خاص "صدى نيوز"- عودة العلاقات بين حماس وسوريا لم يكن خياراً للحركة
خاص صدى نيوز- بعيد عودة العلاقات الرسمية بين حركة (حماس) وسوريا، أكد محللون أن الحركة تعرضت لضغوط أرغمتها على إعادة هذه العلاقات وهي تسعى لتكون طرفاً مؤثراً في ظل المتغيرات الإقليمية والخروج من حالة الاصطفاف التي لم تحظى برضى رسمي عربي.
ويقول المحلل السياسي وأستاذ العلوم السياسية في جامعة القدس، جمال الفاضي لوكالة صدى نيوز: "لا نختلف في أن أحد بديهيات السياسة أن المصالح هي التي تحدد المواقف، وأن أصدقاء اليوم قد يصبحون أعداء الغد، وأن أعداء اليوم يصبحون أصدقاء الغد، وعلاقات حركة حماس لن تكون استثناءً لهذه القاعدة، فحماس التي تسعى لأن تكون طرفاً مؤثراً، تسعى لاعادة تدوير علاقاتها من جديد بعد حالة من الاصطفافات لم تكون تحظى برضى رسمي عربي".
وأكدت الحركة في بيان تلقته "صدى نيوز"، على "مضيها في بناء وتطوير علاقات راسخة مع الجمهورية العربية السورية، في إطار قرارها باستئناف علاقتها مع سوريا الشقيقة؛ خدمةً لأمتنا وقضاياها العادلة، وفي القلب منها قضية فلسطين، لا سيما في ظل التطورات الإقليمية والدولية المتسارعة التي تحيط بقضيتنا وأمتنا".
ويعتقد الفاضي، أن سعى حماس لإعادة علاقاتها بسوريا، لم يكن خياراً حمساوياً خالصاً وإنما جاء في ظل متغيرات إقليمية، والانتقال من مربع العلاقات النزاعية إلى العلاقات التعاونية، وحماس التي تربطها علاقات جيدة مع محور ما يسمى بمحور المقاومة، لم تصمد أمام ضغوط إيرانية ومن حزب الله لاعادة علاقاتها بسوريا، بالاضافة للمتغير التركي، الذي بدا الانفتاح على سوريا نظاماً وشعباً، هذا يشكل ضغط آخر أو فرصة على حماس لاعادة ترتيب علاقاتها.
وحول الجدوى من هذه العلاقة، قال الفاضي، لوكالة صدى نيوز: "أرى أن لا جدوى خصوصاً في ظل تراجع التأثير السوري على القضية الفلسطينية نتيجة انشغاله بالداخل السوري، هذا من جانب ومن جانب آخر، وبعد سلسلة من التصريحات السورية التي رأت بتخلي حماس عن سوريا يشكل ضربة قاسمة وربما خيانة للتبني السوري لحركة حماس في فترة انكفاء الجميع عنها، وبالتالي، فإن عودة العلاقات لن تقدم شيئاً، فيّ ظل تداخل كثير من الأوراق وفي ظل علاقات سورية مع السلطة يمكن توصيفها بالجيدة حداً".
وأكد الفاضي، أنه لابد من القول السياسة هي كالمشي على خط مستقيم، وبالتالي، نآمل من حماس الابتعاد عن حالات الاستقطاب الاقليمية، ونأمل منها القراءة الجيدة لكل المتغيرات، وأن يكون رهانها هو رهان فلسطيني ولا يتأثر بكل ما يدور بالمنطقة.
ورأي أن حماس فصيل كبير، ويجب أن تحسب مواقفها بدقة، والا تخضع لاعتبارات ايديولوجية وإنما برغماتية وفقاً لمصالح الشعب الفلسطيني وقضيته، مشدداً على أن سوريا دولة مهمة، ولكن أي علاقة معها ستخضع للاعتبارات الأمنية وليست السياسية.
رئيس الدائرة السياسية والعلاقات الخارجية في حركة حماس، باسم نعيم، قال: "إن قرار حماس حركي مستقل بعد دراسة مستفيضة لعدة أعوام، وبعد قراءة في المشهد الداخلي والإقليمي والدولي ذهبت حماس في النهاية وغالبية الآراء فيها لأهمية استئناف العلاقة مع سوريا".
ورى نعيم، أن "المغادرة من سوريا كانت لطبيعية أمنية وليس سياسية، والحركة تؤكد أن الأصل منفتحة مع كل الدول وليست جزءاً من أي صراع داخلي أو صراع بيني بين الدول".
