خاص| لماذا يرفض "سماسرة التصاريح" تحويل رواتب العمال للبنوك؟
خاص صدى نيوز- يرفض العمال الفلسطينيون، الذين يعملون في الداخل المحتل، تحويل رواتبهم إلى البنوك الفلسطينية مباشرة دون وسيط، رغم تأكيد مختصين أن هذه الخطوة ستكون في صالحهم وتحمي حقوقهم، عدا عن تنمية الاقتصاد الوطني الفلسطيني.
ويبدو أن العمال الفلسطينيين يتعرضون لتحريض مكثف لرفض هذه الخطوة من قبل "سماسرة التصاريح" المستفيدين مادياً من عدم تحويل رواتب العمال إلى البنوك الفلسطينية، لكن إلى متى سيبقى العمال الفلسطينيون رهينة مصالح وطمع المشغل الاسرائيلي من جهة و"سماسرة التصاريح" من جهة أخرى؟
النقد: تحويل رواتب عمال الداخل للبنوك الفلسطينية حماية لحقوقهم
نائب محافظ سلطة النقد محمد مناصرة قال في حديث خاص لـ"صدى نيوز" إن "تحويل أجور العمال الفلسطينيين في إسرائيل عبر النظام المصرفي الفلسطيني يهدف بشكل أساسي إلى حماية حقوق العمال خاصة فيما يتعلق بالمستحقات والبدلات والحد الأدنى من الأجور، إضافة الى استفادة العمال من كافة الخدمات والتسهيلات المصرفية التي تقدمها البنوك في فلسطين".
وأضاف مناصرة أن "هذه الخطوة الهامة والايجابية ستساهم في تقليل حجم النقد (الكاش) بالشيكل الإسرائيلي الذي يتدفق من خلال العمال الى السوق المحلي، وعدم قدرة المصارف الفلسطينية على شحنه الى البنوك الاسرائيلية".
وتابع نائب محافظ سلطة النقد: "سيستفيد العمال بعد تحويل رواتبهم عبر البنوك الفلسطينية من التسهيلات والبرامج المصرفية التي تقدمها البنوك، فضلاً عن تمتعهم بالخدمات المصرفية الإلكترونية ووسائل الدفع الإلكتروني، التي ستعمل على تسهيل إجراء معاملاتهم المالية اليومية بسرعة وسهولة وأمان، وبالتأكيد ستطرح المصارف برامج خاصة بالعمال".
وأكد أن سلطة النقد أصدرت تعليمات تلزم بموجبها المصارف بعدم استيفاء أية عمولات، أو رسوم على أجور العمال العاملين لدى الجانب الإسرائيلي، كما طالبت المصارف بتسهيل إجراءات فتح الحسابات للعمال وذلك بهدف تسهيل استقبال واستلام أجورهم، والاستفادة من الشبكة المصرفية والخدمات التي تقدمها المصارف للجمهور على مدار الساعة.
وشدد على أن قانون المصارف يحظر الكشف عن السرية المصرفية لعملاء الجهاز المصرفي ما لم يكن الكشف بناء على موافقة العميل الشخصية أو بقرار من المحكمة، وبالتالي سرية الحسابات مضمونة.
وأشار الى أن الممارسات القائمة في الجهاز المصرفي في فلسطين تثبت استقلاليته المطلقة وتمتعه بأعلى درجات الانضباط والالتزام، حيث تتولى سلطة النقد تطبيق أفضل المعايير الدولية في مجال الرقابة الدورية والرقابة الاحترازية، بما يكفل الحفاظ على أموال المودعين وحماية حقوقهم.
خبير اقتصادي: فوائد للعامل من جهة ولاقتصاد فلسطين من جهة أخرى
من جهته الخبير في الشأن الاقتصادي والمحاضر في جامعة "تل أبيب" د. سامي ميعاري قال في حديث خاص مع "صدى نيوز" إن تحويل رواتب العمال الفلسطينيين العاملين في الداخل المحتل، سيعود بفوائد وإيجابيات جمة على العامل من جهة، والاقتصاد الوطني الفلسطيني من جهة أخرى.
وأضاف ميعاري، أن هذه الخطوة ستمكن العامل الفلسطيني من الحصول على راتبه في الوقت المحدد، ودون أية اقتطاعات من قبل "سماسرة التصاريح" الذين يشكلون عقبة رئيسية أمام حصول العمال على حقوقهم.
