ما هو عيد "الحانوكا" الذي يستغله المستوطنون لتدنيس الاقصى؟
أهم الأخبار

ما هو عيد "الحانوكا" الذي يستغله المستوطنون لتدنيس الاقصى؟

متابعة صدى نيوز - مجدّدا، سيكون المسجد الأقصى المبارك على موعد مع 8 أيام من العدوان التي ترافق احتفالات المستوطنين المتطرفين بعيد الأنوار اليهودي (الحانوكا)، والتي ستمتد من 18 حتى 26 من ديسمبر/كانون الأول الجاري، فيما بدأت الجماعات المتطرفة بالترويج لاقتحامات خلاله عبر الإعلان عن حملات نقل مجانية لأعضائها.

وتُحيي الاحتفالات بهذا العيد ذكرى ما يُسمى "انتصار أبناء الحشمونيين" في ثورتهم ضد الإغريق خلال فترة "الهيكل الثاني"، وفق زعم اليهود الذين ادّعوا أن الإغريق اضطهدوا الحقوق ومنعوا العبادات اليهودية، ونتج عن "ثورتهم" احتلال القدس واستبدال الحكم اليهودي بالإغريقي.

ومن أهم رموز هذا العيد الشمعدان الذي تضاء شعلة جديدة منه يوميا على مدار 8 أيام. وتاريخيا، يدّعي اليهود أنهم عندما احتلوا القدس ودخلوا "الهيكل" بعد الانتصار وجدوا إبريقا صغيرا من الزيت الصافي وكان من المفترض أن يفرغ بعد إشعال شعلة الليلة الأولى لكنه استمر "بمعجزة" لـ8 أيام.

مدّة هذا العيد ثمانية ايام يضيئون خلالها شمعة كل يوم تثبت في شمعدان خاص بهذه المناسبة. ولا صلة لهذا العيد بالتوراة، إنما بحروب الحشمونائيم (سلالة حاكمة في مملكة يهودا) ضد اليونانيين وللدلالة على انتصار وتغلب الأقلية على الأغلبية في العام 164 ق.م.

ولماذا ثمانية أيام؟ تشبُهًا بأيام عيد المظال (العُرش) لتذكير شعب اسرائيل بفرح التوراة والخلاص. إذ أن الحانوكا إضاءة الأنوار في الهيكل بعد تحريره من اليونانيين وتطهيره من نجاستهم (وفق المعتقدات اليهودية الشائعة منذ القرن الثاني قبل الميلاد).

أمّا الاسم " حانوكا" ففي العبرية للدلالة على ثمانية شمعات وترتيب وضعه بيت هيلل. أي أنه يجب اضاءة ثمانية شمعات كما أشار هيلل إلى ذلك في تفسيراته. وفي بعض المراجع إشارة إلى " تدشين " (حانوكا بالعبرية) الهيكل كما بدأ ذلك موسى في تيه بني اسرائيل في الصحراء. أما عيد الأنوار لأن الخلاص وصل كالنور المُشّع بغتة.

ويُشير باحثو أصول وجذور الأعياد حسب متابعة صدى نيوز إلى أن الاحتفال بهذا العيد إنما هو نسخة عن احتفال وثني لطرد وإبعاد الظلام في اليوم الحادي والعشرين من كانون الأول لكونه اليوم الأقصر في السنة. لهذا كانوا يُكثرون من إضاءة الشموع وإشعال النيران كجزء من طقوس وثنية لطرد الشر والظلام من جهة، واستقبال نور الشمس القادم من عالم الموت منتصرا عليه، من جهة أخرى.

لهذا، فإنّه بموجب الشريعة اليهودية تضاء الشموع في مكان مفتوح مثل عتبة شباك أو مدخل بيت أو ساحة.

وانتشرت عادة استعمال الشمعدان المؤلف من ثمانية ثقوب خاصة بالشموع التي تضاء على مدار الأيام الثمانية للعيد. وتُشغل أو تُصنع الشمعدانات بأشكال مختلفة وبطرق فنية عديدة. وفي بعض المواقع في اسرائيل تنظم مباريات خاصة بصنع الشمعدانات لإثارة رغبة الجمهور الاسرائيلي في التمسك بالعيد والمناسبة.

