جدل في باريس.. سموتريتش "يهين شرف فرنسا"
تقارير مميزة

جدل في باريس.. سموتريتش "يهين شرف فرنسا"

خاص صدى نيوز - في تطور لافت للنظر بموقف فرنسا "المُخجل" من حرب الإبادة التي تمارسها إسرائيل علناً في قطاع غزة، تمت دعوة وزير المالية الإسرائيلي الأكثر تطرفاً بتسلئيل سموترتيش للمشاركة في عشاء خيري لدعم الجيش الإسرائيلي، تنظمه منظمة "إسرائيل إلى الأبد"، في قلب العاصمة الفرنسية باريس، بعد يومين، بـ13 تشرين الثاني/نوفمبر. 

وحسب متابعة صدى نيوز فإن المجلس التمثيلي للمؤسسات اليهودية في فرنسا (كريف)، من يدعم هذه الفعاليات في كل عام، وأغلب رموز الدولة الفرنسية يشاركون بها، ويُعرف عنه تطرفه الشديد كالليكود، وهو يعادل منظمة "آيباك" في أمريكا، فثاني أكبر وجود للوبي الصهيوني في العالم يأتي في فرنسا، مباشرة بعد أمريكا.

صحيفة لموند الفرنسية، نشرت تقريراً يرفض زيارة سموترتيش المرتقبة لفرنسا وعنونته بـ(سموتريش العنصري لا ينبغي الترحيب به في فرنسا)، وقالت الصحيفة إن عدة شخصيات فرنسية يهودية طالبت رئيس الجمهورية إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء ميشال بارنييه ووزير الخارجية جان نويل بارو برفض دخول وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش إلى الأراضي الفرنسية.

وتابعت كما ترجمت صدى نيوز: "وزير المالية في حكومة بنيامين نتنياهو، المعادي لوقف إطلاق النار غزة، سيصل إلى باريس في 13 تشرين الثاني/نوفمبر. الرجل الذي يُطلق عليه لقب الفاشي، إنه يريد أن يكون عنصريا، ومعاديا للعرب، واستعماريا".

وقال التقرير: "تمت دعوته إلى باريس في 13 (نوفمبر) من قبل منظمة "إسرائيل إلى الأبد" لحضور حفل تعبئة "للقوى الصهيونية الناطقة بالفرنسية في خدمة قوة وتاريخ إسرائيل"، وهي منظمة مقربة من المستوطنين الإسرائيليين المتطرفين، بقيادة المحامية الفرنسية الإسرائيلية نيلي كوبفر ناعوري، التي تدعي أنه لا يوجد سكان مدنيون أبرياء في غزة بينما تدعو إلى عرقلة دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع الفلسطيني الذي يتعرض للقصف والمحروم من كل شيء".

وأضاف التقرير الفرنسي: "بتسلئيل سموتريش، وهو نفسه مستوطن في الضفة الغربية المحتلة، هو الذي أشار بالفعل في عام 2017 إلى ثلاثة خيارات محتملة للفلسطينيين: العيش دون حقوق في ظل الاحتلال، أو مغادرة أرضهم، أوالثورة ويتم القضاء عليهم".

وأشار التقرير: "سموتريش هو الوزير الذي وصفته صحيفة هآرتس الإسرائيلية بأنه (مجرم حرب)، والذي دعا في فبراير 2023 إلى "إبادة" بلدة حوارة الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة، بعد مقتل مستوطنين هناك.

وتابع التقرير انتقاده لسموترتيش: "بتسلئيل سموتريتش هو الوزير الذي تمت دعوته بالفعل إلى باريس في مارس 2023 من قبل نفس المنظمة "إسرائيل إلى الأبد"، لتكريم مؤسس المنظمة، جاك كوبفر- الناشط الصهيوني الراديكالي والرئيس السابق لحزب الليكود في فرنسا".