وتابع "أحد أهم المشاكل التي يعاني منها العمال الفلسطينيون داخل إسرائيل هي بروز ظاهرة السماسرة الذين يقتطعون نسبة معينة من راتب العامل الفلسطيني على كل تصريح يقومون بتسليمه للعامل الفلسطيني، بمعنى هناك وسيط بين العامل والمشغل الاسرائيلي، وهذا الوسيط هو من يستصدر التصريح للعامل وهو من يستقبل الراتب ويقوم بتحويله للعامل الفلسطيني، ونسبة كبيرة من الحالات يقوم الوسيط (السمسار) فيها باقتطاع نسبة معينة من راتب العامل لمصلحته الخاصة".
واعتبر المحاضر في جامعة تل أبيب سامي ميعاري تحويل رواتب العمال الفلسطينيين العاملين في الداخل المحتل خطوة جيدة وإيجابية نحو ترسيخ العدالة للعامل الفلسطيني، وإنصافه وإعطائه كامل حقوقه.
وأكد ان تحويل رواتب العمال الى البنوك الفلسطينية سيقضي على ظاهرة السماسرة، ما سيمكن العامل الفلسطينيي من الحصول على كافة حقوقه ومستحقاته المالية، مشددا على أن تحويل الرواتب للبنوك سيكون مرفقاً بفاتورة الراتب، التي تشكل إثباتاً مهماً للعامل من أجل الحصول على كافة مستحقاته وحقوقه.
وقال ميعاري إن وزارة العمل الفلسطينية يجب أن تطلق حملة لمحاربة سماسرة التصاريح، وتشجيع العمال على فتح حسابات شخصية في البنوك الفلسطينية للبدء في تحويل رواتبهم لها.
رواتب عمال الداخل عبر البنوك يحل أزمة السيولة المالية بالسوق الفلسطينية
وفي هذا قال الخبير في الشأن الاقتصادي د. سامي ميعاري إن تحويل رواتب العمال الذين يعملون في الداخل المحتل للبنوك الفلسطينية سيحل أزمة فائض السيولة المالية في السوق الفلسطينية.
وأضاف "هذه الخطوة ستحل مشكلة فائض السيولة في السوق الفلسطينية في ظل إغراق إسرائيل للأسواق بعملة الشيكل، ورفض البنوك الإسرائيلية في الكثير من الأحيان أن تسحب هذا الفائض بحجة التلف أو عدم الحاجة إليها، كما سيمنح ذلك البنوك الفلسطينية فرصة لتحقيق الاستقرار النقدي بين عملة الشيكل والعملات الأجنبية عبر التواجد المستمر للسيولة داخل مصارفها".
وتابع الخبير في الشأن الاقتصادي "تُعتبر البنوك من أهم القطاعات الخاصة في إحداث التنمية الاقتصادية، وبالتالي عندما يتم دعم البنوك عبر حل أحد أهم المشاكل التي تعاني منها وهي فائض السيولة المالية، إذن عملياً سيتم دعم القطاع الخاص، وبالتالي تنمية الاقتصاد الوطني الفلسطيني".
وتابع "رواتب العمال الفلسطينيين التي تقدر بمئات الملايين في الشهر الواحد، فعندما يتم صرفها واستهلاكها في الضفة سيزيد من السيولة المالية في البنوك الفلسطينية، لذا من المهم تحويل رواتبهم من الأساس الى هذه البنوك لحل مشكلة فائض السيولة المالية لديها".
ويُلزم اتفاق باريس الاقتصادي الذي يحكم العلاقة الاقتصادية بين فلسطين وإسرائيل، الأخيرة بتلقي فائض الشيكل من الفلسطينيين، أو الموافقة على تحويله إلى عملة أجنبية أخرى.
سماسرة التصاريح يحرضون العمال لرفض تحويل رواتبهم للبنوك الفلسطينية
وفي هذا الصدد قال الخبير د.ميعاري "العمال الفلسطينيون لم يرفضوا تحويل رواتبهم للبنوك الفلسطينية، وإنما من رفض هذه الخطوة هم سماسمرة التصاريح الذين أثاروا الموضوع في الإعلام لتأجيج العمال ونقل معلومات غير دقيقة وغير واضحة لهم بأن هذه الخطوة لا تخدم العمال وتضر بمصالحهم".
وأضاف "سماسرة التصاريح يرفضون هذه الفكرة لأن مصالحهم الشخصية ستتضرر، فالسمسار الذي يستصدر التصاريح للعمال في الداخل المحتل يقتطع 5 الى 10% من قيمة راتب العامل شهرياً، إضافة إلى حوالي 2500 شيقل في السنة".