رائدات الأعمال من مناطق النزاع في مكان الصدارة في ختام منتدى عالمي في البحرين
صدى نيوز - أظهرت رائدات الأعمال من مناطق النزاع اللاتي شاركن في المنتدى العالمي لرواد الأعمال والاستثمار في العاصمة البحرينية المنامة، مدى أهمية الاستثمار في أنشطتهن كوسيلة لبناء السلام والأمن والاستقرار في بلدانهن.
وكانت رائدات الأعمال من مناطق النزاعات بما فيها فلسطين والسودان والعراق وأفغانستان، حاضرات في حلقة نقاشية تحت عنوان "المرأة والسلام والأمن: كيفية تعزيز الاستقرار في البلدان المتضررة من الصراعات من خلال تمويل رائدات الأعمال".
وشرحت الحاضرات للحلقة النقاشية في آخر أيام المنتدى الذي استمر ثلاثة أيام، ما يقمن به من مبادرات بما فيها توفير الطاقة النظيفة والأنشطة المدرة للدخل، في وقت تعرض فيه حياتهن للخطر.
الدكتور هاشم حسين، رئيس مكتب ترويج الاستثمار والتكنولوجيا التابع لمنظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية (اليونيدو) في البحرين، والذي يشرف على تنظيم المنتدى، قال إن أعظم إنجاز لنسخة 2024 من المنتدى "هو أننا دعونا المجتمع الدولي وأشركناه في التعرف على مشاكل النساء ومعاناتهن في الصراعات وفهمها، وكيف يمكننا مساعدتهن".
وأوضح لأخبار الأمم المتحدة أن الدعم لهؤلاء النساء يجب أن يكون من خلال التنمية الاقتصادية، لضمان قدرتهن على إعالة أسرهن "وبالطبع المجتمعات والبلدان التي يعشن فيها. أعتقد أن هذا سيكون إنجازنا الرئيسي هذا العام للمنتدى العالمي لرواد الأعمال والاستثمار 2024".
تهاني أبو دقة سيدة أعمال فلسطينية من غزة ظلت في القطاع لمدة 7 شهور منذ بدء الحرب، لكنها خرجت من غزة قبل 3 أسابيع فقط. كانت أبو دقة بصدد الرجوع إلى غزة، ولكن تم إغلاق معبر رفح وهو ما أتاح لها فرصة الحضور إلى المنتدى العالمي لريادة الاعمال والاستثمار.
في حوار مع أخبار الأمم المتحدة، قالت السيدة تهاني إنها كانت "أول فلسطينية تعمل في غزة لإيجاد فرص عمل للنساء. فتحتُ مصنعا للملابس وآخر للبسكويت ومصنعا للألبان كمشاريع إنتاجية للنساء كي يتمكنّ من الصمود والبقاء في غزة لأن الكثير من سكان غزة كانوا يخرجون إلى العمل خارج القطاع. بدأت أوفر ظروفا في غزة مشابهة للظروف خارج القطاع. بنينا دور حضانة للأطفال ومراكز محو الأمية ومراكز للتدريب".
وأضافت تهاني أبو دقة "لكن منذ بداية 2007 بدأنا نشهد حربا كل 3 إلى 4 سنوات تدمر كل الذي بنيناه. آخر شيء قررت أن أعمل فيه هو مجال البيئة، وأنشأت مؤسسة دامور لتنمية المجتمع. وضعنا برامج عديدة مثل وضع أجهزة تستقطب الماء من الهواء، وكنا ننتج ماء صالحا للشرب لأن ليس لدينا ماء صالح للشرب في قطاع غزة. ولأن المجاري كانت تشكل كارثة صحية، بدأت في عمل وحدات صغيرة لمعالجة مياه المجاري، وكانت كلها تعمل بالطاقة الشمسية. وعندما قررت أن أنشئ مشروعا كبيرا للطاقة الشمسية، واجهتنا مشكلة التمويل فأسست شركة اسمها حياة غزة للطاقة المتجددة".
