معرض في باريس يسلّط الضوء على مقاومة فنانين لبنانيين في خضمّ "انهيار" بلدهم
(أ ف ب) -أكد اثنان من أبرز وجوه العالم التشكيلي اللبناني لوكالة فرانس برس على هامش معرض "مينار" المُقام في باريس والمخصص للشرق الأوسط وشمال أفريقيا، أن الوسط الفنيّ في بلدهما "ينظّم مقاومة" تتيح له الاستمرار والمضيّ قدماً في خضمّ "الانهيار" الاقتصادي والاجتماعي والسياسي.
وقال صالح بركات (56 عاماً)، وهو صاحب دار عرض مهمةّ للأعمال الفنية في بيروت: "الانهيار والأزمة الاقتصادية غير مسبوقتين في لبنان، لكنني متفائل لأن المجتمع المدني ينظم المقاومة".ويشارك بركات في حلقة نقاشية تتمحور على هذا الموضوع ضمن المعرض المُقام من الجمعة إلى الأحد في قصر إيينا.
وأضاف "من شاء الرحيل رحل، بينما أعاد متحف سرسق (للفن الحديث) في بيروت فتح أبوابه أخيراً، وتواصل المؤسسات الثقافية غير الحكومية العمل بكل طاقاتها لأنّ ليس أمامنا خيار آخر".
ويتابع الرجل الخمسيني "إنّ الدولة اللبنانية لا تكتفي بالإحجام عن مساعدة الفن، بل تعرقله"، مشيراً إلى طلب وزير الثقافة اللبناني محمد المرتضى من القوى الأمنية منع عرض فيلم "باربي" في البلاد، بحجة ترويجه للمثلية الجنسية.
وعلى غرار مبان كثيرة في بيروت، دُمّرت غاليري صالح بركات في انفجار 4 آب/اغسطس 2020 الذي أودى بحياة أحد معاونيه المقرّبين.
وقال "أعدنا بناء كل شيء، كما فعلت صالات عرض أخرى، واستأنفنا العمل رغم عدم توافر الإمكانات المالية واحتجاز ودائعنا"، مضيفاً "من الصعب جداً أن نقفل أبوابنا... لذا يجري تنظيم التضامن لتبقى بيروت منارة للإبداع".
وتابع صاحب الغاليري "ليس لدينا بيع بالضرورة، لكننا نواصل تصدير فننا ومساعدة الفنانين والمشاركة في المعارض الدولية الكبرى".
وأشار بركات في مساحة جديدة افتتحها أخيراً في صالته التاريخية، إلى أنه يعرض أعمالاً لنحو ثلاثين من الفنانين الأحياء ويعمل على "الاعتناء بتركة" آخرين غيّبهم الموت على غرار الرسامة سلوى روضة شقير والنحات ميشال بصبوص.
ومن بين الفنانين الأحياء الذين يدعمهم طارق القاصوف (38 عاماً) المُشارك في الدورة الرابعة لمعرض "مينار" الذي يحضره نحو مئة فنان تمثلهم نحو 31 دار عرض.
وخلال هذه السنة، باع القاصوف منحوتة تجريدية ضخمة تزن 15 طناً لشركة كبرى في أبو ظبي لقاء 188 ألف دولار، فيما يأمل أن يجمعه الحديث الباريسي في "تجارب مع آخرين" ضمن ما وصفه بـ"مساحة من الحرية".
ويعرض القاصوف في باريس عملاً من خشب الزان الفرنسي يحمل اسم "أمور" ("حب")، أُنجزه مع الخطاط البارع والشاعر سمير الصايغ (78 عاماً)، ويبعثان من خلاله بـ"رسالة سلام" إلى العالم.
وقال القاصوف "عندما كنت في الثانية عشرة، كنت أحلم بأن أصبح نحاتاً، لكنني درست بدايةً الهندسة المعمارية والتخطيط المدني. ثم استثمرت كل وقتي في حلمي الذي استحال واقعاً غير مستقر، على أرض من الصعب فيها مواصلة الحلم والتخطيط لأبعد من 24 ساعة".
واضاف الفنان الذي عُرضت أعمال له في معهد العالم العربي في باريس عام 2018 "احياناً، يكون نقل الصخور (في لبنان) لنحتها في مكان هادئ مسألة صعبة جداً لأننا غارقون في كل ما يحصل، وبالتالي يشكّل بقاؤنا حيث نحن بمثابة مقاومة".
ويضيف أنه بنى مشغله بطريقة يكون فيها "مكتفياً ذاتياً، ومزوّداً نظاماً للطاقة الشمسية، بالإضافة إلى اعتماد حلول" توفر قدرة سريعة على التكيف في حال طرأت أي مشكلة، مشدداً على حاجة الفنانين اللبنانيين دائماً "إلى خطط بديلة لمواجهة الوضع القائم".