الكشف عن لوحتين غير معروفتين للفنان والكاتب جبرا ابراهيم جبرا
صدى نيوز -(أ ف ب) -في منزله ببيت لحم، كشف الباحث جورج الأعمى بحذر شديد عن لوحتين قديمتين للفنان جبرا ابراهيم جبرا، مشيرا بفخر الى أنهما غير معروفتين واقتناهما بعد بحث طويل، تساهمان في مزيد من الإضاءة على شخصية ثقافية متعددة المواهب لم يبدأ اكتشافها في الأراضي الفلسطينية المحتلة إلا قبل ثلاثة عقود.
وجبرا ابراهيم جبرا كاتب فلسطيني تنقّل بين أنواع مختلفة من فنون الكتابة، من الرواية الى الشعر الى الترجمة، ويُعتبر من الروّاد في الأدب الفلسطيني، لكنه كان أيضا رساما وناقدا تشكيليا.
ويروي جورج الأعمى، وهو مقتني لوحات وقطع فنية فلسطينية، إنه حصل على اللوحتين من عائلة جبرا في أميركا "بعد بحث طويل".
ويضيف إنه اقتناهما على مرحلتين خلال العام الفائت، و"قد وصلتا أخيراً الى مدينة بيت لحم"، وسيرسلهما الى خبيرة روسية لترميمها.
ويتابع "سيتم عرضهما بعد الترميم للجمهور في مدينة بيت لحم".
ويقتني الأعمى أكبر مجموعة لوحات فنية لفنانين فلسطينيين من أجيال مختلفة.
ويشير الى أن قيمة لوحتي جبرا المعروف ككاتب أكثر منه كرسام، تكمن في أنهما "من الأعمال الأولى لجبرا وكانتا مجهولتين".
ورُسمت اللوحتان بالزيت على ورق عندما كان جبرا شابا يافعا، وتحمل إحداهما اسم "سقوط ايكاروس"، وهي مستمدة من أسطورة يونانية، وتحمل توقيع جبرا مع تاريخ 1938، بينما تصوّر الثانية امرأة عارية، وهي موقّعة في أيلول/سبتمبر 1941.
وأجنحة إيكاروس التي تروي الأسطورة أنه استخدمها للهرب من سجن ملك كريت، تظهر في اللوحة كبيرة جدا بألوان غامقة قوية يختلط فيها الأحمر القاني والبني بينما وسطها بألوان زاهية.
في اللوحة الثانية، لُوّن جسد المرأة الجالسة على سرير باللون الأحمر القاني المتداخل بكثافة مع اللون الليلكي، بينما تتدرّج ألوان السرير بين البني والأحمر.
وكان الأعمى اشترى من شقيق جبرا في الماضي 12 لوحة للفنان الفلسطيني توزّعت بين مدن بيت لحم والقدس وبيروت والإمارات.
وولد جبرا ابراهيم جبرا في العام 1920 في مدينة بيت لحم، وتوفي عام 1994. درس الأدب الانكليزي واللغة الإنكليزية في جامعتي اكستر وكامبريدج في بريطانيا، ثم في جامعة هارفرد في الولايات المتحدة.
بعد حرب عام 1948، هاجر مع عائلته من الشطر الغربي لمدينة القدس، واستقرّ في العراق حيث عمل بالتدريس في جامعة بغداد.
يقول الكاتب والناقد الفلسطيني فيصل دراج بأن جبرا "كان رائدا في تعليم الفن التشكيلي، ولعب دورا كبيرا في تطوير الفن التشكيلي في العراق".
وبدأ جبرا الرسم في سن مبكرة. وإذا كان عدد من أعماله بقي في بيت لحم، فإن أعماله الفنية في العراق آلت الى الضياع بعدما انفجرت سيارة مفخخة أمام بيته وتضرّر المنزل كثيرا.
ويعتقد جورج الأعمى أن جبرا "توقّف عن الرسم عندما تعرّف على جهابذة الفن العراقي في الخمسينات والستينات أمثال جواد سليم الذي شاركه في تاسيس +جمعية بغداد للفن الحديث+".
ولم يعد يرسم منذ العام 1967، بل ركّز على الأدب.
وأنجز جبرا في حياته أربعة وستين كتابا توزعت بين التأليف والنقد والترجمة.
ويرى فيصل دراج أن جبرا "لم يكتشف" بالكامل. ويضيف لوكالة فرانس برس من عمان أن ما كتب عن جبرا "قليل جدا"، لا سيما في ما يتعلّق ب"جبرا المسرحي والشاعر الروائي".
في بداياته، لم يكن جبرا معروفا في الأراضي الفلسطينية المحتلة. بعد تأسيس السلطة الفلسطينية عام 1994، شجّعت السلطة المؤسسات الثقافية الرسمية وغير الرسمية على نشر كتبه وتكريمه باشكال مختلفة.
ويقول دراج "نظرة فلسطينية خاطئة الى جبرا على أنه برجوازي" كانت سائدة، مضيفا أنه "ليس روائيا فقط بل هو ناقد ومترجم عظيم".
ويتابع "بدأت قراءته كارها، ثم أصبحت شغوفا بأدبه"، متحدثا عن "منظور ثقافي جمالي" يقترن بالأخلاق، في كتاباته.
ويشير الى أن جبرا كان يعتبر أن "الصراع بين الفلسطينين والصهاينة صراع طويل الأمد، وهو صراع ثقافي قبل أن يكون عسكريا"، مشيرا الى أن جبرا "أدرك أن على الفلسطيني الارتقاء ثقافياً، وليس بالبندقية. بالنسبة اليه، ما هو مهم في الرؤية السياسية أن يكون الإنسان واعيا لقيمته وقضيته، وهذه عملية ثقافية".
بالنسبة للشاعر والمحاضر في اللغة العربية في الجامعة العبرية الدكتور اياس ناصر، أن جبرا "صوّر التجربة الفردية، أي الفلسطيني الفرد ليكون الفرد صورة للجماعة، لا أن تكون الجماعة صورة للفرد".
ويعتبر "أن هذا أصدق في تصوير شقاء الإنسان الفلسطيني، (...) فهذا التصوير مرآة صادقة لتجربة الإنسان الفلسطيني في شتاته ونكبته".
من جهة أخرى، يتحدّث ناصر عن براعة جبرا في الترجمة، فيقول "كان يحيط باللغة الانكليزية كلغة واسعة، فاستطاع أن يؤدي المعاني على أحسن وجه. وكان يترجم المؤلفات بلغة تتوافق مع الذوق والثقافة العربيين".
ويضرب مثلا على ذلك استخدامه في ترجمته لمسرحية "العاصفة" لشكسبير "كلمة +ابن الحلال+. كما استخدم كلمة +طيب+"، معتبرا أنه "طوّع اللغة الإنكليزية وجعلها لغة دقيقة وقريبة من الذوق العربي".