سيدة الأعمال الفلسطينية أوضحت لنا أنها حصلت على ترخيص لمشروعها بعد معاناة، وأنها بعد معاناة أكبر حصلت على التمويل من بنك فلسطين. وتم تنفيذ المشروع وكان من المفترض أن يقام احتفال بمناسبة ربط المشروع بالشبكة، ولكن تم تدمير المشروع مع اندلاع الحرب.
وهنا تغير كل شيء بالنسبة للسيدة تهاني التي قالت "فجأة أصبحت نازحة في منطقة بالقرب من البحر. كان بإمكاني أن أستأجر مكانا صغيرا لأقيم فيه، ولكن كان النساء والأطفال يقيمون في الشوارع تحت المطر لأنه تم تهجيرهم. كان علي أن أعمل شيئا لمساعدتهم. لم يكن لدينا أي شيء، لا بنوك ولا أموال وقد ضاع كل مشروعي وأصبحت مدينة بأكثر من 2.5 مليون دولار".
وأضافت "لكنني نسيت كل هذه المشاكل التي أمر بها، نسيت بيتي ومشروعي، وبدأت أفكر في النساء اللواتي يقِمن مع أطفالهن تحت المطر، فبدأت جمع الأموال مني ومن أقاربي لبناء المخيمات. ولكن للأسف، لم تكن هناك خيام، لأن المؤسسات الدولية لم تكن جاهزة لهذا العمل في وقت الطوارئ. ولذلك بدأت في شراء الأخشاب وجمعت الأقارب والمتطوعين وبدأت بناء الخيام ليلا ونهارا".
وقالت تهاني أبو دقة لنا أيضا "قام أصدقاء يهود بجمع مبلغ 5 آلاف دولار كي أخرج من غزة، لكنني خصصت المبلغ لبناء الخيام للناس".
ومن السودان، حضرت آلاء حمدتو، الأم السودانية لثلاث بنات، والرئيسة التنفيذية ومؤسسة شركة سولار فوود (Solar Food)، وهي شركة ناشئة للتكنولوجيا النظيفة ورائدة في صناعة الأغذية المجففة في السودان، وتنتج مجموعة متنوعة من المنتجات الغذائية المجففة العضوية من خلال التجفيف بالطاقة الشمسية، وتعبئتها بطريقة صديقة للبيئة تلبي احتياجات كل من سوق التجزئة والجملة.
تم تدمير مصنع السيدة آلاء بسبب الحرب في بلدها السودان. وقالت لأخبار الأمم المتحدة "كنا نصدر منتجاتنا إلى سبع دول، بما في ذلك المملكة المتحدة والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وقطر. كان عملي يقع في مقر المصنع في السودان".
وأوضحت أن رؤيتها كانت ترك تأثير جيد على حياة الناس، والذي يمكن تحقيقه من خلال مساعدة المزارعين أصحاب الملكيات الصغيرة، مضيفة "أحاول أيضا نشر مفهوم التجفيف الشمسي ومدى فائدته للناس".
بعد اندلاع الحرب، خسرت آلاء كل شيء. لكنها أكدت أن "حياة السودانيين مهمة. أحلام السودانيين مهمة. لقد واجهنا أشياء فظيعة. الشعب السوداني فقد كل شيء. لقد تم تدمير مصانعهم. لقد فقدنا الأشياء الثمينة. لقد فقدنا شعبنا. لقد تم اغتصاب النساء. الجميع يقول إن ما يحدث في السودان هو صراع أو حرب أهلية، لكن هذا ليس صحيحا. إنها حرب على الموارد تحولت إلى حرب عرقية".
بعد الحرب، فرت آلاء إلى مصر، لكنها قررت بعد ذلك العودة إلى السودان، موضحة أنها اختارت "العودة مرة أخرى إلى السودان لإنشاء مصنع تجفيف، ولكن من الصعب حقا العمل مرة أخرى في السودان".
وقالت إن إنشاء مصنع تجفيف جديد في مدينة آمنة يمثل تحديا بسبب التضخم، وندرة المعدات، وحواجز الاتصالات، وانقطاع التيار الكهربائي المتكرر، والتهديدات الأمنية مثل التفجيرات والطائرات بدون طيار.
