العقوبات الغربية تعزز «التحالف» الروسي - الإيراني
صدى نيوز - نفت موسكو وطهران، صحة معطيات غربية حول تسليم صواريخ إيرانية الصنع إلى روسيا أخيراً، لاستخدامها في أوكرانيا.
وجاء الإعلان عن رزمة عقوبات غربية جديدة ضد موسكو وطهران على خلفية اتهامات بتوسيع التعاون العسكري بين الطرفين، بالتزامن مع الكشف عن موعد إبرام اتفاق شراكة استراتيجية شامل، ينتظر أن يوقع الشهر المقبل خلال أعمال قمة مجموعة «بريكس» التي تنعقد في مدينة كازان الروسية.
وفور الإعلان عن رزمة العقوبات، جاء رد الفعل الروسي والإيراني في وقت واحد تقريباً، وأكد الكرملين أن «المعلومات المتعلقة بإمدادات روسيا بالصواريخ من إيران ليس لها أي أساس»، وفقاً لتعليق الناطق الرئاسي الروسي دميتري بيسكوف.
وزاد المتحدث أنه «نسمع الكثير من الأحكام حول توريد نوع ما من الأسلحة إلى الاتحاد الروسي. كلها ليس لها أي أساس. نحن نعمل على تطوير علاقاتنا مع عدد من الدول. نحن نتعاون في مجموعة متنوعة من المجالات، وسنواصل هذا التعاون بما يخدم مصالح بلداننا».
وأضاف أن «القوات المسلحة الروسية لديها ترسانة كاملة من جميع الوسائل اللازمة لمواصلة العملية العسكرية الخاصة (التسمية الرسمية للحرب في أوكرانيا)».
بدورها، أعلنت وزارة الخارجية الإيرانية أن طهران لم تزود روسيا بصواريخ باليستية، ووصف وزير الخارجية عباس عراقجي العقوبات الغربية بأنها جزء من المشكلة وليست جزءاً من حل المشكلة.
ونقلت وكالة أنباء «تاس» الحكومية الروسية عن عراقجي أن «الولايات المتحدة وأوروبا تعتمدان على معلومات غير موثوقة بشأن نقل صواريخ باليستية إيرانية إلى روسيا».
وزاد عراقجي: «مرة أخرى، تصرفت الولايات المتحدة وأوروبا بناءً على معلومات سيئة ومنطق سيئ. لم تزود إيران روسيا بصواريخ باليستية. ويجب على جميع مؤيدي فرض العقوبات على إيران أن يطرحوا السؤال التالي: كيف تستطيع إيران إنتاج مثل هذه الأسلحة المتقدمة، وبيعها حسب رأيهم؟».
وكانت الولايات المتحدة قد أعلنت، الثلاثاء، أنها فرضت عقوبات جديدة على عدد من المواطنين والمنظمات الإيرانية. وتشمل قائمة العقوبات 9 مواطنين إيرانيين و5 كيانات قانونية إيرانية، تتهمهم واشنطن بتقديم الدعم العسكري لروسيا ويزعم أنها تزودها بالصواريخ الباليستية.
وأعلن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن اعتماد مثل هذه الإجراءات في نفس اليوم في مؤتمر صحافي مشترك مع وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي، مؤكداً تسلم روسيا صواريخ من إيران.
وتشمل لائحة العقوبات الجديدة الخطوط الجوية الإيرانية، وشركة «أزاديجان» للنقل، وشركة «آماد بهينه ساز» الهندسية، وشركة «سانجيش جوستار دانا» للهندسة وفحص مراقبة الجودة. ووفقاً للإدارة الأميركية، تم فرض هذه الرزمة من العقوبات على وجه الخصوص، رداً على قيام طهران بتزويد موسكو بدفعة جديدة من الطائرات من دون طيار وأنظمة صواريخ باليستية.
وقال بلينكن إن من المرجح أن تستخدم موسكو الصواريخ التي تسلمتها من طهران على الأراضي الأوكرانية خلال الأسابيع المقبلة، ورأى أن التعاون العسكري بين موسكو وطهران يهدد الأمن الأوروبي الأوسع نطاقاً.
وأضاف أن عشرات الجنود الروس تدرّبوا في إيران على استخدام منظومة الصواريخ الباليستية «فتح 360» التي يصل مداها إلى 120 كيلومتراً.
