تحليلات: اجتياح إسرائيل بلبنان واغتيال نصر الله لن يغير الواقع
صدى نيوز - حذر الجنرال الإسرائيلي المتقاعد، يتسحاق بريك، من أن "نجاحات" إسرائيل وخاصة اغتيال الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، "ليس من شأنها تغيير الواقع إذا لم تحقق الأهداف التي وضعناها لنفسنا"، فيما اعتبر المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس"، عاموس هرئيل، أن التصعيد الإسرائيلي في لبنان يهدف إلى فرض "تسوية" على قيادة حزب الله الجديدة.
وأشار بريك في مقال نشره الموقع الإلكتروني لصحيفة "معاريف" اليوم، الجمعة، إلى أن "مشكلة معظم الجمهور الإسرائيلي وقيادته هي أنهم ينظرون من خلال ثقب قفل الباب، ويرون ما يحدث فقط في نقطة زمنية معينة في الحاضر، ولا يرون الصورة الواسعة والنظرة بعيدة المدى للمستقبل".
وأضاف أن أهداف إسرائيل هي: تحرير الرهائن في غزة، إعادة سكان البلدات في شمال وجنوب إسرائيل، ترميم الاقتصاد، ترميم العلاقات الدولية التي تظهر الآن بانعزال إسرائيل عن العالم الذي يفرض مقاطعة عليها، ترميم مناعة المجتمع الإسرائيلي، ترميم قدرات سلاح البرية، وقف حرب الاستنزاف الحالية.
وتابع أنه "حان الوقت كي يعترف نتنياهو وزمرته، أنصار لازمة ’القضاء على حماس بالمطلق’ و’استسلام حزب الله’، بأن هذه أهداف لا صلة لها بالواقع. ومحاولة الوصول إليها تدفعه هو وحكومته إلى قرارات غير عقلانية وإلى استمرار حرب استنزاف تلحق ضررا جسيما بدولة إسرائيل، وبسبب ذلك قد لا نتمكن من تحقيق الأهداف الهامة فعلا وهي قابلة للتنفيذ إذا لم يتعقل نتنياهو وزملاءه. ومن شأن أداء بنيامين نتنياهو أن يقود إلى انهيار دولة إسرائيل".
ودعا بريك إلى السعي لتشكيل حلف دفاعي إقليمي مع الولايات المتحدة و"الدول العربية المعتدلة"، مقابل "محور الشر الجديد: روسيا والصين وإيران"، وإلى التوصل إلى "تسوية مع حماس وحزب الله بوساطة الولايات المتحدة"، "وبشروط أفضل بالنسبة لنا بعد اغتيال نصر الله".
وحذر أيضا من وصول الاجتياح الإسرائيلي إلى نهر الليطاني "لأن اجتياحا كهذا لن ينجح، لأسباب كثيرة"، وذلك "بشرط أن يكون رئيس أركان الجيش الإسرائيلي قد استخلص دروس العملية البرية في قطاع غزة، حيث قُتل معظم جنودنا بسبب الإهمال أو عدم الحرص على تنفيذ الأوامر والأنظمة وانعدام الطاعة العسكرية".
وشدد بريك على أنه "يجدر بنا أن ندرك أيضا أن احتلال مناطق في لبنان لن يقود إلى التحول المرجو بوقف حرب الاستنزاف وسحب الجيش الإسرائيلي لقواته، بل أن حزب الله سيستمر بإطلاق صواريخ ومقذوفات على إسرائيل وشمالها من مسافات أبعد من المناطق التي نسيطر عليها"، وأنه "حتى لو أراد الجيش الإسرائيلي البقاء في مناطق احتلها، فإنه لن يتمكن من ذلك بسبب النقص في قوات البرية إثر التقليص البالغ لسلاح البرية، وسيضطر إلى سحب القوات من لبنان مثلما فعل في قطاع غزة، وسيحل مكانها مخربو حزب الله".
