تقرير: حزام أمني إسرائيلي بقطاع غزة لن يمنع استهداف جيشها
صدى نيوز - تشير تجربة إسرائيل وتجارب دول أخرى في المنطقة والعالم إلى انعدام الفائدة الأمنية من إقامة شريط أو حزام أمني عازل في قطاع غزة. وأبلغت إسرائيل كلا من الأردن ومصر والإمارات والسعودية وتركيا، وفقا لوكالة رويترز، بأنها تعتزم إقامة حزام أمني كهذا يمتد على طول السياج الأمني المحيط بالقطاع ويكون عمقه مختلفا بين منطقة وأخرى، بادعاء منع تسلل فلسطينيين إلى إسرائيل.
وتنطلق خطة إسرائيلية كهذه من فرضية أن "قطاع غزة سيبقى مصدرا لتهديد بري في نهاية الحرب أيضا، وحتى لو تم القضاء على التهديد الصاروخي فيه"، وفق ما ذكر محلل الشؤون العربية في صحيفة "هآرتس"، تسفي بارئيل، اليوم الأحد. وأضاف أنه "يفترض بحزام أمني كهذا أن يمنع مخاطر، أو أن يمنح على الأقل قوات الأمن الإسرائيلية مهلة كافية للاستعداد لمواجهتها".
وأقامت تركيا حزاما أمنيا بينها وبين سورية لمنع مسلحين أكراد من دخول أراضيها وتنفيذ عمليات مسلحة، لكنها تخطط لتوطين لاجئين سوريين عرب نزحوا إلى أراضيها. كذلك أقامت مصر شريط أمني كهذا بين سيناء وقطاع غزة، في العام 2015، وأجلت سكانا من سيناء من مناطق بعمق 30 كيلومتر.
ووفقا لبارئيل، فإن "ثمة شبها بين الإستراتيجية الإسرائيلية والتركية حيال المجموعات القومية التي تهددهما". وأوجه الشبه هذه تتعلق بالتشتت الإقليمي للأكراد والفلسطينيين، إلى جانب الانقسامات الأيديولوجية الداخلية في كل واحدة من المجموعتين القوميتين.
وأضاف أن الحزام الأمني الذي أقامته تركيا في سورية ضد "التهديد الكردي" لا يمكنه إلغاء "الطموحات القومية الكردية ولا واقع الاحتلال الذي تخضع له جزءا من المناطق الكردية السورية". ولفت إلى أنه "بالرغم من التموضع العسكري التركي في الحزام الأمني، إلا أن هذه حلبة مواجهة عنيفة، تكاد تكون يومية بين القوات الكردية والتركية، التي لا تنجح أيضا في إحباط العمليات الكردية المسلحة داخل تركيا".
وأشار بارئيل إلى البديل للإستراتيجية العسكرية التركية. "فقد تمتعت تركيا بهدوء أمني نسبي فقط عندما بدأت بإجراء مداولات مع قيادة حزب العمال الكردي، في العام 2009، في إطار ما وصفه إردوغان بأن جزء من سياسة الانفتاح تجاه الأكراد، وفي إطارها تم التوصل إلى وقف إطلاق نار، عام 2013، لكن هذا الاتفاق انتهى بعد سنتين".
وأضاف أن الحزام الأمني التركي في سورية يذكّر بالحزام الأمني الإسرائيلي داخل الأراضي اللبنانية، في حرب 1982، لكنه "تحول إلى حلبة قتال متواصل بين إسرائيل وحزب الله"، إلى حين انسحاب إسرائيل من جنوب لبنان، عام 2000. وأمِلت إسرائيل في نهاية حرب لبنان الثانية، عام 2006، وصدور قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701، أن ينشأ حزام أمني جديد في جنوب لبنان، بخروج مقاتلي حزب الله من هذه المنطقة، لكنه تحول إلى "مصطلح نظري" ببقاء قوات حزب الله في الجنوب.
واعتبر بارئيل أن الحزام الأمني ناجع أكثر من ذلك التركي، إذ أقامته مصر في أراضيها في سيناء. ومصر لم تُهاجم من القطاع، وكان هدف الحزام الأمني "منع عبور مخربين أعضاء في التنظيمات الإرهابية الإسلاموية في سيناء، وبينهم عناصر داعش، من سيناء إلى قطاع غزة والدخول مجددا إلى سيناء. والأهم من ذلك أن الهدوء الذي حققته مصر عند الحدود بينها وبين القطاع دعمته بعلاقات وثيقة، ضاغطة ومهددة لحماس، التي تعهدت ومنعت عبور مخربين من سيناء إلى القطاع والعودة إلى سيناء".
وتابع بارئيل أنه "حتى في سيناريو يتم فيه اجتثاث حماس، فإن حزاما أمنيا لن يمنح مواطني إسرائيل الأمن الذي سُلب منهم من دون اتفاقات أمنية مع حكم فلسطيني يُقام في القطاع، ويتمكن من إحباط نمو متجدد لمنظمات تتطلع إلى مواجهة مسلحة" مع إسرائيل.
وأشار إلى أنه "خلافا لسيناء أو سورية، اللتين يسمح عمقهما الإقليمي بحركة مواطنيهما إلى داخل الدولة، فإن قطاع غزة هو قفص مغلق. وأي قطعة أرض تؤخذ لصالح حزام أمني سيرافقه تهجير آلاف السكان الذين سيتكدسون بشكل أكبر داخل منطقة هي أصلا من أكثر المناطق اكتظاظا في العالم".
ورأى بارئيل أن "النتيجة المتوقعة لا تحتاج إلى تكهنات. فمن دون تسويات سياسية، ربما ستكون بلدات غلاف غزة آمنة أكثر، لكن في المنطقة ’منزوعة السلاح’ سيتحول الجيش الإسرائيلي إلى هدف مباشر".