولايات المتحدة من تل أبيب إلى القدس، وذلك خلال القمة الاستثنائية لمنظمة المؤتمر الإسلامي في اسطنبول.
مخططات تقارب
وترى صحيفة "لوفيغارو" أن السياق الدولي والاقتصادي الحالي يفرض مخططات تقارب بدأت أخيراً في بداية 2022. وحرصاً على تخفيف التوتر مع تركيا، زار الرئيس الإسرائيلي الجديد، اسحاق هرتسوغ، أنقرة واسطنبول في مارس (آذار). وأعقب ذلك زيارة وزير الخارجية التركي في مايو (أيار)، وهو أول مسؤول تركي كبير يزور القدس منذ خمسة عشر عاماً.
رغبة استراتيجية لكسر العزلة
وبالنسبة لأنقرة، فإن هذا الفصل الجديد هو جزء من رغبة استراتيجية لكسر عزلتها من خلال تطبيع علاقاتها مع أعدائها السابقين: مصر والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية. فتركيا التي تواجه ركوداً اقتصادياً، تأمل في جذب أكبر عدد ممكن من المستثمرين والسياح. و من المفترض أن يُسمح لطائرات الخطوط الجوية الإسرائيلية بالهبوط قريباً في اسطنبول وأنطاليا لأول مرة منذ خمسة عشر عاماً.
رصيد للاستقرار الإقليمي
أما بالنسبة لإسرائيل، التي تنتظر هذه اللحظة بصبر، فإن إعادة العلاقات الدبلوماسية مع تركيا تشكل "رصيداً للاستقرار الإقليمي، وأخباراً اقتصادية مهمة جدا للمواطنين". ويُنظر إلى هذا التقارب على أنه يمكن أن يشكل بداية تحالف ضد الوجود العسكري الإيراني في سوريا، الذي يعتبره البلدان بمثابة تهديد.
وتمكنت أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية والتركية مؤخراً من إحباط مخططات لاختطاف وقتل سياح إسرائيليين في اسطنبول، حيث اعتُقل أكثر من 10 "مشتبه بهم" قيل إن "الحرس الثوري" الإيراني تلاعب بهم قبل أن يتخذوا أي إجراء. لكن طهران نفت أي تورط لها دون اقناع حقيقي.
وعلى الجبهة السورية، تتواصل القوات الجوية الإسرائيلية والتركية بانتظام لتجنب "الاشتباكات العرضية" خلال العمليات في الأجواء السورية، حسبما ذكرت وسائل إعلام عبرية.
التعاون في الطاقة
وتلفت الصحيفة الفرنسية إلى أن قضية التعاون في مجال الطاقة بين البلدين هي أيضاً في قلب شهر العسل الجديد هذا، مشيرة إلى أنه في يناير (كانون الثاني) الماضي، قال الرئيس أردوغان إنه مستعد "للتعاون" في مشروع خط أنابيب غاز في شرق البحر المتوسط، وهو ما كان يعارضه ذات يوم. كما أن هذا الموضوع يعد أساسياً اليوم، حيث تسعى العديد من الدول الأوروبية لتقليل اعتمادها على الغاز الروسي على خلفية الحرب في أوكرانيا.