وأكد نعيم، أن الحركة هدفها إنهاء الاحتلال وتتطلع لوحدة الأمة، وتوجه كل مقدرات الأمة وتكون فلسطين جامعة لهم، معتبراً أن القرار اتخذ بشكل تنظيمي بغالبية كبيرة "وستكون بالتأكيد له تداعيات في الساحة الفلسطينية".
ونوه لوكالة صدى نيوز، إلى أن حماس حركة كبيرة يعنيها مصلحة نصف مليون فلسطيني موجود في سوريا ضيوف مكرمين، إضافةً إلى عدد كبير من الفصائل الفلسطينية على الأرض السورية وضروري أن يكون لها تواصل معهم.
وشدد نعيم، على أن الأرض السورية لها حدود مع "الكيان"، منطقي أن يكون للحركة تواجد مع أي حدود، مبيناً أن حماس هدفها نحو فلسطين تتطلع للدعم العربي والدولي في تقرير المصري وتسعى إلى فتح علاقات، وهي منفتحة على أطراف أخرى قد تكون موجودة في معسكر مخالف للتوجه السوري.
وأكد أن "هناك محوران، محور يقوم على التطبيع يسمح للكيان التمدد، ومحور آخر يقوم على رفض الوجود الصهيوني ورفض الاحتلال"، مشدداً على أن الحركة ليس لها خيار إلا أن تكون في محور المقاومة، وتعبر عن الرفض للتطبيع، لكن لا نعلن المقاطعة لكل هذه الكيانات.
وحول ما إذا مورست على الحركة ضغوط لعزدة العلاقة بينها وبين سوريا، سيما من قبل إيران وعلاقتها مع تركيا، أشار نعيم، إلى أنه ليس بالحسبان العلاقة بين تركيا وإيران وهي دول كبرى لها مصالحها المعقدة ولا يمكن أن نرهن حساباتنا لهذه الحسابات المعقدة، موضحاً أن قرار حماس حركي خالص ينبع من دراسة مصالح الشعب الفلسطيني العليا دون الدخول بأي تجاذبات المنطقة مع أو أي ضد.
وأضاف نعيم، ليس لحراكنا مع سوريا أي علاقة بالعلاقة التركية الإيرانية، التي يعلم الجميع قد يتفقوا في ساحة ويختلفوا في ساحة أخرى.
وكانت حماس، أدانت بشدة العدوان الإسرائيلي المتكرر على سوريا، وأكدت وقوفها إلى جانب سوريا الشقيقة في مواجهة هذا العدوان، مضيفةً "نعرب عن تقديرنا للجمهورية العربية السورية قيادةً وشعبًا؛ لدورها في الوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، ونتطلع أن تستعيد سوريا دورها ومكانتها في الأمتين العربية والإسلامية، وندعم كل الجهود المخلصة من أجل استقرار وسلامة سوريا، وازدهارها وتقدمها".
وأكدت الحركة، موقفها الثابت من وحدة سوريا أرضاً وشعباً، وترفض أي مساس بذلك، قائلةً: "ننحاز إلى أمتنا في مواجهة المخططات الصهيونية الخبيثة، الهادفة إلى تجزئتها وتقسيمها ونهب خيراتها، ونقف صفاً واحداً وطنياً وعربياً وإسلامياً لمقاومة العدو الصهيوني، والتصدي لمخططاته".
ودعت حماس إلى إنهاء جميع مظاهر الصراع في الأمة، وتحقيق المصالحات والتفاهمات بين مكوّناتها ودولها وقواها عبر الحوار الجاد، بما يحقق مصالح الأمة ويخدم قضاياها، مؤكدةً على استراتيجيتها الثابتة، وحرصها على تطوير وتعزيز علاقاتها مع أمتها، ومحيطها العربي والإسلامي، وكل الداعمين لقضيتنا ومقاومتنا.
يشار إلى أنه منذ إعلان الحركة عودة العلاقات مع سوريا، يتواصل الجدل عبر مواقع التواصل الاجتماعي بين مؤيد ومعارض ورفض وقبول، سواء داخل حماس أو خارجها وفلسطينياً وعربياً أيضاً.
