بعد تجاوز سقف الإقراض المصرفي للقطاع الحكومي.. البنك الدولي يؤكد على ضرورة ضمان استقلالية سلطة النقد الفلسطينية
خاص اقتصاد صدى: قال تقرير حديث صدر عن البنك الدولي إن النظام المصرفي في فلسطين تجاوز سقف الإقراض الذي حددته سلطة النقد الفلسطينية والبالغ 2.5 مليار دولار، ليصل إلى أعلى مستوى له في السنوات الأخيرة، مؤكداً أن ضمان استقلالية سلطة النقد كمشرفة نهائية على النظام المصرفي بالضفة الغربية وقطاع غزة أمر أساسي لتحقيق الاستقرار المالي والاقتصادي في الأراضي الفلسطينية.
تجاوز سقف الإقراض
وجاء في تقرير البنك الدولي تحت عنوان (آثار الصراع في الشرق الأوسط على الاقتصاد الفلسطيني): أن "استمر تعرض النظام المصرفي للقطاع العام في الزيادة، متجاوزًا السقف البالغ 2.5 مليار دولار أمريكي الذي حددته سلطة النقد الفلسطينية، ليصل إلى أعلى مستوى له في السنوات الأخيرة".
وتابع التقرير: "إن التعرض المرتفع للقطاع المصرفي الفلسطيني للقطاع العام، 2.8 مليار دولار أمريكي اعتبارًا من أكتوبر 2024، هو الأعلى منذ سنوات. في سياق الاضطراب الاقتصادي الواسع النطاق وارتفاع المخاطر".
وأكمل التقرير: "يجب على الجهات التنظيمية المالية إعطاء الأولوية لتقليل كل من التعرض المباشر وغير المباشر للنظام المصرفي للقطاع العام. سيتطلب الحفاظ على نظام مالي مستقر تنظيمات احترازية قوية وإطار إشرافي صارم، مع التركيز بشكل خاص على التفاعل بين التوازنات المالية واستقرار القطاع المالي. إن ضمان استقلالية سلطة النقد الفلسطينية كمشرفة نهائية على النظام المصرفي ومنظمة احترازية في الضفة الغربية وغزة أمر أساسي لتحقيق الاستقرار".
بالإضافة إلى الاقتراض المباشر من الحكومة، زادت قروض البنوك للموظفين العموميين (المضمونة، على الأقل جزئيًا، بالرواتب العامة المتوقعة في المستقبل) من التعرض غير المباشر للقطاع.
ووفق البنك الدولي، تبلغ قيمة اقتراض الموظفين العموميين حوالي 4.6 مليار دولار أمريكي، ما يمثل حوالي 37 في المئة من إجمالي ائتمان القطاع المصرفي. باستثناء القروض المقدمة للسلطة الفلسطينية ومحافظ القروض الاستهلاكية، قام القطاع المصرفي بتقليص أنشطته الإقراضية بشكل كبير، ما أثر بشكل كبير على المقترضين من القطاع الخاص.
وفي عام 2024 (حتى الآن)، حافظ القطاع المصرفي الفلسطيني على موقف متحفظ من المخاطر، حيث ظلت مستويات الإقراض ثابتة مع انخفاض تدريجي في نسبة الائتمان إلى الودائع. حسب التقرير.
استمرار الظروف السلبية قد تؤدي لتآكل رأس المال
وقال تقرير البنك الدولي: "لقد زادت النزاعات من المخاطر على القطاع المالي الفلسطيني، الذي لا يزال قويًا حتى الآن. كان القطاع المالي الفلسطيني تقليديا ركيزة من الاستقرار في مواجهة التحديات الاقتصادية والصدمات السابقة. ومع ذلك، فإن حجم النزاع المستمر وعواقبه الاقتصادية غير مسبوق. بينما لا يزال القطاع المصرفي مدعومًا برؤوس أموال جيدة ونسبة سيولة جيدة، فإنه يواجه زيادة في خسائر الائتمان، وانخفاض حاد في الأرباح، وتحديات تشغيلية معقدة، خاصة في غزة".
وأضاف التقرير: "من المهم أن تحتفظ البنوك الفلسطينية برؤوس أموال قوية واحتياطيات سيولة. واعتبارًا من يونيو 2024، كانت نسبة كفاية رأس المال في القطاع المصرفي (CAR) قوية عند 16.1 في المئة، مع جميع البنوك الـ 13 العاملة التي أبلغت عن نسب كفاية رأس المال فوق 14 في المئة. بالإضافة إلى ذلك، اتخذت البنوك إجراءات لتعزيز المرونة بشكل أكبر، حيث قامت بعض البنوك بزيادة رؤوس أموالها مما رفع قاعدة هذه الأموال إلى 2.1 مليار دولار أمريكي".
