شعبية اليمين المتطرف الألماني في أعلى مستوى على وقع رفضه السياسة البيئية
صدى نيوز -(أ ف ب) -بعد التركيز على موضوعي اللاجئين والإسلام، يخوض اليمين المتطرف الألماني معركة جديدة ضد سياسة الحكومة المناخية، ما يسمح له بزيادة رصيده الشعبي إلى أحد أعلى مستوياته ما بعد الحرب العالمية الثانية.
أظهر استطلاعان للرأي نشرت نتائجهما في نهاية الأسبوع تقدما كبيرا لحزب البديل لألمانيا ليشكل منافسا كبيرا للاشتراكيين الديموقراطيين بزعامة أولاف شولتس الذين باتوا في موقع صعب.
ويمنح استطلاع الرأي الأول لحساب شبكة إيه آر دي حزب البديل لألمانيا 18% من الأصوات، فيما تصل هذه النسبة إلى 19% في استطلاع الراي الثاني الذي تورد نتائجه صحيفة "بيلد" في عددها ليوم الأحد، متحدثة عن "استطلاع صادم".
ولم يسبق لحزب البديل لألمانيا أن سجل هذه النسبة، وهي تعكس مضاعفة شعبيته، بعدما حقق نتيجة بالكاد تخطت 10% في انتخابات 2021.
أما الخضر الأعضاء في الائتلاف الحاكم برئاسة المستشار أولاف شولتس، فسجلوا تراجعا كبيرا إلى 13 أو 14%.
في المقابل، يتصدر محافظو الاتحاد المسيحي الديموقراطي والاتحاد الاجتماعي الديموقراطي الذين انتقلوا إلى المعارضة بعد خروج المستشارة السابقة أنغيلا ميركل من العمل السياسي، إذ يجمعون 27 أو 28% من نوايا الأصوات، غير أنهم لا يسجلون المزيد من التقدم لا بل يتفتت التأييد لهم.
كيف يمكن تفسير تقدم اليمين المتطرف رغم أن الحزب يعاني صراعات على النفوذ بين قادته ويخضع لمراقبة شديدة من أجهزة الاستخبارات ولا يقدم طروحات مضادة ملفتة؟
يستفيد البديل لألمانيا أولا من تراجع شعبية الائتلاف الحاكم مع انحسار التأييد لأدائه إلى 20% من الألمان تحت وطأة التضخم والانكماش والمخاوف الناتجة عن الحرب الروسية على أوكرانيا، وفق ما أظهر تحقيق شبكة إيه آر دي.
وإن كان المحافظون يتصدرون الاستطلاعات، إلا أنهم يجدون صعوبة في تجسيد بديل.
وقال نوربرت روتغن أحد أبرز وجوه الاتحاد المسيحي الديموقراطي "يجدر بالاتحاد أن يقوم بنقد ذاتي ويسأل لماذا لا نستفيد عمليا من مثل هذا الاستياء الشديد حيال الحكومة"، واصفا استطلاع الرأي الذي منح البديل لألمانيا 18% من نوايا الأصوات بأنه "كارثة".
وإن كان ثلثا الناخبين ما زالوا يضعون الهجرة في مقدم هواجسهم، فإن الحزب اليميني المتطرف يستفيد على ما يبدو من معارضته المتزايدة للتدابير المراعية للمناخ.
وتؤكد نائبة رئيس الحزب بياتريكس فون شتورش "لا نريد سياسة تحمي المناخ لأن المناخ لطالما تغير على مر الزمن".
واستغل البديل لألمانيا في صعوده مشروع الخضر لحظر التدفئة بواسطة الطاقات الأحفورية اعتبارا من العام المقبل، وهو طرح يلقى معارضة حتى داخل الائتلاف الحاكم من قبل الليبراليين.
ويركز الرئيس المشارك للحزب اليميني المتطرف تينو شوربالا انتقاداته الآن على الحزب المراعي للبيئة، مؤكدا أنه الحزب "الوحيد" الذي يرفض رفضا باتا تشكيل ائتلاف معه.
وقال في تصريح لصحف مجموعة "فونكه" إن "بإمكان المواطنين أن يروا إلى أين تقود سياسة الخضر، إلى الحرب الاقتصادية والتضخم وانحسار القطاع الصناعي".
وجعل البديل لألمانيا من نائب المستشار وزير الاقتصاد روبرت هابيك كبش فداء لكل المشكلات التي تواجهها البلاد.
كما أن الوزير من حزب الخضر الذي يعتبر مرشحا محتملا للمستشارية في 2025 هو محط انتقادات صحيفة بيلد الشعبية، الأكثر انتشارا في ألمانيا، وفي صفوف الاتحاد المسيحي الديموقراطي الذي يتهمه بالسعي لفرض قيود على استخدام السيارات والتدفئة الفردية.
وهو يجسد برأي ماريو فويت رئيس الاتحاد المسيحي الديموقراطي في تورينغن، "دولة مهيمنة" تسيطر عليها "شتازي الطاقة"، في استذكار للشرطة السرية سابقا في المانيا الشرقية.
وفي هذا السياق أوضحت الخبيرة السياسية أورسولا مونش لوكالة فرانس برس أن البديل لألمانيا "ركز على موضوع تدابير حماية المناخ" وتمكن من "التعبئة ومن إحلال اجواء" رافضة لهذه السياسة.
واستشهدت بدراسة أعدها باحثون من جامعة دريسدن عام 2022، تظهر ترابطا بين مشاريع لإقامة مزارع لتوريبنات الرياح والتصويت للبديل لألمانيا، وخصوصا في ألمانيا الشرقية سابقا.
كما تناول الحزب مسألة الإغلاق المرتقب لمحطات توليد الطاقة العاملة بالفحم عام 2030، فطالب نوابه بالتخلي عن المشروع.
وحدهم 18% من ناخبي الحزب يعتبرون أن الاحترار المناخي من فعل الإنسان، مقابل 73% من مؤيدي الخضر، وفق دراسة باحثي دريسدن.
ولخص الخبير السياسي هايو فانك الوضع لوكالة فرانس برس قائلا إن البديل لألمانيا ينجح في الاستفادة من قصور الائتلاف الحاكم في مجال التواصل والمخاوف المرتبطة بـ"كلفة التدفئة".