إيران تقود حراكًا لتوحيد الساحات سياسيًا وعسكريًا يبدأ من فلسطين ويمتد للعراق واليمن
خــــــاص صدى نيوز - لم تكن زيارة وزير الخارجية الإيراني حسين عبد اللهيان إلى الحدود الشمالية بين فلسطين المحتلة وجنوب لبنان، معتادة، ولكنها الأولى من نوعها التي تأتي في ظل حراك سياسي وعسكري من قبل ما يعرف باسم "محور المقاومة" الذي تسعى طهران لتوسيعه ليشمل مناطق مختلفة سواء على صعيد فلسطين أو خارجها.
لا يخفى على أحد ولا تنفي طهران وحتى الفصائل الفلسطينية واللبنانية واليمنية والعراقية التي تقاتل ضمن هذا المحور بأنها تتلقى الدعم المالي والعسكري منها، لكن الجديد في نظرة إيران لهذا المحور تتعلق بتغيير الاستراتيجيات المتبعة خلال العام والنصف الأخيرين.
وتقول مصادر لـ "صدى نيوز"، إن إيران تقود حراكًا جديدًا ضمن استراتيجية جديدة تتبعها مع منظمات محور المقاومة، منها تقريبها من بعضها البعض، وفتح آفاق تعاون على مختلف الجبهات بإعادة تصحيح مسار الخلافات كما جرى مع سوريا وحركة حماس، إلى جانب تفعيل سياسة الخطاب الموحد بمشاركة جميع المنظمات في المؤتمرات والندوات وغيرها من الفعاليات التي تشرف عليها طهران أو غيرها من قوى محور المقاومة.
ووفقًا للمصادر، فإن زيارة زياد النخالة الأمين العام للجهاد الإسلامي إلى العراق ولقاء جماعات محسوبة على إيران، كان بتنسيق من الأخيرة في إطار توحيد الجهود السياسية التي تهدف إلى إرسال رسالة إلى إسرائيل وبعض دول المنطقة حول تطور عمل هذا المحور وتوسيع قدراته سياسيًا وعسكريًا وأنه بات جزء مهم من عوامل التغيير الناشئة في المنطقة بأكملها.
ولم تستبعد المصادر أن يتوجه النخالة خلال الأشهر المقبلة إلى صنعاء في حال أتاحت فرصة توقف الحرب هناك، مثل هذه الفرصة له الهادفة إلى توسيع قاعدة "وحدة الساحات".
وبحسب المصادر، فإن دعوة وزير الخارجية الإيراني، إلى رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هنية، لزيارة طهران قريبًا، وتلبية قائد حماس لهذه الدعوة، إنما يأتي في إطار التحرك الذي تقوده الجمهورية الإسلامية في سعيها لتوسيع نشاط هذا المحور دبلوماسيًا على غرار التحرك الخفي الذي تقوده عسكريًا بتوسيع العلاقات ما بين حماس والجهاد وفصائل أخرى بغزة، وامتداد هذا الحراك إلى الضفة من خلال دعم بعض الخلايا المسلحة بالمال لشراء السلاح وتوجيه هجمات ضد أهداف إسرائيلية، وما يقابلها من ذلك توطيد العلاقات بين قادة الأجنحة العسكرية في فلسطين مع خارجها من قيادة حزب الله وحتى مجموعات مسلحة في سوريا والعراق واليمن.
وأجرى عبد اللهيان مكالمته أمس مع هنية خلال تواجده في بيروت، أعقبها مكالمة مع يحيى السنوار قائد حركة حماس بغزة، والذي لم تشير حركته للاتصال، لكنها أوردته وسائل إعلام إيرانية دون معرفة فيما إذا وجهت له هو الآخر دعوة لزيارة طهران. كما تابعت "صدى نيوز".
وتقول المصادر، إن إيران تسعى لأن تكون جبهة القتال المقبلة ضد إسرائيل مفتوحة من جميع الجبهات خاصة في حال شنت تل أبيب هجومًا على طهران وأهدافها النووية.
وتشير المصادر، إلى أن إيران تستفيد حاليًا من تحسن العلاقات مع السعودية وبعض دول الجوار من أجل تحسين وضعها الاقتصادي الذي سيسمح لها بضخ الأموال لصالح تلك المجموعات الناشطة تحت إطار محور المقاومة، بدون عوائق أو مشاكل مالية تصاحب الموازانات التي تدفعها، وهو ما يفسر الأزمة المالية التي تعيشها بعض تلك المجموعات والفصائل مثل الجهاد الإسلامي بغزة، التي تصرف رواتب عناصرها بنسبة 50%، وبشكل غير شهري ومنتظم.
وقد تلجأ إيران لتنشيط خلايا خارج دول هذه المحور من ماليزيا ودول أخرى من آسيا وافريقيا لضرب مصالح إسرائيلية، خاصة وأن طهران تعتمد على الخيارات العسكرية أكثر منها سياسية في مواجهة إسرائيل وتفضل ضربها من كل جبهة ممكنة.
وتقول المصادر، إن إيران باتت تستغني عن استقبال المقاتلين الفلسطينيين من عناصر حماس والجهاد بغزة، إلى أراضيها لتلقي تدريبات بعد أن كانت دربت المئات منهم على مدار سنوات، مرجعةً ذلك لأسباب تتعلق بتحسن قدرات المقاومين بغزة وامتلاكهم لقدرات واسعة سواء على مستوى التصنيع العسكري أو الأسلوب التكتيكي وغيره.
وأشارت إلى أنه في ذات الأسباب أن مصر في كثير من الأحيان تمنع قيادات وعناصر عسكرية ذات هوية معروفة لدى المخابرات في القاهرة من مغادرة القطاع، كما أنها لا تسمح لجرحى حماس والجهاد بالتوجه إلى إيران أو غيرها للعلاج، وتكتفي بالسماح بتقديم العلاج لهم في مستشفيات عسكرية مصرية قرب سيناء على أن يعودوا لاحقًا لغزة.
وخلال احتفالات "يوم القدس" الذي يصادف اليوم الأخير من شهر رمضان من كل عام، لوحظ في العامين الماضيين أن جميع قادة محور المقاومة من غزة ولبنان وسوريا والعراق وإيران واليمن يلقون كلمات تشيد بدور الجمهور الإسلامية، وتؤكد على المعركة مع الاحتلال، وما يؤكد رغبتها في تجسيد وحدة الساحات بعد دعمها لمجموعات عسكرية بالضفة الغربية، أنه في هذا العام خلال الجمعة الأخيرة من رمضان شاركت لأول مرة والدة الشهيد إبراهيم النابلسي في كلمة لها جاءت بعد كلمات هنية والنخالة والحوثي ونصرالله وغيرهم.
وألقى يحيى السنوار كلمة خاصة من غزة بتلك المناسبة أشاد فيها بإيران وسوريا الأسد، ما جعله عرضةً لانتقادات حادة من الإخوان المسلمين بالخارج وغيرهم، لكن هذه الكلمة تأتي تتويجًا لما قاله شقيقه محمد القيادي البارز في كتائب القسام وأحد المقربين من محمد الضيف، حين ظهر في برنامج "ما خفي أعظم" في قناة الجزيرة وقال حينها إن القسام تلقت معلومات استخباراتية خلال معركة "سيف القدس" من شركائها في محور المقاومة وكان هناك تنسيق كامل، مشيدًا حينها بدعم إيران.