الرئيسان الأمريكي والصيني يتفقان على استئناف المحادثات العسكرية بين البلدين
صدى نيوز - بعد عام من لقائهما في مدينة بالي الإندونيسية، التقى مجددا الرئيس الأمريكي جو بايدن ونظيره الصيني شي جينبينغ الأربعاء في مدينة سان فرانسيسكو الأمريكية. وعقد اللقاء على هامش قمة منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادي (أبيك) التي تحتضنها ولاية كاليفورنيا الأمريكية المطلة على المحيط الهادئ.
وتوج اجتماع بايدن وشي مجموعة من التحركات الدبلوماسية بين واشنطن وبكين. فقد زار عدد من أعضاء الحكومة الأمريكية الصين. والشهر الماضي، زار وزير الخارجية الصيني واشنطن حيث التقى نظيره الأمريكي ثم عقد اجتماعا في البيت الأبيض مع الرئيس بايدن.
وأعلنت بكين الخميس أن الرئيسين اتفقا خلال قمتهما على "استئناف المحادثات العسكرية رفيعة المستوى على أساس المساواة والاحترام". لكن رغم هذا التوافق، شدد بايدن على أنه ما زال يعتبر شي "ديكتاتورا"، مكررا بذلك مصطلحا أثار في وقت سابق من هذا العام غضب بكين.
وقال ردا على سؤال عما إذا كان لا يزال يعتبر شي ديكتاتورا "حسنا، إنه ديكتاتور بمعنى أنه رجل يدير دولة، دولة شيوعية، تقوم على نظام حكم يختلف تماما عن نظامنا".
من جهة أخرى، نقلت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) الرسمية عن شي قوله لبايدن إن "الإجراءات الأمريكية ضد الصين في ما يتعلق بضوابط التصدير والاستثمار والعقوبات الأحادية تضر بشكل خطير بالمصالح المشروعة للصين".
وقال مسؤول أمريكي كبير للصحافيين إن شي أبلغ بايدن خلال اجتماعهما الذي استمر أربع ساعات بأن تايوان هي القضية الأكبر والأخطر في العلاقات الأمريكية الصينية.
ونقل المسؤول عن شي قوله إن الصين تفضل إعادة توحيد سلمية مع جزيرة تايوان التي تقول بتبعيتها لها، لكنها تواصل الحديث عن الظروف التي يمكن فيها استخدام القوة.
ولخص بايدن الرهان من لقائه شي بعبارة واحدة "التأكد من عدم تحول المنافسة إلى نزاع"، فيما حذر شي من التداعيات "التي لا تحتمل" لأي مواجهة بين القوتين العظميين.
وعبر مصافحة بينهما عند مدخل مقر يقع في ريف ولاية كاليفورنيا، استأنف الرئيسان مسارا حواريا بينهما توقف منذ أكثر من عام.
ولم يتحادث الزعيمان بشكل مباشر منذ اجتماع طويل عقداه على هامش قمة مجموعة العشرين في بالي. وتخلل هذه الفترة توتر متنام بين البلدين.
وجلس الرئيس الأمريكي إلى طاولة خشبية طويلة قبالة نظيره الصيني يحيط به وفده، ودعا في تصريح مقتضب إلى إدارة المنافسة بشكل "مسؤول".
من جانبه، اعتبر شي أن من واجب الصين والولايات المتحدة "ألا يدير أحدهما ظهره للآخر".
وقال إن "الكوكب كبير بما يكفي ليزدهر بلدانا"، في ظل تنافس حاد بين واشنطن وبكين على الصعد الاقتصادية والتكنولوجية والاستراتيجية والعسكرية.
ودعا بايدن إلى بذل "جهود مشتركة" لمكافحة تهريب المخدرات والتعامل بحكمة مع الذكاء الاصطناعي.
وحرص كل من الرجلين على التذكير أن علاقتهما بدأت قبل أن يصل الرئيس الديمقراطي (ثمانون عاما) إلى البيت الأبيض.
وأكد بايدن أن "لقاءاتنا كانت دائما صريحة ومباشرة ومفيدة"، مضيفا "من الحيوي أن يفهم كل منا الآخر بوضوح".
ورد شي "أؤمن بشدة بمستقبل واعد للعلاقة الثنائية".
ولن يصدر أي بيان مشترك إثر القمة، لكن من المقرر أن يعقد بايدن مؤتمرا صحافيا في وقت لاحق.
وقبل الاجتماع، أطلق البلدان مجموعة عمل مشترك حول المناخ بهدف تعزيز التنسيق في شأن "أحد أكبر التحديات في زمننا".
لم يلتق الزعيمان شخصيا منذ عقدا محادثات في مدينة بالي في تشرين الثاني/نوفمبر 2022. وقد تدهورت العلاقات بعدما أسقطت الولايات المتحدة ما يشتبه بأنه كان منطادا صينيا لغرض التجسس في شباط/فبراير هذا العام.
تأتي المحادثات أيضا على وقع معركة طويلة للتفوق عالميا بين الولايات المتحدة والصين التي توسع هيمنتها.
وتعد قضية تايوان من بين الأكثر حساسية إذ تطالب بكين بالسيادة على الجزيرة الديمقراطية التي تتمتع بحكم ذاتي ولم تستبعد انتزاعها بالقوة.
ويتوقع أن يحذر بايدن الصين من التدخل في الانتخابات المرتقبة في غضون شهرين في تايوان، مشددا على أن من شأن ذلك أن يرفع منسوب التوتر.
وقال مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان الاثنين "إنها علاقة معقدة قائمة على المنافسة يمكن بكل سهولة أن تتحول إلى نزاع أو مواجهة ما لم تتم إدارتها بشكل جيد".
وشهدت الشهور الأخيرة سلسلة تحركات دبلوماسية صينية أمريكية أثمرت الإعلان عن حضور شي قبل أقل من أسبوع من موعد انعقاد القمة.
وتشمل "الأهداف الرئيسية" لبايدن إعادة تفعيل الخط العسكري الساخن بين البلدين الذي قطعته بكين في 2022 بعدما زارت رئيسة مجلس النواب الأمريكي حينذاك نانسي بيلوسي تايوان، وفق ما أفاد مسؤول رفيع في الإدارة الأمريكية.
كما أن هناك أملا في تحقيق "تقدم" في التعاون الرامي للحد من الصادرات الصينية لمكونات مادة فنتانيل التي تحدث أضرارا كبيرة في مدن أمريكية بينها سان فرانسيسكو، بحسب المسؤول.
كما يتوقع أن يناقش الزعيمان النزاع بين إسرائيل وحماس والحرب الروسية الأوكرانية التي يدعم كل منهما طرفا فيها، وهو أمر يفاقم التوتر العالمي.
وفي هذا الصدد، أكد الكرملين الأربعاء أنه سيتابع مجريات القمة. وقال الناطق باسمه دميتري بيسكوف إن "البلدين يبنيان علاقات ثنائية، وهو حقهما"، مضيفا أن "كل اجتماع من هذا النوع يشارك فيه أكبر اقتصادين في العالم يحمل أهمية بالنسبة للجميع".
ويتوقع أن يضغط شي من جانبه لوضع حد للقيود التجارية والعقوبات الأمريكية، في وقت يكافح الاقتصاد الصيني لزيادة النمو بعد فرض سياسة "صفر كوفيد" المتشددة.
وسيستضيف الرئيس الصيني بعد القمة عشاء مع الرؤساء التنفيذيين لشركات أمريكية "لإيصال رسالة بأن الصين ما زالت مكانا جيدا للاستثمار".