وأكد البنتاغون أن إيران نقلت عدداً معيناً من الصواريخ الباليستية قصيرة المدى إلى روسيا. وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية بات رايدر، في مؤتمر صحافي، إن «الولايات المتحدة أكدت التقارير التي تفيد بأن إيران نقلت صواريخ (فتح 360) الباليستية قصيرة المدى إلى روسيا، والتي نقدر أنها يمكن أن تستخدمها في غضون أسابيع ضد أوكرانيا، مما يؤدي إلى مقتل المزيد من المدنيين الأوكرانيين».
مواصفات «فتح 360»
بحسب البوابة التحليلية «ديفينس إكسبرس»، فإن «فتح 360» صاروخ يبلغ طوله 5 أمتار، ووزن إطلاقه الإجمالي 787 كيلوغراماً، برأس حربي يزن نحو 150 كيلوغراماً، ومدى يصل إلى 120 كيلومتراً، يتم توجيهه بنظام ملاحي مشترك بالقصور الذاتي والأقمار الاصطناعية.
وتوعدت إيران بالرد على عقوبات جديدة انضمت إليها بريطانيا وألمانيا وفرنسا إثر اتهام تلك الدول طهران بتزويد روسيا بصواريخ قصيرة المدى لاستخدامها في أوكرانيا.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني، في بيان في ساعة متأخرة الثلاثاء، إن «الإجراء الذي اتخذته الدول الأوروبية الثلاث هو استمرار السياسة العدائية للغرب والإرهاب الاقتصادي ضد الشعب الإيراني».
وكانت تلك الدول قد أعلنت أنها ستتخذ إجراءات لإنهاء الخدمات الجوية مع إيران «والعمل نحو فرض عقوبات على شركة الطيران الإيرانية».
وأفاد بيان أوروبي مشترك بأنه «بالإضافة إلى ذلك، سنستمر في فرض عقوبات على كيانات وأفراد مهمين منخرطين في برنامج الصواريخ الباليستية الإيراني ونقل صواريخ باليستية وأسلحة أخرى إلى روسيا».
وفي موسكو رجح خبراء أن تدفع رزمة العقوبات الجديدة موسكو وطهران إلى مزيد من التقارب وتعزيز التعاون في المجالات المختلفة بما في ذلك على الصعيد العسكري.
ولفت خبراء إلى أن موسكو تعمدت توقيت الإعلان عن موعد توقيع اتفاقية مهمة لتعزيز الشراكة الاستراتيجية مع طهران، مباشرة بعد إطلاق الاتهامات الأميركية والأوروبية الجديدة ضد موسكو وطهران.
وكان سكرتير مجلس الأمن القومي سيرغي شويغو قد أعلن، مساء الثلاثاء، أن موسكو وطهران تستعدان لتوقيع اتفاق «الشراكة الاستراتيجية» قريباً وعلى أعلى المستويات.
وجاء هذا الإعلان خلال اجتماع شويغو مع أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي أكبر أحمديان. واجتمع المسؤولان في مدينة في سان بطرسبرغ على هامش اجتماع كبار مسؤولي ملفات الأمن في دول مجموعة «بريكس».
وأضاف المسؤول الروسي المقرب من الرئيس فلاديمير بوتين: «نحن مستعدون لزيادة التعاون من خلال مجلسي الأمن». وقال شويغو: «نواصل مراقبة التنفيذ العملي للاتفاقيات التي تم التوصل إليها على أعلى مستوى»، مؤكداً أن موسكو وطهران تتطلعان إلى إبرام سريع لاتفاق أساسي جديد بين البلدين.
ووفقاً له، فإن انضمام إيران إلى مجموعة «بريكس» قد خلق فرصاً إضافية لتحسين نوعية التفاعل بين أعضائها من أجل تشكيل بنية أمنية استراتيجية موحدة وغير قابلة للتجزئة ونظام عالمي عادل متعدد المراكز.
وكانت موسكو وطهران قد أعلنتا في وقت سابق أنه تم وضع اللمسات الأخيرة على اتفاقية «الشراكة الاستراتيجية الشاملة» التي تعد الوثيقة البلدية لاتفاق تعاون سابق نظم لسنوات العلاقة بين البلدين. ووصف مسؤولون روس وإيرانيون الاتفاق الجديد بأنه يضع الأساس «لتعاون استراتيجي واسع النطاق ومتعدد الأوجه لعقود طويلة مقبلة». ووفقاً لمعطيات روسية فإن التحضيرات تجري حالياً لتوقيع الاتفاقية الجديدة خلال مشاركة رئيسي البلدين في قمة «بريكس» المقررة في مدينة كازان الروسية الشهر المقبل.