ويرى خليل شاهين، مدير البحوث في مركز مسارات برام الله، أن "إعلان حماس لم يكن مفاجئا، إنما سبقته إرهاصات ولقاءات عديدة حتى مع النظام السوري وفي العاصمة دمشق"، منوهاً إلى جهود بذلتها إيران وحزب الله وروسيا لإعادة العلاقة، في توجه يعكس رغبة واسعة لدى جزء كبير من قيادات الخارج وغزة، رغم تردد النظام السوري والبطء في التعاطي مع هذه المحاولات، نتيجة عمق الأزمة في الفترة الماضية.
وحول أسباب عودة حماس إلى سوريا في هذا التوقيت، أوضح شاهين، أن الجغرافيا بدأت تضيق أكثر فأكثر على الحركة، قائلاً: "حماس تدرك أن مساحة الجغرافيا تضيق، وأن الأرض تُسحب من تحت قدميها، وبدأت تبحث توسيع الجغرافيا أو تنويعها على الأقل".
ولفت إلى تأثير التحولات في المنطقة من حيث تعميق علاقات التطبيع من جهة، والمصالحات في إطار المحاور في المستوى الإقليمي من جهة أخرى، وأن ضيق الجغرافيا صاحبته شروط بشأن وجود حماس في بعض الدول، وهذا يقلص نطاق تحرك حماس إن كان ذلك على مستوى وجود القادة العسكري وعناصر الإمداد، أو تنمية القدرات العسكرية في غزة ولبنان".
وقال شاهين إضافة إلى سوريا، لا استبعد تطوراً مماثلاً في العلاقة مع الأردن، والتوجه نحو المزيد من البراغماتية لدى الحركة التي تقدم نفسها لاعباً رئيسياً في الساحة الفلسطينية، وربما على مستوى الإقليم، مؤكداً أن حماس أدركت المصالحات التي تتم على المستوى العربي والإقليمي وتوجه الجميع إلى النظام السوري، وأنها إذا لم تتقدم خطوة ستبقى وراء الجميع.
بدوره، اعتبر مخيمر أبو سعدة، استاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر في غزة، لوكالة صدى نيوز، أن "سوريا كسبت المعركة"، مبيناً أن تغيرات إقليمية ساعدت حركة حماس في القرار منها التطبيع العربي الإسرائيلي قبل عامين، من بعض الدول المعنية بمحاربة الإسلام السياسي على رأسها الإمارات تصنف الاخوان باعتبارها إرهابية".
وقال أبو سعدة، قد يكون لتحسين العلاقات بين تركيا ودولة الاحتلال الإسرائيلي تأثير على ذلك ولقاء يائير لابيد، رئيس حكومة الاحتلال ورجب طيب أردوغان، الرئيس التركي وتبادل السفراء بين البلدين، ومفترض أن يؤدي تخفيض الوجود الحمساوي في تركيا تأثير على العلاقة بين الحركة وتركيا.
ونوه إلى أن هناك، محاولة من تيار المقاومة الذي تقوده إيران لإعادة رص الصفوف لمواجهة تيار التطبيع، إيران، سوريا، حزب الله، حماس، الحوثين، مشيراً إلى ان حماس أمام خيارين إما تصطف في المحور أو تقف على الحياد ولم تكون جزء من التيار، معتقداً أن التطبيع في المنطقة حماس حسمت أمرها على الرغم أنه سيؤثر على حماس داخلياً وإقليميا هناك رفض بعض أطراف في حماس في رفض جماعات الإسلامي السياسي رفض العلاقة مع سوريا بسب ما اقدمت عليه.
وشدد أبو سعدة، على أن مصالح حماس تقتضي هذه العلاقة، وتوقيت صدور بيانها تزامن مع زيارة وفدها برئاسة رئيس المكتب السياسي إسماعيل هنية إلى موسكو المرة الأولى يجتمع قيادي مع وزير الخارجية الروئسي، سيرجي لافاروف حيث كان يتم عادة مع بغدانوف.
وأضاف أن هناك مصلحة لإيران الدفع في هذا الاتجاه، فزيارة موسكو وتطبيع العلاقة بين تركيا ودولة الاحتلال الإسرائيلي، موضحاً قد تكون العلاقة مع حزب الله وايران دفعت بهذا الاتجاه لإنه من الواضح في ظل تعثر الملف النووي قوى المقاومة والاعتداءات الإسرائيلية شبه اليومية على سوريا وتسخين الاوضاع مع لبنان يعجل أن يكون محور المقاومة على كامل الجهوزية في مواجهة أي مغامرات إسرائيلية في المنطقة.
ويرى محللون، أن التقارب بين حركة حماس وسوريا سيكون محفزاً للتصعيد الإسرائيلي في المنطقة.