وفي ما يتعلق بتهديد إسرائيل بالرد على هجوم إيران الصاروخي، دعا بريك إلى "رد منضبط ومنسق مع الولايات المتحدة، كي لا يستدرج ردودا إيرانية أخرى، قد تطلق إيران فيها مئات الصواريخ بالتزامن على التجمعات السكانية في إسرائيل، وسيؤدي ذلك إلى دمار وخسائر رهيبة في إسرائيل. وحتى لو قمنا بالرد وتدمير آبار النفط الإيرانية، فإنه يوجد إلى جانب إيران من يساعدها في البقاء، لكن من سيساعدنا على البقاء بعد الضربة الرهيبة التي نتلقاها".
ووصف بريك نتنياهو أنه في حالة "نشوة" بعد اغتيال نصر الله، وأنه "يتجاهل بالمطلق الواقع من حوله، ويعيش في واقع متخيل. وبحسبه، بإمكانه أن ينتصر بالحرب على إيران ووكلائها، أي على العالم العربي المعادي لنا".
وأشار إلى أن "إحدى أصعب مشاكل شعب إسرائيل هي أنه يغرق بنشوة عندما ننجح، لكنه ليس مستعدا للإنصات إلى المشاكل الشديدة المتوقعة لنا في المستقبل ومواجهتها. وهذا الوضع بدفن الرأس بالرمل يمنح الدعم لنتنياهو وزمرته، غالانت وهيرتسي هليفي، وهو الذي جلب علينا اليوم الأسود في 7 أكتوبر 2023، ومن شأنه أن يجلب علينا يوما أكثر سوادا منه في المستقبل".
تصعيد من أجل "تسوية"
اعتبر هرئيل أن "إسرائيل تصعّد الضغط على حزب الله، وتواصل الهجمات الجوية على الضاحية الجنوبية لبيروت، إضافة إلى العملية البرية في جنوبي لبنان، وهذه الخطوة موجهة على ما يبدو، في قسم منها، إلى القيادة البديلة لحزب الله، وقد تدل على أن إسرائيل لا تزال تسعى إلى إملاء تسوية على حزب الله تنهي الحرب، من دون أن تنهي القوات البرية مهمة تمشيط وتطهير مواقع الحزب في الجنوب".
وأضاف أن محاولة إسرائيل اغتيال المرشح لخلافة نصر الله، هاشم صفي الدين، بهجوم شديد الليلة الماضية، تدل على "جهد إسرائيلي لاستهداف من يصفون أنفسهم كذراع سياسية لحزب الله. وهذا استهداف منهجي لكافة مستويات حزب الله، ويشوش عملياته بشكل كبير".
وأردف أنه "بذلك يكمن جزء من التفسير أنه حتى الآن حزب الله يطلق رشقات تشمل مئات القذائف الصاروخية يوميا على منطقة الشمال، ورغم أنه يعطل الحياة فيها، لكنه لا يطلق آلاف الصواريخ يوميا، وبضمنها مئات نحو وسط البلاد، مثلما توقعوا في جهاز الأمن في البداية".
وأشار هرئيل إلى أن الاجتياح البري الإسرائيلي الحالي في جنوبي لبنان "يكسر تابو" استمر 18 عاما، "بعد الإخفاق الإسرائيلي النسبي في حرب لبنان الثانية في العام 2006. ويتعمد الجيش الإسرائيلي إبقاء ضباب معركة كثيف نسبيا حول موقع القوات. وفي هذه المرحلة، لا يوجد دليل على محاولة إسرائيلية منهجية لأن تحتل في موازاة ذلك كافة المناطق الواقعة جنوب نهر الليطاني، إذ أن خطوة كهذه تحتاج إلى قوات أكثر".
وحذر هرئيل من استهداف إسرائيل منشآت نووية إيرانية ردا على الهجوم الصاروخي الإيراني، واعتبر أن هجوما كهذا سيدخل إسرائيل إلى مواجهة مع إدارة بايدن، وسيدفع إيران إلى اتخاذ قرار برفع مستوى تخصيب إلى مستوى 90%، أو تنفيذ تهديدها باستهداف مواقع النفط في دول الخليج. "وهذا يعني تشديد الأزمة الاقتصادية وأزمة لاجئين بالنسبة للغرب، وخاصة الولايات المتحدة، قبل شهر من انتخابات الرئاسة فيها".