ومع ذلك، وعلى الرغم من كل التحديات، أظهر الشعب السوداني صمودا ملحوظا كما وصفت آلاء والتي قالت "أعتقد أننا نصنع صمودا. نحن نعلم أنه لن يأتي أحد لإنقاذنا، والأمر متروك لنا للنهوض مرة أخرى".
مالالاي هلمندي، مديرة العمليات في منظمة هلمندي سولار لإنتاج الطاقة الشمسية في أفغانستان، تقوم هي وزوجها حامد هلمند بتنفيذ مشاريع لتمكين المرأة في أفغانستان.
وقالت هلمندي إنه على مدى العامين ونصف الماضيين، قامت شركتها بإنشاء صوبات زراعية للنساء المتأثرات بالحرب، لاسيما أن 47 عاما من الحرب في أفغانستان أضعفت دور الأمهات باعتبارهن العمود الفقري للأسرة.
وأضافت أن الأم هي من يقضي أهم سنوات نمو الأطفال معهم، وأنه "في ثقافة مثل أفغانستان، حيث وحدة الأسرة قوية جدا، أجد أن تلك الأسر التي يتم فيها تمكين الأم، وتتمتع الأم بالمعرفة، تُمنح الأم فرصة إما لجلب دخلها الخاص، أو على الأقل تكون جزءا من عملية صنع القرار فيما يتعلق بجلب الدخل".
أما زوجها فأكد أنه بعد المشاركة في المنتدى، سيعود إلى وطنه بفكرة مفادها أنه "بجهودنا وأيديولوجيتنا وأفكارنا، أعتقد أننا نستطيع إعادة تلك المسؤوليات والوظائف إلى النساء لأن 80 في المائة من هؤلاء النساء فقدن وظائفهن بسبب الحرب وبسبب ما يحدث في تلك المنطقة".
في عام 2018، كانت الحكومة العراقية في صراع مع تنظيم داعش الإرهابي، لكن هذه الظروف لم تمنع باسمة عبد الرحمن، المؤسسة والرئيسة التنفيذية لشركة "كيسك" (KESK)، المتخصصة في حلول الطاقة الخضراء من خلال التكنولوجيا، من متابعة شغفها بامتلاك شركة مستدامة.
وقالت باسمة لأخبار الأمم المتحدة "قررت بناء مشروع تجاري مستدام لأنني أحببت الاستدامة، ولم أكن أعلم أنه سينتهي به الأمر إلى (تأسيس) شركة للعمل المناخي".
وأضافت باسمة "لم أكن خائفة من الصراع المستمر لأن تغير المناخ يشكل تهديدا كبيرا مثل تنظيم داعش، لذا فإن الإجراءات لمواجهتهما يجب أن تتم بالتزامن وألا يتم محاربتهما بترتيب محدد، ومن ثم قررت أن الأمر لم يكن سابقا لأوانه، بل ربما كان متأخرا".
وأكدت باسمة أن تحول العراق إلى الطاقة المتجددة ليس مجرد خطة استراتيجية أو رفاهية، بل ضرورة لأن هناك نقصا في الكهرباء بنسبة 50 في المائة، وهذه الفجوة يتم سدها بواسطة المولدات الكهربائية التي تلوث البيئة ولا تسد الفجوة، وقبل كل شيء، فهي باهظة الثمن.
ونصحت رائدات الأعمال في مناطق النزاع أو حتى في المناطق التي تنعم بالسلام، ولكن يترسخ فيها النظام الذكوري، بأنه يمكن بدء مشروع تجاري كبير وتنميته، والمضي قدما رغم كل التحديات.
ومع إسدال الستار على المنتدى العالمي لرواد الأعمال والاستثمار 2024، أعرب رئيس مكتب ترويج الاستثمار والتكنولوجيا التابع لمنظمة اليونيدو عن فخره "بأننا تمكنا من ضمان إعلاء أصوات رواد الأعمال".
وأضاف أن الفرصة أتيحت لرواد الأعمال للتحدث وتلقي المساعدة داخل منظومة الأمم المتحدة. وقال الدكتور هاشم "نحن نستمع للشباب الآن، والذين اعتادوا أن يكونوا مجرد مستمعين".