من هو "العلبة السوداء" للقذافي ؟
رام الله - صدى نيوز - أثارت حادثة محاولة اغتيال مدير مكتب القذافي بشير صالح الرجل الذي يمتلك مفاتيح خزانة أموال عائلة القذافي المفقودة في إفريقيا، والوحيد المطلّع على حجم الأرصدة الليبية فيها، ضجة في ليبيا، ولم تتوقف التكهنات والشكوك حول دوافع الاغتيال، فطرح العديد من الليبيين فرضيات حول ضلوع بعض الجهات الخارجية في محاولة تصفيته والتخلص منه، في إطار مخطّط للاستيلاء على أملاك وأموال ليبيا في إفريقيا، وطمس المعلومات التي يمتلكها.
ونجا بشير صالح من محاولة اغتيال مساء الجمعة الماضي، بعد تعرضه إلى إطلاق رصاص من قبل مسلحين مجهولين قرب مقر إقامته بجوهانسبورغ عاصمة جوب إفريقيا، ما أدى إلى إصابته برصاصتين، نقل على إثرهما إلى المستشفى، في حادث لم تتضح ملابساته بعد ما إذا كان محاولة اغتيال لدوافع سياسية أو جريمة جنائية، خاصة أنه يأتي بعد أقلّ من أسبوعين على استقالة رئيس جنوب إفريقيا، الصديق المقرّب لبشير صالح جاكوب زوما.
من هو بشير صالح؟
ويعدّ بشير صالح، أحد أبرز رجال النظام الليبي السابق الذي كان يحظى بثقة العقيد الراحل معمر القذافي، حيث اشتغل معه لمدة 35 عاما، ويوصف بأنه "العلبة السوداء" التي تتكتم إلى اليوم، عن تفاصيل وقيمة الاستثمارات والأموال الليبية الموجودة في بنوك الدول الإفريقية، وتحمل أسرار عائلة القذافي المالية التي كان مسؤولا عن إدارتها.
وتولى صالح حتى سنة 2009، إدارة محفظة ليبيا إفريقيا للاستثمار، وهي صندوق مالي ضخم، تم تأسيسها في إطار سياسة توجه ليبيا نحو إفريقيا، ووقع تكريس رأسمالها للاستثمارات الليبية في القارة، حيث تنشط في أكثر من 25 بلدا إفريقيا في مجال الفنادق والنفط والبنية التحتية والعقارات إلى جانب الاتصالات والبنوك خاصة مصرف الساحل والصحراء للاستثمار والتجارة والذي يتواجد في حوالي 10 دول إفريقية، وتملك ليبيا 45 في المئة من رأسماله.
وتعود علاقة بشير صالح (72 سنة) بمعمّر القذافي إلى منتصف القرن الماضي، حيث زاول تعليمه الابتدائي جنبا إلى جنب معه في مدرسة بمدينة سبها جنوب ليبيا، قبل أن ينتقل للدراسة في طرابلس أين تحصل على دبلوم في العلوم والرياضيات، وتم تعيينه مدرّسا بمدينة مرزق سنة 1967 .
وفي السبعينيات وبعد ثورة الفاتح من سبتمبر 1969، وقع تعيين بشير صالح سفيرا لليبيا في دولة تنزانيا، وطلب منه القذافي التخصص في منطقة إفريقيا ما وراء الصحراء، قبل أن يعينه في 1990 أمينا عاما للعلاقات الخارجيّة بمؤتمر الشّعب (البرلمان)، وفي 1994 صار رئيسا لجهاز المراسم العامّة، وهو المنصب الذي مكنه من توسيع علاقاته في إفريقيا وخارجها.
في سنة 1998 عين القذافي بشير صالح رئيسا لمكتبه الخاص، ومكلفا بمهمات خاصة، كما كان صالح وراء تأسيس "محفظة ليبيا إفريقيا للاستثمار" التي تولى إدارتها حتى عام 2009.
اتهم بتمويل حملة ساركوزي
بعد أشهر من اندلاع الثورة، سلّم بشير صالح نفسه للثوار في العاصمة طرابلس، قبل أن يغادرها بتدّخل فرنسي وتدّخل من رئيس جنوب إفريقيا جاكوب زوما إلى تونس، ثم إلى باريس، لينتقل بعدها إلى جنوب إفريقيا التي منحته الإقامة الدائمة.
وبعد سنوات من الاختفاء، استمرت ما بين 2011 إلى نهاية 2016، بدأ صالح يظهر منذ العام الماضي في وسائل الإعلام، سواء للرد على الاتهامات التي وجهت إليه بالضلوع في عملية تمويل الحملة الانتخابية للرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ونفيه علاقته بذلك، أو للحديث عن الأزمة الليبية، كما أعلن عن دعمه لسيف الإسلام القذافي من أجل الترشح للانتخابات الرئاسية، وقال إنه "قادر على إدارة ليبيا وإيجاد حلول لأزمتها الحالية، لأنه كانت له محاولات سابقة موفقّة".
وبسببه الاشتباه في علاقته بتمويل حملة ساركوزي، أدرج القضاء الفرنسي اسم بشير صالح في التحقيق الذي يجريه منذ 2013، كما أنه مطلوب في فرنسا بخصوص عملية بيع مشبوهة وقعت سنة 2009 لفيلا تقع في موجان، في الريفييرا الفرنسية بحوالي 10 ملايين يورو، والتي اشترتها محفظة ليبيا إفريقيا للاستثمار التي كان صالح يتولى إدارتها.