سبقت الأزمة الاقتصادية الحالية فترة من التعافي والنمو والربحية في القطاع المالي بعد جائحة كورونا ما وضع القطاع المالي في وضع أفضل لتحمل الصدمات الجديدة. بشكل عام، يُعتبر النظام المالي الفلسطيني حاليًا كافيًا وقويًا، على الرغم من أن استمرار الظروف السلبية قد يؤدي، مع مرور الوقت، إلى تآكل رأس المال. وفق تقرير البنك الدولي.
فريق اقتصاد صدى: البنك الدولي قلق على استقلالية "سلطة النقد"
يرى فريق اقتصاد صدى أن عدم المحافظة على استقلالية سلطة النقد الفلسطينية فيما يتعلق بتلبية الاحتياجات التمويلية للحكومة من خلال القطاع المصرفي يرفع من مخاطر القطاع المصرفي، لأن السلطة لا تستطيع الوقوف ضد "الإفراط في الاقتراض"، خاصة أن سلطة النقد هي الجهة الفنية المنوط فيها تحديد قدرة القطاع المصرفي على الإقراض بما لا يؤثر على متانة القطاع المصرفي المالي، خاصة في مواجهة مخاطر التركز الائتماني والإفراط في الإقراض لقطاعات محددة.
ولولا أن هناك تخوفا لدى البنك الدولي من استقلالية سلطة النقد، لما صرح في أحدث بيان صدر عنه، بشكل واضح حول ذلك، لأن سماح الجهة الرقابية بالإفراط في الاقتراض للقطاع الحكومي، واحد من أهم عوارض عدم استقلالية الجهة الرقابية أمام الحكومة.
وبما أن سلطة النقد وهي الجهة الرقابية الفنية كانت قد حددت سقف الإقراض للقطاع الحكومي عند 2.5 مليار دولار، فلا بد أن هذا التحديد جاء بناءً على دارسة فنية لمدى قدرة القطاع المصرفي على التوسع في التعرض مع القطاع العام بما لا يؤثر على متانة القطاع المصرفي، لكن تم تجاوز السقف ليصل إلى 2.7 مليار دولار تقريباً (وفق بيانات سلطة النقد الفلسطينية على موقعها الإلكتروني). علماً أن الرقم أيام حكومة اشتية السابقة كان عند إعادة هيلكة التمويلات 2.3 مليار دولار.
وحالياً القطاع العام يتوجه لزيادة الاقتراض من القطاع المصرفي بقيمة حوالي مليار شيكل إضافية فوق قيمة المبالغ المشار لها في تقرير البنك الدولي بقيمة 2.8 مليار دولار.
سلطة النقد عندما حددت 2.5 مليار دولار كسقف للاقتراض من البنوك العاملة في فلسطين، جاء ذلك بناء على قدرة القطاع المصرفي على تحمل الإقراض و"التعرض للحكومة"، فهل سيستطيع القطاع المصرفي الفلسطيني تحمل تجاوز ما حددته (الجهة الرقابية) سلطة النقد الفلسطينية بنفسها؟ وهو ما أشار له البنك الدولي بوضوح في تقريره الأخير".
وقانون الموازنة العامة الفلسطينية ينص على منع تجاوز سقف الإقراض، فإذا كانت الحكومة قد اقترضت 2.5 مليار دولار خلال عام معين، لا يسمح لها بأن تقترض أكثر من نفس المبلغ في العام الذي يليه.
بالأرقام.. إقراض القطاع العام
وفي متابعة لبيانات سلطة النقد الفلسطينية رصد اقتصاد صدى أن سقف الإقراض الإجمالي للحكومة الفلسطينية من القطاع المصرفي الفلسطيني حتى نهاية شهر أكتوبر/ تشرين الأول 2024 وصل لـ2.7 مليار دولار تقريباً.
وزادت حسابات الجاري مدين من 586 مليون دولار في أبريل/ نيسان من العام 2024 لـ726 مليون دولار في أكتوبر/ تشرين الأول من العام 2024، أي بزيادة قدرها 23%.
كما زادت القروض من 1765 مليون دولار إلى 1941 مليون دولار، بزيادة قدرها 10%.
وبالنظر إلى نسب نمو المديونية نجد أن الجاري المدين (غالباً ما يتعلق بدفع الرواتب) ازداد 23%، بينما القروض ازداد 10%.
مع العلم أن رصيد الدين الإجمالي الحكومي للحكومة السابقة في نهاية شهر آذار/مارس 2024، كان 2.3 مليار دولار، وبلغ مع الحكومة الحالية ما يقارب 2.7 مليار دولار، أي ما يعادل نسبة نمو 17% في سقف الاقتراض منذ بدء عمل حكومة د.محمد مصطفى.