ما هي تداعيات قرار "إغلاق الحكومة الأميركية"؟
متابعة صدى نيوز - بحلول نهاية اليوم السبت ستتخذ العديد من المؤسسات الفيدرالية الأميركية حالة طوارئ بإغلاق مرافقها كليًا أو جزئيًا، مع فشل التصويت في مجلس النواب على بعض بنود الميزانية، قبيل انطلاق السنة المالية الجديدة.
وتبدأ السنة المالية الجديدة في الولايات المتحدة، مطلع تشرين أول/أكتوبر من كل عام، حتى 30 أيلول/سبتمبر من العام التالي، بحسب قانون الموازنة الفيدرالية.
وتقترب الحكومة الفيدرالية تقترب من إغلاق مرافقها للمرة الثالثة خلال 10 سنوات، حيث كان الإغلاق الأخير، الذي استمر من 21 ديسمبر 2018 إلى 25 يناير 2019، هو الأطول في التاريخ، حيث أجبر مئات الآلاف من موظفي الحكومة الفيدرالية على الإضراب لأسابيع.
ومنذ أسابيع، يخوض الديمقراطيون والجمهوريون مباحثات وصلت إلى طريق مسدود أمس الجمعة، للتوصل لاتفاق على بعض النفقات، في موازنة العام المقبل؛ ما يعني أن عديد المؤسسات لن تحصل على تمويل مصروفاتها.
وبينما يسيطر الجمهوريون على مجلس النواب، فقد تمكنوا من إجهاض إقرار مجموعة مشاريع قوانين معتادة، التي تحدد ميزانيات بعض الإدارات للسنة المالية المقبلة التي تبدأ غدًا الأحد.
هنا، لن تتمكن مؤسسات مثل المتاحف والمتنزهات وبعض المؤسسات الضريبية، وبعض المطارات، من أداء مهامها كالمعتاد، لعدم توفر السيولة اللازمة لصرف الرواتب، إلى جانب النفقات التشغيلية.
و قالت الوكالة الفيدرالية لإدارة الطوارئ (FEMA)، إنها لن تكون قادرة على مواصلة عملياتها في جميع مواقع الكوارث الرئيسية البالغ عددها 82 التي تخدمها، اعتبارا من أكتوبر المقبل.
إعلان الوكالة، واحد من عشرات التنبيهات والرسائل التي أعلنتها مؤسسات فيدرالية منذ الأسبوع الماضي، أكدت فيها عدم قدرتها على أداء مهامها في حال توقف التحويلات النقدية من الحكومة الفيدرالية، والتي تحتاج لموافقة الكونغرس.
في الأثناء، استعدت واشنطن لإغلاق الحكومة، بينما خططت الوكالات الفيدرالية لإعادة مئات الآلاف من العمال إلى بيوتهم، والذين لن يحصلوا على رواتبهم حتى انتهاء الإغلاق.
كذلك، سيُطلب من مئات الآلاف الآخرين الذين يعتبرون أساسيين، مثل مراقبي الحركة الجوية، العمل؛ وهم أيضًا لن يحصلوا على أجورهم حتى يتوصل الكونغرس إلى اتفاق.
ومن المتوقع أيضًا أن ينفد التمويل لبرنامج التغذية التكميلية الخاصة للنساء والرضع والأطفال في غضون أيام، بحسب ما أوردته صحيفة نيويورك تايمز، الجمعة، مما يعرض المساعدة الغذائية والطبية لنحو سبعة ملايين أم وطفل للخطر.
في المقابل، لن تتأثر بعض المزايا الأساسية، بما في ذلك الضمان الاجتماعي والرعاية الطبية والمساعدات الطبية ومجموعة متنوعة من المزايا للمحاربين القدامى.
أيضًا، ستضطر إدارة الأعمال الصغيرة الفيدرالية، إلى وقف معالجة طلبات القروض الجديدة؛ ولن يتمكن العديد من المزارعين بالمثل من الحصول على قروض من وزارة الزراعة في موسم الحصاد.