وأعلن حينها سموتريتش من قلب باريس: "أن الشعب الفلسطيني هو اختراع عمره أقل من 100 عام. وقال: "هل لديهم تاريخ وثقافة؟ لا، ليس لديهم أي شيء". وكان مكتبه يعرض خريطة لا تتضمن فقط إسرائيل وفلسطين المحتلة، مثل تلك التي قدمها بنيامين نتنياهو للأمم المتحدة، ولكن أيضًا أراضي الأردن الحالية.

ولفت التقرير: سموتريتش يتخذ إجراءات تسع الاستيطان غير القانوني من وجهة نظر القانون الدولي، لمنع أي فرضية لقيام دولة فلسطينية، كما يسلح المستوطنين المتطرفين الذين يطردون الفلسطينيين ويصاردون أراضيهم وبيوتهم. باختلاس أموال السلطة الوطنية الفلسطينية، وقبل كل شيء، رفض أي وقف لإطلاق النار في غزة، حتى لو كان سيسمح بالإفراج عن الرهائن الإسرائيليين الذين يحتجزهم مقاتلو حماس منذ 7 أكتوبر 2023، والأسرى الفلسطينيين كذلك". 

عريضة فرنسية ترفض زيارة سموترتيش: إهانة لشرف بلدنا

ونشرت صحيفة لموند نص العريضة التي وقع عليها الفرنسيون الرافضون لزيارة سموتريتش:"نحن المواطنين الفرنسيين أو المقيمين في فرنسا، من ذوي العقيدة اليهودية أو التاريخ العائلي أو الثقافة، الذين لا نقبل المذبحة المستمرة في فلسطين ولبنان، ولا نسف الحكومة الإسرائيلية للمفاوضات التي من شأنها أن تسمح بوقف فوري لإطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين، والأسرى الفلسطينيين، ولا تحويل وتدنيس ذاكرة عائلاتنا من قبل مجرمي الحرب، نطلب بشكل عاجل من رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ووزير أوروبا والشؤون الخارجية: "رفض دخول سموتريتش إلى الأراضي الفرنسية، المذنب بارتكاب جرائم تدخل في اختصاص المحكمة الجنائية الدولية".

ونطالب أيضاَ بـ"حظر الحفل الذي نظمته "إسرائيل إلى الأبد" لصالح جيش الاحتلال، على الرغم من أن محكمة العدل الدولية أثارت الخطر المعقول المتمثل في وقوع إبادة جماعية يرتكبها هذا الجيش. إن مثل هذا الاحتفال لن يشكل خطرا على النظام العام فحسب، بل سيكون أيضا إهانة للقانون الدولي ولشرف بلدنا".

الموقعون: إيزابيل أفران، صحفية؛ صوفي بيسيس، مؤرخة؛ سيمون بيتون، مخرج أفلام؛ وروني براومان، الرئيس السابق لمنظمة أطباء بلا حدود؛ آلان شامبو، أستاذ مشارك؛ ريجين دوكوا كوهين، محامية؛ وجورج يورام فيدرمان، طبيب نفسي متخصص في جراحة العظام؛ وفيرونيك هايم، ناشطة مجتمعية؛ بيار خلفة، خبير اقتصادي، مؤسسة كوبرنيك؛ آلان ليبيتز، خبير اقتصادي، عضو سابق في البرلمان الأوروبي عن حزب الخضر؛ دانييل لوتشاك، محامية؛ وفيرونيك ناحوم جرابي، باحثة في العلوم الاجتماعية؛ آني أوهايون ديكل، منتجة؛ جان كلود سوفير، محاضر جامعي، طبيب فخري في المستشفى؛ وكلود زاتان، ناشط مجتمعي؛ بيير تارتاكوسكي، الرئيس الفخري لرابطة حقوق الإنسان؛ دومينيك فيدال، صحفي ومؤرخ؛ ميشيل زيمور، مستشارة إقليمية سابقة لمنطقة إيل دو فرانس، نائبة رئيس المنطقة الحضرية لكومونة بلين.

احتجاجات في باريس

طالب مؤيدون لفلسطين في فرنسا بإلغاء الفعالية التي سيحضرها سموتريتش، بباريس الأربعاء المقبل، وتجمع المؤيدون في ساحة تروكاديرو بالقرب من برج إيفل في باريس، ودعوا السلطات لإلغاء فعالية لمنظمة "إسرائيل إلى الأبد" التي تحشد اللوبي المناصر للاحتلال الإسرائيلي في فرنسا.