وتُجيز الشريعة اليهودية للنساء بإضاءة الشموع في هذا العيد، ويُعتقد أن هذه الإجازة تعود إلى عادات قديمة تعتبر المرأة بموجبها حافظة دائمة للنار.

ويتناول اليهود في هذا العيد بعض الأطعمة الخاصة كالاجبان رمزا للعجائب والمعجزات التي جرت في هذه المناسبة. ويُسمى هذا العيد لدى بعض الطوائف الشرقية (السفارادية) بـ "عيد البنات" اعتمادا على التمسك بالطقوس والتقاليد القديمة المشار إليها سابقا.

وتمارس العائلة اليهودية خلال أيام العيد أنواعا كثيرة من الألعاب المنزلية وذلك لعدم توفر الفرصة للخروج خارج البيت بسبب الأحوال الطقسية الماطرة على الغالب واشتداد الرياح العاصفة في شهر كانون الأول. ومن بين الألعاب التي يمارسونها: الشطرنج والدامكا (دومينو) والورق والفرنينة(سفيفون بالعبرية) وهي الأكثر شيوعا لكونها تجلب الحظ، على ما يعتقدون.

وسجلت على الفرنينة حروف عبرية للدلالة على وقوع معجزة كبيرة، ومصدر هذه اللعبة من المانيا.

يقول عبد الله معروف، أستاذ دراسات بيت المقدس في جامعة "إسطنبول 29 مايو"، ومسؤول الإعلام والعلاقات العامة في المسجد الأقصى سابقا، حسب متابعة صدى نيوز إن "عيد الأنوار" لا يعتبر من مناسبات الاقتحامات الكبرى عادة، لكن جماعات الهيكل المتطرفة تهتم به كونه يمتد لـ8 أيام وتحاول تحقيق مكاسب في الأقصى خلالها.

 الامتحان الأول لبن غفير

وبشكل أساسي، تحاول الجماعات المتطرفة إما تهريب الشمعدانات لإضاءتها في المسجد الأقصى، أو محاولة إشعال النار داخله بأساليب مختلفة مثل استخدام "القدّاحات" كما حصل في العام الماضي.

لكن ما ينتظر المسجد الأقصى خلال عيدهم هذا العام يدعو للقلق، ولا سيما مع الوعود بتولّي النائب الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير حقيبة "الأمن الداخلي".
وفي هذا الإطار، أشار معروف إلى ضرورة الالتفات إلى أن هذه الشخصية المعروفة بتطرفها والتي تتبع للتيار الكاهاني المتطرف (أتباع الحاخام كاهانا) ستكون المسؤولة عن توجيه عمل أفراد شرطة الاحتلال بالكامل داخل هذا المكان المقدس.

وبالتالي، فإن جماعات الهيكل المتطرفة تُمنّي نفسها هذا العام بأن يكون هناك تغيير كامل في نوعية الأوامر المعطاة للشرطة داخل المسجد الأقصى وفي كيفية التعامل مع المقتحمين، خاصة أن بن غفير أعلن قبل أيام نيته اقتحام الأقصى وأداء الطقوس الخاصة بعيد الأنوار فيه.

"وهذا يبين أنه ينوي تغيير الوضع القائم في الأقصى، وهذا العيد هو أول اختبار فعلي لقوته وقدرته على تنفيذ رؤيته ورؤية جماعاته المتطرفة داخل الأقصى"، كما يضيف الأكاديمي معروف.

وعلى ضوء ذلك، لن يتردد أنصار جماعات الهيكل المتطرفة في محاولة في إدخال الشمعدانات وإيقاد النيران بشكل علني كاختبار لقدرة بن غفير على تغيير الوضع القائم بإعطاء الأوامر مباشرة للشرطة لتسهيل تنفيذ هذه الانتهاكات.