كذلك، ستشهد مصلحة الضرائب إجازة لثلثي قوتها العاملة، مما يعني تأخير المبالغ المستردة، وإغلاق مراكز الاتصال وعدم إمكانية الوصول إلى محامي دافعي الضرائب الوطني، وهي هيئة رقابة داخلية تساعد في استكشاف المشكلات وإصلاحها.
وستغلق العديد من المتنزهات الوطنية والمناطق الترفيهية أبوابها، مما سيلحق الضرر بالمجتمعات المحيطة التي تعتمد بشكل كبير على الدخل من السياحة.
وقالت بعض الولايات - بحسب صحيفة واشنطن بوست- إنها تخطط للاعتماد على أموال الدولة لإبقاء المتنزهات الوطنية الرئيسية مفتوحة، لكن الأغلبية ستغلق أبوابها مع منح العديد من حراس المتنزهات وعمال الغابات إجازة.
أما المحاكم الاتحادية، فقد قالت في بيان الأسبوع الماضي، إنها تمتلك أموالاً كافية لتبقى مفتوحة لمدة أسبوعين تقريبا من بداية السنة المالية الجديدة، مما يسمح بمواصلة معظم القضايا الجنائية الفيدرالية.
تأتي هذه الأزمة، بعد شهور من أزمة الديون الأميركية، والتي أوصلت الولايات المتحدة إلى حافة أزمة تعثر عن سداد الديون، بعد خلافات حادة مماثلة بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري؛ حيث طالب الأخير بتقليصات في الميزانية.
كما تتزامن هذه الأزمة، مع عودة مسار التضخم السنوي في الولايات المتحدة للصعود إلى مستوى 3.7 بالمئة خلال آب/أغسطس الماضي صعودًا من 3.2 بالمئة في تموز/يوليو السابق له.
كذلك، تعاني الأسر الأميركية بحسب تقرير أوردت تفاصيله بلومبرغ، الأسبوع الماضي، من ارتفاع تعثر سداد قروض بطاقات الائتمان، بسبب ارتفاع أسعار الفائدة لأعلى مستوى منذ عام 2001.
متى كان أطول إغلاق حكومي في تاريخ الولايات المتحدة؟
منذ عام 1976، عندما تم سن عملية إقرار الميزانية الحالية، كانت هناك 20 فجوة في الميزانية استمرت يومًا واحدًا على الأقل، وفقًا لخدمة أبحاث الكونجرس. قبل الثمانينيات، كان من المقبول أن تستمر الحكومة في العمل كالمعتاد، ولكن في عامي 1980 و1981، أصدر المدعي العام بنيامين سيبيلتي رأيين ينصان على أنه من غير القانوني للحكومة إنفاق الأموال دون موافقة الكونغرس.
وقال روي مايرز، أستاذ العلوم السياسية في جامعة ميريلاند الجامعي: "منذ ذلك الحين، كان هناك عدد من الفجوات القصيرة نسبيا في الميزانية - لمدة يومين أو ثلاثة أيام - ولكن كان هناك أيضا ثلاثة فجوات طويلة كانت ذات أهمية سياسية، وكلها سببها الجمهوريون".
واستمر الإغلاق الذي حدث عامي 2018-2019 بسبب ميزانية ترامب لبناء السياج الحدودي مع المكسيك 34 يوما، وكان الأطول في تاريخ الولايات المتحدة، ووقع ترامب أخيرا أمرا يعيد الإدارة إلى النشاط دون تلبية مطالبه.
وكان الرقم القياسي السابق 21 يوما في عامي 1995 و1996، عندما رفض الرئيس السابق بِل كلينتون الخضوع لتخفيضات الميزانية والتخفيضات الضريبية التي اقترحها رئيس مجلس النواب نيوت جينجريتش، وكان الرأي العام آنذاك في صف كلينتون واستسلم الجمهوريون أخيرا، وفقا لمايرز.
ومنذ ذلك الحين لم يحدث أي إغلاق حتى عام 2013، عندما استخدم الجمهوريون مفاوضات الميزانية لمحاولة تخريب قانون الرعاية الصحية الميسرة، لكنهم استسلموا أخيرا، واستأنفت الإدارة العمل بعد 16 يوما.