وردد المحتجون هتافات مثل: "لا فعالية في باريس لسموتريتش وأصدقائه" و"عاش الشعب الفلسطيني". كما شارك في الاحتجاج سياسيون فرنسيون ومنظمات يهودية غير حكومية مناهضة للصهيونية.

وكانت 6 منظمات، طلبت مؤخراً بما في ذلك الاتحاد الفرنسي لحقوق الإنسان، بإلغاء الفعالية في بيان مشترك.

وفي تشرين الأول/أكتوبر الماضي، قدم توماس بورتس، النائب عن حزب "فرنسا الأبية" المعارض طلبا رسميا إلى إدارة شرطة باريس، لإلغاء الفعالية التي سيحضرها سموتريتش.

الوجود الصهيوني في فرنسا

النفوذ الصهيوني في فرسا قوي جداً، وهو مرتبط بتاريخ فرنسا نفسه، ففي الحرب العالمية الثانية خلال حكومة فيشي كان اليهود يعانون من اضطهاد كبير، واليوم فإن "الإحساس بالذنب، والنفوذ السياسي"، ولدا حضورا قويا للحركة الصهيونية في فرنسا، وفق متابعة صدى نيوز.

في وقت يُلاحظ به بدون شك تراجع الموقف الفرنسي الرسمي، خصوصاً مع نهاية حكم الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك، بدأت فرنسا تفقد مكانتها في المنطقة، وكل هذه الأسباب توضح لماذا تنظم مؤسسة في قلب باريس عشاء للإسرائيليين بحضور وزير متطرف كسموتريتش في ظل إبادة وحرب في غزة ولبنان.

وليس هذه المرة الأولى التي يزور بها سموترتيش فرنسا، أو يشارك في فعاليات تدعم الجيش الإسرائيلي، وكان آخر المواقف اللافتة حضور الرئيس الفرنسي ماكرون لمباراة تجمع فريقي إسرائيل وفرنسا، في محاولة منه لنيل رضى إسرائيل بعد تصريحات أدلى بها ضد قصف إسرائيل لقوات اليونيفيل في لبنان، أشعلت ضده هجوماً كبيراً بعد ما قال: "على إسرائيل أن لا تنسى أنها خُلقت بقرار من الأمم المتحدة".

ورغم المواقف الفرنسية الرسمية المنحازة لإسرائيل، إلا أن المواقف الشعبية الفرنسية تثبت العكس، فاليوم يقف مثقفون ومدنيون يرفضون زيارة سموترتيش، وقبل منع طلاب جامعة ليون الفرنسية رئيسة مجلس النواب الفرنسي يائيل براون بيفيت من دخولها لحرم الجامعة، لاتهامها بالشراكة في الإبادة الجماعية بقطاع غزة، فهي كانت من أوائل المتضامنين مع إسرائيل بعد أحداث 7 أكتوبر وتبنت فوراً الرواية الإسرائيلية.

زيارة سموتريتش تحدٍ لكل أوروبا! 

في ظل إبادة جماعية بقطاع غزة، وعنف متزايد من المستوطنين بالضفة الغربية، يقف سموترتيش اليوم متحدياً للتهديدات الأوروبية بفرض عقوبات عليه نظراً لتطرفه اللامحدود، وسيتوجه بأقدامه إلى دولة أوروبية عريقة كفرنسا، ضارباً بعرض الحائط كل التهديدات بالعقوبات. 

فسبق أن درست دول أوروبية كبريطانيا مثلاً فرض عقوبات على بتسلئيل سموتريتش ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، على خلفية "تصريحات بغيضة" صدرت عنهما.

وقال  رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر: "نحن ننظر في هذا لأن ثمة تصريحات بغيضة بلا شك، بالإضافة إلى تصرفات أخرى -للوزيرين- مثيرة للقلق البالغ في الضفة الغربية وفي جميع أنحاء المنطقة".